التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «قال الشيخ رحمه الله تعالى: ومنهم المحث على التزود للآجلة، المنفر عن الاغترار بالعاجلة، أبو عثمان الخراساني عطاء بن ميسرة، كان فقيها كاملا، وواعظاً عاملا، تزود للارتحال، تيقناً للانتقال. وقيل: إن التصوف تبصر في الرشاد، وتشمر للمعاد، وتسابق إلى العتاد».
مناقبه ومروياته:
روي عن الوليد بن مسلم، قال: ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال كنا نغازي مع عطاء الخراساني، فكان يحيى الليل صلاة، فإذا ذهب من الليل ثلثه أو نصفه نادانا وهو في فسطاطه يسمعنا: يا عبد الرحمن ابن یزید بن جابر و یا یزید بن یزید و یا هشام بن ،الغاز و يا فلان و يا فلان، قوموا وتوضئوا
وصلوا، فإن قيام هذا الليل وصيام هذا النهار أيسر من شراب الصديد، ومقطعات الحديد، الوحا الوحا، النجا النجا، ثم يُقبل على صلاته.
وروي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: كنا نغزو مع عطاء الخراساني، فكان يحيي الليل من
أوله إلى آخره إلا نومة السحر.
وروي عن عبد الله بن عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر، قال: حدثني عمي يزيد بن يزيد بن جابر عن عطاء الخراساني: أنه كان يومي في حديثه يقول: إني لا أوصيكم بدنياكم أنتم بها مستوصون وأنتم عليها حراص، وإنما أوصيكم بآخرتكم تعلمن أنه لن يعتق عبد وإن كان في الشرف والمال، وإن قال: أنا فلان ابن فلان حتى يعتقه الله تعالى من النار، فمن أعتقه الله من النار عتق، ومن لم يعتقه الله من النار كان في أشد هلكة هلكها أحد قط، فجدُّوا في دار المعتمل لدار الثواب، وجدوا في دار الفناء لدار البقاء، فإنها سميت الدنيا لأنها أدنى فيها المعتمل، وإنما سميت الآخرة لأن كل شيء فيها مستأخر، ولأنها دار ثواب ليس فيها عمل، فألصقوا إلى الذنوب إذا أذنبتم إلى كل ذنب: اللهم اغفر لي، فإنه التسليم لأمر الله وألصقوا إلى الذنوب: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرا، والحمد لله رب العالمين وسبحان الله وبحمده، ولا حول ولا قوة إلا بالله وأستغفر الله وأتوب إليه ، فإذا نشرت الصحف، وجاء هذا الكلام قد ألصقه كل عبد إلى خطاياه، رجا بهذا الكلام المغفرة، وأذهبت هذه الحسنات سيئاته، فإن الله تعالى يقول في كتابه: ﴿إنَّ الْحَسَنَتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّكِرِينَ﴾ [هود: ١١٤]؛ فمن خرج من الدنيا
بحسنات وسيئات رجا بها مغفرة لسيئاته، ومن أصر على الذنوب واستكبر عن الاستغفار خرج ذلك اليوم مُصرًا على الذنوب مستكبرًا عن الاستغفار، قاصه الحساب وجازاه بعمله إلا من تجاوز عنه المتجاوز الكريم، فإنه لذو مغفرة للناس على ظلمهم وهو سریع الحساب، واجعلوا الدنيا كشيء فارقتموه فوالله لتفارقنها واجعلوا الموت كشيء ذقتموه، فوالله لتذوقنه، واجعلوا الآخرة كشيء نزلتموه فوالله لتنزلنها وهي دار الناس كلهم، ليس من الناس أحد يخرج لسفر إلا أخذ له أهبته، وتجهز له بجهازه ، وأخذ للحر ظلالة، وللعطش مزادا، وللبرد لحافًا، فمن أخذ لسفره الذي يصلحه اغتبط، ومن خرج إلى سفر لم يتجهز له بجهازه ولم يأخذ له أهبته ندم، فإذا أضحى لم يجد ،ظلا، وإذا ظمئ لم يجد ماء يتروى به، وإذا وجد البرد لم يجد لذلك لحافًا، فلا أرى رجلا أندم منه، وإنما هذا سفر الدنيا ينقطع عنه ولا يقيم فيه، فأكيس الناس من قام يتجهز لسفر لا ينقطع، فأخذ في الدنيا لظمأ لا يروى، فمن آواه الله في ظل عرشه لم يضح أبدًا، ومن أضحى يومئذ لم يستظل أبدا، ومن قام فأخذ لري لم يعطش أبدا، فإن من عطش يومئذ لم يرو أبدا، ومن قام فأخذ لكسوته لم يعر أبدا، فإنه من عري يومئذ لم يكس أبدا، لم يأت أحد من الناس ببرائتين واحدة منهن بعد هول المطلع، والثانية في القيام بين يدي الجبار تعالى يقضي في رقاب خلقه ما يشاء، لا شريك له.
وروي عن ضمرة عن ابن عطاء عن أبيه، قال: ذكر عيسى بن مريم هذه الأمة وخفة أحلامهم، وما لهم، من الثواب، قال: فعجب أصحابه من ذلك؛ فقالوا يا روح الله مِمَّ ذاك؟ قال: جرت عند الله على ألسنتهم كلمة استصعبت على الأمم قبلهم؛ يعني: التوحيد، قول: لا إله الا الله.
وروي عن سعيد بن عبد العزيز، قال: كان عطاء الخراساني إذا لم يجد أحدًا يُحدِّثُه أتى المساكين فحدَّثهم.
وروي عن يزيد بن سمرة أبو هزان: أنه سمع عطاء الخراساني يقول: مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام.
وروي عن الوليد بن مسلم، ثنا ابن جابر عن . عطاء الخراساني : أن داود النبي علم قال: يا رب. ما لبني إسرائيل إذا نزل كرب أو شدة، قالوا: يا إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فأوحى الله تعالى إلى داود إن إبراهيم لم يُخيّر بيني وبين شيء قط إلا اختارني عليه، وإن إسحاق جاد لي بمهجته، وإن يعقوب ابتليته ببلاء فما أساء بي ظنا في ذلك البلاء حتى فرجته عنه وكشفته.
الرئيسة