هى نار لوعة تنقدح عن ميل القلب إلى محبوبه فتحرق ما سواه فلا يبقى لغير المحبوب في القلب وجود والمحبون على أنواع فمنهم من تحرق محبته ما سوا محبوبه وما سواه فيكون المحب في هذه المرتبة باقياً مع محبوبه يناجيه ويكلمه وهذه مرتبة المكلمين وهى لعوام الطائفة ومنهم من تحرق محبته ما سوى المحبوب مطلقاً فتحرق نفسه والمحب أيضاً فيصير فانياً تحت سلطان ظهور المحبوب وهذه مرتبة المصطفين وهى لخواص الطائفة ومنهم من يبقيه الله تعالى بعد الفناء فتكون محبته باقية وهو باقي ببقاء الله فالأول مريد والثاني مراد والثالث كامل وإن شئت قلت الأول مريد والثاني عارف والثالث محقق ويقال إن محبة الأول أراده وإرادة الثاني محبة--- وحبة الثالث هو العشق ومحبة الثالث هو العاشق وأعلم أن العوام ليس عندهم من المحبة الحقيقية شيء فمحبتهم إنما هو ميل القلب لأجل إحسان فهم لا يعرفون ذوق المحبة الذاتية أبداً بل ولا يعرفون المحبة الصفاتية أيضاً لأن المحبة الصفاتية أن تحب الله لكونه أهلاً أن يحب لا لكى تقربك أو تدنيك والمحبة الذاتية هى التي تكون من الرؤية وليس عند العوام شيء من ذلك وإنما عندهم المحبة الفعلية وهى محبة الإحسان وأعنى بالعوام خواص العباد والزكاء والنساك فافهم.