هو سكون باطن العبد إلى حصول الملائم بسبب نظره إلى الجود الإلهي ومرجع الرجاء للنفس ومنشأه وجودها ومصدره التماس العبد أثار صفات الجمال الإلهي والرجاء أيضاً من خصوصيات العوام فليس عند الخواص رجاء لما ذكرناه من أن الرجاء مرجعه للنفس وأما قوله عليه السلام: عن: (الوسيلة إنها أعلى درجة في الجنة ولا تكون إلا لرجل واحد وأرجوا أن أكون أنا هو) فإنه أنما أتى تلفظه أرجوا تأدباُ وإلا فهو عين ذلك الرجل الذى له الوسيلة وقد وعده الله بها والله لا يخلف الميعاد فليس عند الخواص إلا أنس وهيبة كما أنه ليس عند العوام إلا رجاء وخوف والراجون على مراتب فمنهم من يرجوا الأمور العزيزة من فضل الله تعالى وهو غير مستعد لها بالأعمال التي تصلح لها فهذا رجل متمن ومنهم من يرجوا الأمور العزيزة من فضل الله وهو يعمل جهده من الأعمال الصالحة لها وهذا رجل متعمل والله أكرم من أن يضيعه ومنهم من يرجوا وليس عنده شيء من الخوف وهذا رجل مغرور لا يبعد أن يكون مستدرجاً كما أن منهم من يخاف وليس عنده شيء من الرجاء وهذا رجل قنوط نعوذ بالله من الحالتين فينبغي أن يكون العبد مع الله بين الخوف والرجاء فقد قيل: (أن الخوف والرجاء للعبد كالجناحين للطائر فإن عدم أحدهما هلك الطائر) وإما قول الشيخ محيى الدين عبد القادر الجيلاني رضى الله عنه:
أصبحت لا أملاُ ولا أمنية ... أرجوا ولا موعوده مرقب
فإنه لمتمحيصه بفناء النفس عن أوصافها البشرية وتحققه بالاتصاف بالأخلاق الإلهية لا لكونه استغنى عن مواهب الله تعالى فليفهم لأنه النفس إذا فنيت زال الخوف والرجاء إذ هما من لوازمها وأعلم أن الأنس هو ما يتجدد للخاصة عند تجليات صفات الجمال الإلهي على قلوبهم المظهرة ذلك.