وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر من أدركه من الصحابة أن يطلبوا منه الاستغفار لهم وقال: هو خير التابعين. وقال لعمر رضى الله عنه: أقره مني السلام! وقال: لو أقسم على الله لأبره. وقال: يقال للعباد يوم القيامة: " ادخلوا الجنة! " ويقال لأويس: قف لتشفع فيشفعه الله في مثل عدد ربيعة ومضر. وكان عمر رضي الله عنه يسأل عنه وفود أهل اليمن. قال ابن عباس: مكث عمر يسأل عن أويس عشر سنين، فأعلم أنه بالكوفة فأرسل إليه بالسلام والقدوم عليه، فقدم عليه وسأله عمر الاستغفار له ففعل. وقيل: إن عمر وعلياً اجتمعا به في عرفات وهو يرعى الإبل فاستغفر لهما. وعرض عليه عمر شيئاً من العطاء فأبى. وكان يسكن الكوفة وكان أهلها يسخرون منه، فلما ظهر أمره اختفى. وكان يحب الخلوة، وجل مواعظه ذكر الموت.
ويقال إنه مات بدمشق وإن قبره في مقابر الجابية وهو ظاهر معروف، وإن هرم بن حيان رآه في مسجد دمشق ملفوفاً في عباءة ميتاً فكشفها عنه فعرفه وكفنه ودفنه. وقال ابن سعد: توفي في خلافة عمر. وقيل: شهد صفين مع علي فقتل، فنظروا فإذا عليه نيف وأربعون جراحةً. وقيل: غزا غزوة أذربيجان فمات، فتنافس أصحابه في حفر قبره فحفروا فإذا بصخرة محفورة ملحودة، وتنافسوا في كفنه فإذا في عيبته ثياب ليست مما نسج بنو آدم فكفنوه فيها ودفنوه في ذلك القبر. وقيل: مات بالجزيرة، وقيل: بسجستان، وقيل: استشهد يوم نهاوند، وقيل: مات وقد خرج غازباً إلى ثغر أرمينية. وقال علقمة بن مرثد الحضرمي: انتهى الزهد إلى ثمانية نفر من التابعين: عامر بن عبد قيس وأويس وهرم بن حيان العبدي والربيع بن خثيم الثوري وأبي مسلم الخولاني والأسود بن يزيد ومسروق والحسن البصري. قال سفيان الثوري: كان أويس يقول: اللهم إني أعتذر إليك من كل كبدٍ جائعةٍ وجسدٍ عارٍ وليس لي إلا ما على ظهري وفي بطني.
عن عبد الله بن سالم قال: غزونا آذربيجان زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومعنا أويس القرني. فلما رجعنا مرض علينا فحملناه فلم يستمسك فمات، فنزلنا فإذا قبر محفور وماء مسكوب وكفن وحنوط. فغسلناه وكفناه وصلينا عليه. فقال بعضنا لبعض: لو رجعنا فعلمنا قبره، فرحنا فإذا لا قبر ولا أثر.
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: نادى مناد يوم صفين، أفي القوم أويس القرني? فوجد في قتلى علي عليه السلام. قال المؤلف: هذا هو الصحيح.
ــــــــــــــــ
*انظر ترجمته في المصادر التالية:
صفة الصفوة (2/210) ، سير أعلام النبلاء (4/19) ، طبقات ابن سعد (6 / 161) ، الحلية( 2 / 79) ، أسد الغابة 1( /151) ، تهذيب التهذيب ( 1 / 386) تاريخ الإسلام(2/173) تهذيب تاريخ دمشق( 3 / 157)، طبقات الصوفية للمناوي (1/210) ، الطبقات الكبرى للشعراني(1/27)، الوافي بالوفيات (9/456).