[8] سيدي أحمد البدوي (...- 675)
[8]
سيدي أحمد البدوي([1])
(...- 675)
الأستاذ الصالح العارف المجذوب، الشارب في المحبَّة من صافي المشروب، بحرُ الفتوح، وساكن السطوح، ذو السرِّ الممنوح، والكرامات العديدة، والإشارات المديدة، الأستاذ الفتى، ساكن طندتا، من لذكره في الأسحار دوي، أبو العباس سيدي أحمد البدوي، فارسُ الأولياء بالديار المصرية والجزائرية القبرصية، المعروف بالأستاذ أبي الفتيان الحسيني النسب، الطاهر الحسب، العلوي الملثَّم، المعتقدُ المعروف المشهور، عُرف بالبدوي لكثرةِ ما كان يتلثَّمُ.
مولده بفاس حرسها الله من كلِّ باس.
وحجَّ أبوه وهو صحبته، فتُوفي في مكَّة، فبقي سيدي أحمد وإخوته، فنشأ بمكَّة وتربّى بها، وعرض عليه أخوه التزويج فامتنع، ثم حَدَثَ له حالٌ في نفسه، فتغيَّرت أحوالهُ، واعتزل الناس، ولزم الصمت، وكان لا يتكلم إلا بالإشارة، ثم قيل له في منامه: أنْ سِرْ إلى طندتا، وبُشِّرَ بحال يكون له. فسار هو وأخوه الشريف حسن رحمه الله تعالى، فدخلا العراقَ وبغداد، وعاد الشريف حسن إلى مكّة، وتخلَّفَ سيدي أحمد، وسار إلى طندتا مسرعًا إلى دار سيِّد البلد، وصَعِدَ إلى السُّطوح، وصارَ يصيح، ويُكثر في الصياح.
وكان يَطوي أربعين يومًا لا يتناول فيها طعامًا ولا شرابًا، وهو شاخصٌ ببصره إلى السماء.
ومكثَ قدّس الله روحه على السُّطوح اثني عشر عامًا.
وحجَّ وزار جدَّه رضى الله عنه، ولما وقفَ تجاه الروضة المطهَّرة أنشأ يقول:
إنْ قيل زُرتم بما رجعتم |
* | يا أكرمَ الرُّسل ما نقول |
فردَّ عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم بحضرةِ الشهود:
قولوا رَجعنا بكلِّ خيرٍ |
* | واجتمع الفرعُ بالأُصول |
إلى آخر القصيدة المعروفة المتداولة بين الصوفية.
كانت صفته رضى الله عنه أكحلَ العينين، طويلَ الذِّراعين، كبيرَ الوجه، طويلَ القامة، قمحي اللون، أقنى الأنف([2])، على أن فيه شامتين.
له كراماتٌ مشهورة، شُهرته تغني عن التعريف عنه، وله أصحابٌ كثيرون، وشطحاتٌ ومشاهدات.
توفي رضى الله عنه يوم الثلاثاء اثني عشر ربيع الأول سنة خمسٍ وسبعين وست مئة، ودُفن بمقامه المعلوم. نفع الله به، وأمدّنا بمدده. آمين.
([1]) أحمد بن علي بن السيد البدوي إبراهيم الحسيني، أبو العباس البدوي، المتصوف، صاحب الشهرة في أصله من المغرب، ولد بفاس 596هـ وطاف البلاد وأقام بمكة، ودخل مصر في أيام الملك الظاهر بيبرس وعظم شأنه في مصر فانتسب إلى طريقته جمهور كبير، وتوفي ودفن بطنطا سنة 675هـ، حيث تقام كل عام سوق عظيمة يفد إليها الناس من جميع أنحاء القطر المصري.
[9] أبو عبد الله الشاطبي (...- 673)