1-تمهيد:
اتفقت جميع الطرق الصوفية على أن الورد اليومي الراتب، فيما عدا ما يؤذن به للسالك من أذكار أخرى، هو استغفار لله، ثم صلاة وسلامًا على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم تكرار الكلمة المشرفة (لا إله إلا الله). فالاستغفار للقلب طهور، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عطر وبخور، والتهليل عبور إلى سراقات النور عسى أن تكون جوابر للنقص والفتور والقصور.
وقد اختارت كل طريقة من كل ذلك صيغة معينة لمزية معينة، وتجربة معينة وعدد معين. ونحن هنا نرود طرفًا مختصرًا من الكتاب والسنة نرويه هنا ليس هو كل الوراد في هذا الباب ولا أكثره، ولكن لعله من أهمه وأنفعه -إن شاء الله-.
2- من فضل الاستغفار:
يقول تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الأنفال:33]، وقال سبحانه: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ﴾ [نوح:10-12]، أي: في الدنيا، ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ [نوح:12]، أي: في الآخرة. والعبد يلج من باب الاستغفار إليهما معًا بفضل لله.
وروى مسلم عن الأغر المزني عنه صلى الله عليه وسلم قال: «إِنِّى لأَسْتَغْفِرُ الله فِى الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ»([1]).
وروى البخاري عن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم: «وَالله إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ الله وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِى الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً»([2]).
وروى البيهقي، والأصبهاني، وابن أبي الدنيا عن أنس قال صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد ولا أمة يستغفر الله في كل يوم سبعين مرة إلا غفر الله له سبعمئة ذنب، وقد خاب عبد وأمة عمل في اليوم والليلة أكثر من سبعمائة ذنب»([3]). فتأمل.
وروى ابن السني عن عائشة قال صلى الله عليه وسلم: «من استغفر الله في يوم سبعين مرة لم يكتب من الكاذبين، ومن استغفر الله في الليلة سبعين مرة لم يكتب من الغافلين».
وهذه الأحاديث الأربعة من أصول الالتزام والمداومة على ورد الاستغفار.
وروى أبو داود عن ابن عباس عنه صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَزِمَ الاِسْتِغْفَارَ جَعَلَ الله لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ»([4]).
وروى الترمذي عن أنس عنه صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالىٰ: «يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ...» ([5]).
وروى أحمد، والحاكم وصححه مرفوعًا: «قال إبليس: وعزتك لا أزال أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم. فقال الله -عز وجل-: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني»([6]). وحسبنا ذلك هنا.
3- الاستغفار العظيم:
وروى أبو داود، والترمذي، وصححه الحاكم على شرط الشيخين عن ابن مسعود عنه صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ الله الْعَظِيمَ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ. غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ»([7]).
وقد صح الترغيب الكثير فيها بعد الصلوات الخمس لما لها من الفضل الكبير.
وروى الترمذي عن أبي سعيد وحسنه عنه صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَها حِينَ يَأْوِى إِلَى فِرَاشِهِ غَفَرَت له ذُنُوبَهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ وَإِنْ كَانَتْ عَدَدَ وَرَقِ الشَّجَرِ وَإِنْ كَانَتْ عَدَدَ رَمْلِ عَالِجٍ -سلسلة جبال بالدهناء بالحجاز- وَإِنْ كَانَتْ عَدَدَ أَيَّامِ الدُّنْيَا»([8]).
4- سيد الاستغفار:
وقد روى البخاري وغيره عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عنه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى سَيِّدِ الاِسْتِغْفَارِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّى لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَنِى وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ لك -أي: أعترف- بِنِعْمَتِكَ عَلَىَّ وأبوء بذنبي، فَاغْفِرْ لِى، فإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ». وفي رواية: «وارحمني فإنك أنت الغفور الرحيم». يقول صلى الله عليه وسلم: «من قالها حين يمسي فمات من ليلته دخل الجنة، ومن قالها حين يصبح فمات من يومه دخل الجنة»([9]).
وصيغتا سيد الاستغفار، والاستغفار العظيم المعروف في ختام الصلاة هما الصيغتان المفضلتان عند الطريقة المحمدية، فلا يصار إلى غيرهما إلا عند الضرورة.
5- من فضل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب:56].
والصلاة من الله: عطاء وغناء. ومن الملائكة: ثناء ورجاء. ومن المؤمنين: دعاء، ووفاء، وولاء. فالصلاة عليه فرض بهذا النص.
وفي الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم معنى الاستشفاع والتوسل إلى الله بحبه صلى الله عليه وسلم. وكل شيء يجوز أن يدخله الرياء إلا حبه صلى الله عليه وسلم فهو عمل قلبي نظيف.
وفي الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم معنى الشكر على نعمة الإسلام بغير اختيار منا لمن كان سببا فيها عليه الصلاة والسلام، ولهذه المعاني وزنها العظيم في العبادة.
وقد روى الترمذي عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَوْلَى النَّاسِ بِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَىَّ صَلاَةً»([10]).
وروى أبو داود عن أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم: «صلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم»([11]).
وروى مسلم عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَىَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا...» ([12])
وفي رواية الطبراني: «ومن صلى علي عشرا صلى الله عليه بها مائة، ومن صلى علي مئة كتب الله بين عينيه براءة من النفاق وبراءة من النار»([13]).
وروى النسائي، والطبراني، والبزار عن أبي بردة قال صلى الله عليه وسلم: «من صلى علي من أمتي صلاة مخلصًا من قلبه صلى الله عليه بها عشر صلوات، ورفعه عشر درجات، وكتب له بها عشر حسنات، ومحا عنه بها عشر سيئات»([14]).
وأخرج ابن منده، وحسنه المديني، عن جابر رضى الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: «من صلى علي في يوم مائة مرة قضى الله له مئة حاجة لآخرته ودنياه»([15]).
وفي المسند عن عبد الله بن عمرو بن العاصي: «من صلى علي مرة واحدة صلى الله عليه بها وملائكته مئة مرة»([16]).
وروى الترمذي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ...» ([17])
وروى أبو داود عن أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم: «البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي»([18]).
وروى ابن السني عن جابر قال صلى الله عليه وسلم: «من ذكرت عنده فلم يصل علي فقد شقى»([19]).
فليس بعد البخل بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم إلا البخل بالشهادة.
وقد ثبت أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تفريج للكروب، وتنوير للقلوب، وغفران للذنوب، ودواء من كل داء نفسي أو عصبي أو روحي أو غيره، ووسلية إلى الله تعالى لا ترد في قضاء جميع حاجات الدنيا والآخرة. وقد جربناها فوجدناها.
6- من فضل الهيللة عمومًا:
الكلمة الشريفة (لاإله إلا الله) يقال لها لغة: التهليل والهيللة. وهي ذكر وقرآن.
قال تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ﴾ [محمد:19].
وقال تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح:29].
وهكذا نجد أن ألفاظ الشهادتين ذكر وقرآن في وقت معًا، فالمتعبد بهما جامع للفضيلتين: فضيلة الذكر، وفضيلة القرآن.
وقد روى أبو يعلى عن أنس مرفوعًا: ما من عبد قال لا إله إلا الله في ساعة من ليل أو نهار إلا طمست ما في صحيفته من السيئات، حتى تسكن إلى مثلها من الحسنات([20]).
ونقل السيوطي من طرق متعددة عن علي رضى الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: «أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله، ولو أن السموات السبع والأرضين السبع وضعن في كفة ولا إله إلا الله في كفة لرجحت لا إله إلا الله، يا علي لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول لا إله إلا الله».
وفي رواية مسلم: «من يقول الله الله».
وروى الطبراني في الأوسط والكبير عن زيد بن أرقم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال لا إله إلا الله مخلصًا من قلبه دخل الجنة». قيل: وما إخلاصها؟ قال: «أن تحجزه عن محارم الله»([21]).
وهذه الرواية تفسر رواية: «وإن زنى وإن سرق».
وروى البخاري ومسلم -واللفظ له- عنه صلى الله عليه وسلم قَال: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله صدقًا من قلبه حَرَّمَ الله عَلَيْهِ النَّارَ»([22]).
وفي رواية البخاري زيادة: «صدقًا من قلبه». فإن هذا الصدق يحجزه عن المحارم فيكون أهلًا للجنة.
وفي الحديث الثابت قال - صلى الله عليه وسلم -: «جددوا إيمانكم، قولوا لا إله إلا الله»([23]).
وفي شرح المناوي على الجامع الصغير عن علي الرضا عن أبيه موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه علي زين العابدين عن أبيه الإمام الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن ربه تعالى يقول: «لا إله إلا الله حصني، فمن قالها دخل حصني، ومن دخل حصني أمن عذابي»([24]).
قال الإمام أحمد: «لَوْ قُرِئَ هَذَا الإِسْنَادُ عَلَى مَجْنُونٍ لَأَفَاقَ»([25]).
وقال الإمام القشيري: إن بعض أمراء بني ساسان كتبه بالذهب، وأوصى أن يدفن معه تبركًا.
وفي الباب ما لا يحصى من الترغيب في هذا الذكر، فضلًا عما يجده الذاكر من المتعة الروحية، ومشاهد الأذواق والتجليات الخاصة بأهل الله.
7- من فضل التهليل الكامل أو سيد التهليل:
روى أحمد، والنسائي، وابن حبان في صحيحه، والطبراني عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ إِذَا أصْبَحَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي ويُمِيتُ، بِيِدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ كُتِبَ لَهُ بِهِنَّ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَمُحِيَ عَنْهُ بِهِنَّ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ وَرُفِعَ لَهُ بِهِنَّ عَشْرُ دَرَجَاتٍ وَكُنَّ لَهُ عَدْل عَشْر رَقَبَات، وَكُنَّ لَهُ حِرْزًا حَتَّى يُمْسِي وَمَن قَالَها إذا صَلّى الْمَغْرِبِ دُبرَ صَلاَتِهِ فَمِثْلُ ذَلِكَ حَتَّى يُصْبِح»([26]).
وروى نحوه أبو داود، وابن ماجه بسند جيد قال فيه: «إذا أصبح، وإذا أمسى».
وفي رواية في فضلها: «كتب له بها عشر حسنات موجبات، ومحي عنه عشر سيئات موبقات، وكن له بعدل عشر رقبات مؤمنات».
وفي رواية: «وحرزًا من كل مكروه، ولم يلحقه في ذلك اليوم ذنب إلا الشرك بالله؛ إذ إنه متى تحقق التوحيد كف عن المحارم ما استطاع».
وفي رواية: «وكان له بكل مرة عتق رقبة من ولد إسماعيل، ثمن كل رقبة كذا ألفًا».
وفي رواية: «وكان من أفضل الناس عملًا إلا رجلا يفضله، يقول أفضل مما قال». وفي رواية: «وأجاره الله من الشيطان».
وفي أخرى: «ولم يعمل يومئذ عمل يقهرهن. أي: يذهب أجرهن».
وفي رواية الطبراني عن ابن عمر: «من قالهما أدخله الله جنة النعيم».
وفي رواية صحيحة: «من قالها أربع مرات أعتق رقبته من النار».
وفي رواية ابن السني عن أبي أمامة مرفوعًا: «من قالها حين يهب من نومه غفر الله له ذنوبه، وإن كان مثل زبد البحر».
وروى البخاري ومسلم مرفوعًا: «مَنْ قَالَها فِى يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ. كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِىَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْه» ([27]). وللنسائي نحوه.
وفي رواية للنسائي عن يعقوب: «من قالها مائة مرة مخلصًا بها روحه، ومصدقًا بها قلبه نظر الله إليه، وحق لمن نظر الله إليه أن يعطيه سؤله».
وروى ابن ماجه، وابن أبي الدنيا، والترمذي، والحاكم وصححه كما وثقه المنذري عن عمر بن الخطاب مرفوعًا: «من دخل السوق فقالها كتب له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة»([28]). وفي وراية: وبني له بيت في الجنة.
قلت: ولعل ذلك لأنه يُنَبِهُ الغافلين، ويُذَكِّرُ المخالفين لأمر الله في البيع والشراء وأنواع المعاملات؛ فتتحصل له هذه الأجور.
وأيضًا لعل اختلاف مراتب الأجور راجع إلى اختلاف مراتب النيات، وحسن الأدب، وتمام التوجه، وصدق اليقين: ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾ [الأنعام:132]. وكلها روايات ثابة بحمد لله، ولا مطعن عليها لطاعن على الإطلاق، إلا أن يكون من أعداء ذكر الله، وما أكثرهم في المتمسلفين.
8- بعض الزيادات في هذا التهليل:
وقد جاء في رواية النسائي، وأحمد زيادة: «يحي ويمت».
ولابن أبي الدنيا في صيغة قريبة: «وهو حي لا يموت». أيضًا.
وفي رواية الطبراني، وابن أبي الدنيا زيادة: «بيده الخير».
وكلها جاءت في روايات أخرى لا خلاف عليها ثبوتًا وثناء على الله، والجمع بينها أكمل وأفضل.
9- التهليل الكامل بعد المغرب والفجر:
وقد جاء في حديث شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الأشعري عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ وَيَثْنِيَ رِجْلَهُ مِنْ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُو عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكَانَتْ حِرْزًا مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَحِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَلَمْ يَحِلَّ لِذَنْبٍ يُدْرِكُهُ إِلاَّ الشِّرْكَ، وَكَانَ مِنْ أَفْضَلِ النَّاسِ عَمَلًا إِلاَّ رَجُلًا يَفْضُلُهُ يَقُولُ أَفْضَلَ مِمَّا قَالَ». أخرجه أحمد، والطبراني في الأوسط([29]).
وشهر بن حوشب ثقة عند الجمهور.
ولهذا أصبح وردًا عند أكثر الصوفية السلفيين وبخاصة أهل الطريقة المحمدية، فإنهم يحرصون عليه جماعة وفرادى بعد الفجر والمغرب.
ولتكملة ورد ما بعد المغرب والفجر يتلى بعد التهليل الكبير ما جاء في حديث الْحَارِثِ بن مسلم التَّمِيمِىَّ قَالَ: قَالَ لِى النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ فَقُلْ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ: اللَّهُمَّ أَجِرْنِى مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ مِنْ يَوْمِكَ ذَلِكَ كَتَبَ الله -عَزَّ وَجَلَّ- لَكَ جِوَارًا مِنَ النَّارِ. وَإِذَا صَلَّيْتَ الْمَغْرِبَ فَقُلْ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ: اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، اللَّهُمَّ أَجِرْنِى مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ تِلْكَ كَتَبَ الله -عَزَّ وَجَلَّ- لَكَ جِوَارًا مِنَ النَّارِ».
أخرجه أحمد، وأبو داود، والنسائي بسند جيد([30]).
وهناك رواية ليس فيها: «اللهم إني أسألك الجنة».
وقد رخص الإمام في هاتين الصلاتين ألا يلتفت إلى الناس إلا بعد أداء هذا الذكر.
10- التهليل الكامل دبر كل صلاة:
وجاء في حديث عبد الله بن الزبير قال كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا سَلَّمَ في دبر الصلاة أو الصلوات يَقُولُ: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِالله، لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، لاَ نَعْبُدُ إِلاَّ إِيَّاهُ، أَهْلَ النِّعْمَةِ وَالْفَضْلِ وَالثَّنَاءِ الْحَسَنِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ».
أخرجه أحمد، والشافعي، ومسلم، وأبو داود، والنسائي([31]).
وجاء من حديث المغيرة بن شعبة أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ مكتوبة: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ». أخرجه أحمد والشيخان([32]).
ولا بأس أن يضيف إلى ذلك بعض ما ورد من أذكار النبي صلى الله عليه وسلم كالذي جمعه الإمام ابن زروق في وظيفته، أو كالذي يتعبد به السادات الصوفية السلفية في ختام الصلوات فأكثره صحيح وارد مستحب.
11- من فضل التسبيح:
بين الله فض التسبيح حثًا عليه في قوله تعالى عن يونس: ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [الصَّافات:143-144].
ولفضل التسبيح جعله الله تعالى شغل ملائكته: ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾ [الأنبياء:20 ]. ولهذا خص حبيبه المصطفى بمزيته فقال: ﴿وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾ [طه:130]، فجعل من الأثر الروحي للتسبيح حصول الرضى، ولا يحصل الرضى إلا ببلوغ المنى في الآخرة والأولى.
ولأمر ما ذكر تسبيح اسم الله مضافًا إلى صفتي التعالي والعظمة والعزة، فقال تعالى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى﴾ [الأعلى:1]. ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيمِ﴾ [الواقعة:74]، ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [الصَّفات:180] ففيها رمز وإشارة لأولي الألباب، وفيها من ومضات التجلي الشيء الكثير.
والتسبيح هو منتهى التقديس، والتنزيه، والتمجيد. وهو ذكر، وعلاج، ورياضة.
وفي الصحيحين قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِى الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ الله الْعَظِيمِ»([33]).
وفي مسلم: «أنهما أحب الكلام إلى الله وأفضله»([34]). أي: بعد القرآن.
وفي الصحيحين أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَالَ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ. فِى يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ»([35]).
12- التسبيح بعد الصلوات:
وفي مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَبَّحَ الله فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَحَمِدَ الله ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَكَبَّرَ الله ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ فَتِلْكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ»([36]). وفي الحديث: «لا يَضُرُّكَ بِأَيّهَا بَدَأْتَ».
وفي حديث آخر جواز تلاوتها مجتمعة في ختم الصلاة، فيقول: (سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر) متصلة (33) مرة.
قلنا: وقد صحت رواية التسبيح، والتحميد، والتكبير بعد الصلاة من كل واحدة خمسة وعشرين مرة، غير أنه إن فعل ذلك هلل كذلك خمسة وعشرين مرة فتلك مئة.
رواها أحمد، والنسائي، والدارمي بسند صحيح.
وعند مسلم صح أن يجعل التسبيح والتحميد بعد الصلاة من كل واحدة أحد عشرة مرة أو عشر مرات، فهي ثلاثون أو ثلاثًا وثلاثون مرة.
ومفهومنا أن ذلك محكوم بسعة الوقت وضيقه، فإن وسع الوقت لمئة فعلها، وإلا جنح إلى ما دون ذلك حتى لا يدع هذا الفضل العظيم؛ فهي بعد الصلاة أشبه بجوابر النقص فيها وبالعمل الصالح الذي يرفعها إلى ربها.
ثم لفضل التسبيح، والتحميد، والتكبير أذن النبي صلى الله عليه وسلم به ابنته فاطمة أن تلازمه عند النوم، حيث يسترخي الجسم، وتنشط الروح، فيكون أدنى إلى التحقق بهذا السر.
وحديث (أهل الدثور) في هذه الصيغة معروف مشهور([37]).
13- الذكر الجامع أو سيد التسبيح:
وهناك التسبيح الكبير الذي يسميه المحمديون (الذكر الجامع) أو (سيد التسبيح)، وهو من أصول تعبداتهم النافلة مع (التهليل الكامل) أو (سيد التهليل). يلازمونه بعد سيد الاستغفار في كل مناسبة كشعار وخصيصة لوفرة ما ورد في الحث عليهما من أحاديث ثابتة في أعلى درجات الندب والترغيب كما رأيت.
والتعبد بالجمع بين هاتين الصيغتين (سيد التسبيح) و(سيد التهليل) جاء بالنص في البخاري عن عبادة بن الصامت عنه صلى الله عليه وسلم مبشرًا من جمع بينهما باستجابة دعائه، وقبول صلاته...إلخ.
وقد روى أحمد، والحاكم، والضياء، وصححه السيوطي في التسبيح الكامل قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الله اصْطَفَى مِنَ الْكَلاَمِ أَرْبَعًا: سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، وَالله أَكْبَرُ، فَمَنْ قَالَ سُبْحَانَ الله كَتَبَ الله لَهُ عِشْرِينَ حَسَنَةً أَوْ حَطَّ عَنْهُ عِشْرِينَ سَيِّئَةً، وَمَنْ قَالَ الله أَكْبَرُ فَمِثْلُ ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله فَمِثْلُ ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ كُتِبَتْ لَهُ ثَلاَثُونَ حَسَنَةً، وَحُطَّ عَنْهُ ثَلاَثُونَ سَيِّئَةً»([38]).
وقَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَخَلْتُم الْمَسْجِد فَارْتَعُوا». قيلَ: وَمَا الرَّتْعُ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: «سُبْحَانَ الله وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَالله أَكْبَرُ»([39]).
وروى الطبراني، والنسائي، والحاكم -وصححه- عن أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم: «خُذُوا جُنَّتَكُمْ»، بضم الجيم وتشديد النون المفتوحة، يعني: وقايتكم وعدتكم، قالوا: يَا رَسُولَ الله، أعَدُوٍّ حَضَرَ؟ قَالَ: «لاَ جُنَّتَكُمْ مِنَ النَّارِ، قُولُوا: سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَلا إِلَهَ إِلاَّ الله، وَالله أَكْبَرُ، فَإِنَّهَا يَأْتِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُنْجِيَاتٍ وَمُعَقِّبَاتٍ -يعني حافظات ومحيطات-، وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ»([40]).
وفي رواية البزار عن أبي المنذر قال صلى الله عليه وسلم: «أكثروا من: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله فإنها ممحاة للخطايا». قال الرواي: أحسبه قال: «موجبة للجنة»([41]).
وفي مسلم عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ الْكَلاَمِ إِلَى الله أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، وَالله أَكْبَرُ. لاَ يَضُرُّكَ بَأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ...» ([42]).
وفيه عن أبي هريرة: أن هذه الكلمات أحب إليه صلى الله عليه وسلم مما طلعت عليه الشمس وغربت([43]).
وفي الترمذي عن ابن مسعود أن نبي الله إبراهيم قال للنبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء: «... يَا مُحَمَّدُ، أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلاَمَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ، عَذْبَةُ الْمَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، يعني: أرض غير مزروعة، وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، وَالله أَكْبَرُ»([44]).
ومن الطرائف في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَرْوِ حَدِيثًا عَنْ بَشَرٍ أبدًا إلا هذا الحديث([45]) رواه عن جده إبراهيم، وفيه فضل مزية جديدة لهذا الذكر العظيم.
وروى الطبراني عن أبي الدرداء قال صلى الله عليه وسلم: «قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فإنهن الباقيات الصالحات، وهن يحططن الخطايا كما تحط الشجرة ورقها»([46]).
وفي رواية ابن ماجه عن أبي هريرة مرفوعًا: «مَن قَالها يُغْرَسْ لَهُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ»([47]).
وفي مسلم عن أبي ذر مرفوعًا: «... فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ...» ([48]).
وفي رواية ابن السني وآخرون زيادة: «وتبارك الله».
وفي رواية ابن عاصم، وأبي يعلى، وابن السني زيادة: «وأستغفر الله». فتكون الصيغة الكاملة لهذا الذكر الجامع أخذًا من كل الروايات هي: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، وتبارك الله، وأستغفر الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم). فقد جمعت الخير من كل الأطراف.
واستقصاء الوراد في الندب إلى لزوم هذا الذكر يوشك ألا ينتهي بما له من الخصائص والميزات، التي ربما غفل عن التخصص لها والاختصاص بها بعض ساداتنا من سلف الصوفية، فكأن الله ادخرها خصيصة مباركة للطريقة المحمدية، فجعلت (سيد التسبيح) و(سيد التهليل) من أكبر أركان الذكر الفردي والجماعي بها ولله الحمد والمنة.
([3]) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان: (442/1 رقم 652)، والخطيب البغدادي في تاريخه: (392/6)، والديلمي: (17/4 رقم 6049)، وعزاه المنذري في الترغيب والترهيب: (311/2) للبيهقي، والأصبهاني، وابن أبي الدنيا.
([6]) أخرجه أحمد: (29/3، 76)، والحاكم: (290/4) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدَرِيِّ، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
([7]) أخرجه أبو داود: (1517)، والترمذي: (3577) عن زياد والد يسار وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
([16]) أخرجه أحمد: (187/2) بلفظ: مَنْ صَلَّى عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة صَلَّى الله عَلَيْهِ وَمَلاَئِكَتُهُ سَبْعِينَ صَلاَةً فليقل عبد من ذلك أو ليكثر.
([23]) أخرجه الحاكم: (285/4)، وعبد الحميد في مسنده (417/1) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
([25]) تاريخ أصبهان: (174/1). وجاء هذا –أيضًا- عن عبد السلام بن صالح أبي الصلت الهروي كما في ابن ماجه: (65).
([29]) أخرجه أحمد: (227/4). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: (139/10): رجاله رجال الصحيح غير شهر بن حوشب وحديثه حسن.
([32]) أخرجه البخاري: (844)، ومسلم برقم: (137/593)، وأحمد: (245/4). ومعنى: «وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ»: قال ابن الأثير في النهاية: أي لا ينفع ذا الغِنَى مِنْكَ غِنَاهُ، وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ الإِيمَانُ وَالطَّاعَةُ.
([34]) أخرجه مسلم: (85/2731) عَنْ أَبِي ذَرٍّ بلفظ: «إِنَّ أَحَبَّ الْكَلاَمِ إِلَى الله سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ».
([37]) أخرجه البخاري: (843) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ الْفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِىِّ فَقَالُوا ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنَ الأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلاَ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا ، وَيَعْتَمِرُونَ ، وَيُجَاهِدُونَ ، وَيَتَصَدَّقُونَ قَالَ: «أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ بِأَمْرٍ إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ... تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ ، وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ». فَاخْتَلَفْنَا بَيْنَنَا فَقَالَ بَعْضُنَا نُسَبِّحُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَنَحْمَدُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَنُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ. فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: «تَقُولُ سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالله أَكْبَرُ، حَتَّى يَكُونَ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ». ومعنى (الدثور) قال ابن الأثير: الدُّثُورِ: جمع دَثْرٍ، وهو المالُ الكثير.
([39]) أخرجه الترمذي: (3509) عن أبي هريرة } قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا». قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: «الْمَسَاجِدُ». قُلْتُ: وَمَا الرَّتْعُ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: «سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، وَالله أَكْبَرُ».
([40]) أخرجه ابن أبي شيبة: (92/6 رقم 1985)، والنسائي في الكبرى: (212/6 رقم 10684)، والحاكم: (725/1 رقم 1985)، والطبراني في الأوسط: (289/3 رقم 3179).
([43]) أخرجه مسلم: (32/2695) بلفظ: «لأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ الله وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَالله أَكْبَرُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ».
([45]) وروى -أيضًا- حديث الجساسة عن تميم الداري كما في مسلم عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ حَدَّثَنِي تَمِيمٌ الدَّارِيُّ أَنَّ أُنَاسًا مِنْ قَوْمِهِ كَانُوا فِي الْبَحْرِ فِي سَفِينَةٍ لَهُمْ فَانْكَسَرَتْ بِهِمْ فَرَكِبَ بَعْضُهُمْ عَلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ فَخَرَجُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ». وَسَاقَ الْحَدِيثَ.