التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «ومنهم: الحاضر الذاكر، الخاشع الصابر، أبو جعفر محمد بن علي الباقر، كان من سلالة النبوة، و ممن جمع حسب الدين والأبوة، تكلم في العوارض والخطرات وسفح الدموع والعبرات، ونهى عن المراء والخصومات. وقيل : إن التصوف التعزز بالحضرة، والتمييز للخطرة.
مناقبه ومروياته:
روي عن خلف بن حوشب عن أبي جعفر محمد بن علي، قال: الإيمان ثابت في القلوب واليقين خطرات، فيمر اليقين بالقلب، فيصير كأنه زبر ويخرج منه فيصير كأنه خرقة بالية.
وروي عن إبراهيم بن نشيط عن عمر - مولى عفرة عن محمد بن علي أنه قال: ما دخل قلب امرئ شيء من الكبر إلا نقص من عقله مثل ما دخله من ذلك قَلَّ ذلك أو كَثُرَ.
وروي عن ابن أبي فديك عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، قال: كنت جالسًا عند خالي محمد بن علي، وعنده يحيى بن سعيد وربيعة الرأي إذ جاءه الحاجب؛ فقال : هؤلاء قوم من أهل العراق، فدخل
أبو إسحاق السبيعي، وجابر الجعفي، وعبد الله بن عطاء، والحكم بن عيينة فتحدثوا، فأقبل محمد على جابر، فقال: ما يروي فقهاء أهل العراق في قوله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمْ بها لَوْلَا أَن رَّءا بُرْهَنَ رَبِّهِ ﴾ [يوسف: ٢٤] ما البرهان؟ قال: رأى يعقوب عاضًا على إبهامه؛ فقال: لا، حدثني أبي عن جدي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه - : أنه هَمَّ أن يحل التكة، فقامت إلى صنم مكلل بالدر والياقوت في ناحية البيت فسترته بثوب أبيض بينها وبينه؛ فقال: أي شيء تصنعين، فقالت: أستحي من إلهي أن يراني على هذه الصورة؛ فقال يوسف علي : تستحين من صنم لا يأكل ولا يشرب، ولا أستحي أنا من إلهي الذي هو قائم على كل نفس بما كسبت، ثم قال: والله لا تنالينها مني أبدا؛ فهو البرهان الذي رأى.
وروي عن سفيان الثوري يقول: سمعت منصورًا يقول: سمعت محمد بن علي بن الحسين بن علي يقول: الغنى والعز يجولان في قلب المؤمن فإذا وصلا إلى مكان فيه التوكل أوطناه.
وروي عن زياد بن خيثمة عن أبي جعفر قال الصواعق تصيب المؤمن وغير المؤمن، ولا تصيب الذاكر.
وروي عن محمد بن الحسين في قوله عز وجل: ﴿أَوْلَئكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ﴾ [الفرقان: ٧٥] قال: على الفقر في دار الدنيا.
وروي عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر في قوله عز وجل:﴿وَجَزَهُم بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ [الإنسان: ۱۲]، قال: بما صبروا على الفقر، ومصائب الدنيا.
وروي عن شريك عن جابر -يعني: الجعفي- قال: قال لي محمد بن علي يا جابر إني لمحزون وإني لمشتغل القلب قلت: ولم حزنك وشغل قلبك؟ قال: يا جابر. إنه من دخل وقلبه صافي خالص دين الله شغله عما سواه، يا جابر ما الدنيا أن تكون؟ هل هي إلا مركب ركبته أو ثوب لبسته أو امرأة أصبتها؟ يا جابر إن المؤمنين لم يطمئنوا إلى الدنيا لبقاء فيها، ولم يأمنوا قدوم الآخرة عليهم، ولم يصمهم عن ذكر الله ما سمعوا بآذانهم من الفتنة ولم يعمهم عن نور الله ما رأوا بأعينهم من الزينة، ففازوا بثواب الأبرار، إن أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤنة، وأكثرهم لك معونة، إن نسيت ذكروك، وإن ذكرت أعانوك، قوّالين بحق الله قوامين بأمر الله، قطعوا محبتهم بمحبة الله عز وجل، ونظروا إلى الله عز وجل وإلى محبته بقلوبهم، وتوحشوا من الدنيا لطاعة مليكهم، وعلموا أن ذلك منظور إليهم من شأنهم فأنزل الدنيا بمنزل نزلت به وارتحلت عنه، أو كمال أصبته في منامك، فاستيقظت وليس معك منه شيء، واحفظ الله تعالى ما استرعاك من دينه وحكمته.
وروي عن أبي يعقوب القوام عبد الله بن يحيى قال: رأيت على أبي جعفر محمد بن علي إزارًا أصفر، وكان يصلي كل يوم وليلة خمسين ركعة بالمكتوبة.
وروي عن حسین بن حسن، قال: كان محمد بن علي يقول: سلام اللئام قبح الكلام.
وروي عن منصور عن أبي جعفر محمد بن علي، قال: لكل شيء آفة، وآفة العلم النسيان.
وروي عن سعد الإسكافي عن أبي جعفر محمد بن علي، قال: عالم ينتفع بعلمه أفضل من ألف عابد.
وروي عن سعد الإسكافي عن أبي جعفر محمد بن علي قال: والله لموت عالم أحب إلى إبليس من موت سبعين عابدًا.
وروي عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، ثنا علي بن موسى الرضا، حدثني أبي موسى بن جعفر، حدثني أبي جعفر بن محمد، حدثني أبي محمد بن علي، حدثني أبي علي بن الحسين ابن علي، حدثني أبي علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنهم- حدثنا رسول الله ﷺ عن جبريل قال : قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ، مَنْ جَاءَنِي مِنْكُمْ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللهُ بِالْإِخْلَاصِ دَخَلَ فِي حِصْنِي، وَمَنْ دَخَلَ فِي حِصْنِي أَمِنَ مِنْ عَذَابِي». هذا حديث ثابت مشهور بهذا الإسناد من رواية الطاهرين عن آبائهم الطيبين، وكان بعض سلفنا من المحدثين إذا روى هذا الإسناد، قال: لو قرئ هذا الإسناد على مجنون لأفاق.
الرئيسة