[48] أبو البركات الدردير (...- 1201)
[48]
أبو البركات الدردير([1])
(...- 1201)
البحر الزاخر، والكوكب الساطع الزاهر، أوحد وقته في الفنون العقلية والنقلية، شيخ أهل الإسلام، وبركة الأنام، قطب العارفين، سلالة الماجدين، ذو المآثر والمناقب، الذاكر الناسك، العابد الزاهد، حجة الأولياء، وتاج الأتقياء، قطب دائرة المحققين، وسلطان العلماء العاملين، مفتي العاملين، مفتي الديار، ومالك زمام الأسرار، المجاهد المغازي في سبيل الله، الخاشع العابد الذاكر الأواه، شيخ الطريقين، وواحد الفريقين، أبو البركات سيدنا الشيخ أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي حامد العدوي المالكي الشاذلي الخلوتي الملقب بالدردير.
ولد رضى الله عنه ببني عدي([2])، وحفظ القرآن، وأتمَّ بعض العلوم، وورد الأزهر، وسمع دروس الأشياخ، وبعد أن امتلأ من العلوم الظاهرية، وأسندت إليه رئاسة المالكية، سلك طريق القوم، وشمر عن ساعد الجد، فتلقى طريق الخلوتية، وقطع الأسماء.
قال رضى الله عنه في «رسالته»: لما لقّنني شيخي وقدوتي سيدي شمس الدين سالم الحفناوي رضى الله عنه الذكر، وقد سيقت لي إشارة ربانية قبل الاجتماع به أنّي سأسير بسيره، فلما لقنني الاسم الأول، مكثت نحو ستة أشهر نذكر به حتى أحرق الذكر جسمي، وأذهب لحمي ودمي، حتى صار مجرد جلدي على عظمي.
ولما بلغ رضي الله عنه ونفعنا به الذكر معه منتهاه، وصارت روحانيته ذكرًا في ذكرٍ من ذكرٍ إلى ذكر، صار في هذا المقام لا يعي شيئًا، مع أنه كان يخاطب الناس بأحسن خطاب، وبعد التمام رفع له الحجاب، ونال ما نال، وعد من الرجال، وأشير إليه بالكمال، وغلب عليه حال الوجد والهيام، ونزلت بساحته السادة الأعلام، ثم تحقق وأظهر التحقيقات البديعة، وصارت له أحوال عجيبة.
تلقى طريق الشاذلية والنقشبندية، وسلك بهما، وسلك وربى إخوانًا على الصدق أعوانًا.
كان رضى الله عنه مهذب النفس، كريم الأخلاق، شهدت بفضله أهل مصر، والمغرب، والشام، والعراق، وقصدته سائر العباد من أقصى البلاد، كان رضى الله عنه يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وله في السعي على الخير يد بيضاء.
توفى رضى الله عنه سادس ربيع الأول سنة إحدى ومئتين وألف، وصُلّي عليه بالأزهر، بمشهد حافل، ودُفن بزاويته التي أنشأها بخط الكعكيين بجوار ضريح سيدنا يحيى بن عقب رضي الله عنهما، وضريحه مهبط الزائرين، وكعبة القاصدين، ومحل التجليات، ومركز البركات، ومعه في هذا المقام من الأولياء خليفته بعد وفاته على الفقراء السيد السباعي الكبير، وولده ذو الفضل الغزير، والعالم الكبير رضي الله عنهم أجمعين، ونفع المسلمين بعلومهم وأسرارهم، آمين.
وهذا المشهد المبارك مشهور بالبركات، روضة من رياض الجنان، تفوح من جوانبه روائح المسك، ويقصده القاصي والدان، نفع الله به أمة سيد ولد عدنان، اللهم ثبت قلوبنا على محبتك ومحبة محمد منبع الجود والكرم، وآله وأصحابه وورثته وحزبه. آمين آمين آمين.
([1]) أحمد بن محمد بن أحمد العدوي، أبو البركات الشهير بالدردير. ولد في بني عدي فاضل من فقهاء المالكية، وتوفي بالقاهرة سنة 1201 هـ، وتعلم بالأزهر. من كتبه: «أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك» و «تحفة الإخوان في علم البيان» وغير ذلك. [«الأعلام» (1/244)].
[49] سيدي محمد بن عبد القادر الكوهن (... – 1254)