الشيخ أحمد زروق فقيه جمع بين الحقيقة والشريعة، ولد بمدينة فاس في يوم الخميس الثامن عشر من محرم سنة ست وأربعين وثمانمائة، ونشأ بها يتيما، ولكنه وجد من يكفله ويرعاه ويوجهه للعلم، فانكب على التزود من ينابيع المعرفة بإخلاص وحزم، ولم يكتف بشيوخ مدينة فاس وحدهم، فرحل إلى جهات أخرى راغبا في الاستزادة، هادفا إلى التحصيل، إلى أن وافاه الأجل بليبيا، فدفن بتكرين من عمل طرابلس الغرب عام 899 هـ، ومر في رحلته ببلاد تونس والجزائر وليبيا ومصر ثم وصل إلى الحجاز، وفي كل هاته البقاع كان يستمع إلى العلماء وينتقي منهم ما يطفئ غليله ويقوي ملكته، وأحس أثناء تجواله أن العالم الإسلامي محتاج إلى نوع من الوحدة الروحية المعتمدة على أصول التشريع وقوانين الفقه، لذلك أراد أن يحقق هذه الوحدة في إطار عملي يجمع بين حقيقة الإسلام وحقيقة الإيمان والإحسان، واستطاع بما يملك من قدرات عقلية ومن موسوعة علمية أن يصل إلى مراده وأن يقرب المدلول الصوفي إلى المدلول الفقهي، وأن يبعد عنه كثيرا من مظاهر الغموض والإبهام والالتباس.