الحمد لله الذي تفرد بالبقاء والكمال، وقسم بين عباده الأرزاق والآجال. وجعلهم شعوبًا وقبائل ليتعارفوا، وملوكًا وسوقة ليتناصفوا، وبعث الرسل مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة. وختمهم بخير البرية. وأشهد أن لا إله إلا الله على الإطلاق. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث إلى أهل الآفاق. المنعوت بتهذيب الأخلاق ومكارم الأعراق صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه صلاةً وسلامًا متعاقبين إلى يوم التلاق.
أما بعد:
فإن سير الأعلام وتاريخهم من أقوى مصادر القوة الإيمانية والعاطفة الدينية، التي لا تزال هذه الأمة تقتبس منها شعلة الإيمان، وتشعل بها مجامر القلوب التي يسرع انطفاؤها وخمودها في مهب الرياح والعواصف المادية، والتي إذا انطفأت فقدت هذه الأمة قوتها وميزتها، وأصبحت جثة هامدة تحملها الحياة على أكتافها.
وقد جمع هذا الكتاب من أخبار الطبقات الشاذلية وسيرهم وقصصهم وحكاياتهم ما يندر وجوده في كتاب واحد؛ لأنه اقْتُبس من كتب كثيرة، لذلك جاء هذا الكتاب يصور تلك العصور ويمثل حياة الشاذلية وأخلاقهم وخصائصهم وخواطرهم؛ لأن الكتاب صورة نفسية للمؤلف وقطعة من قلبه، وإنه يؤثر بقدر ما يكتبه المؤلف عن عقيدة واقتناع، وبقدر ما يعيش في مادته ومعناه.
وقد قسم المؤلف كتابه هذا إلى مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة:
الفصل الأول: فيما يتعلق بفضائلهم ومناقبهم، ومحبتهم، وتوقيرهم وزيارة أضرحتهم، والتبرك بلقائهم مما دلت به الأحاديث والأخبار.
الفصل الثاني: فيما يتعلق بتراجمهم ومناقبهم.
الفصل الثالث: في ذكر مشايخه الذين اجتمع بهم وحصلت له بركتهم من العقد الثالث إلى الرابع عشر وما يليه.
الخاتمة: في قصيدة: «التوسلات العلية برجال الطائفة الشاذلية».
ترجمة للمصنف
الكوهن (... بعد 347 =. .. بعد 1928م)
- المؤرخ المغربي، الفقيه المالكي الحسن بن محمد بن قاسم، أبو علي الكوهن التازي.
- من فقهاء المالكية من أهل فاس، كان يعمل في تجارة الكتب وجمع لنفسه مكتبة خاصة حافلة بالنفائس ووقفها على الزاوية الفتحية بخوخة السويقة في الرباط.
- وجاور بالحجاز، وله كتب، منها:
1- «طبقات الشاذلية الكبرى» ويسمى «جامع الكرامات العلية في طبقات الشاذلية» وهو الذي بين أيدينا.
2- «إعلام السائلين عمن أقبر بمصر من صحابة سيد المرسلين».
3- «تحفة الصلوات» المسمى بـ «معارج الوصول إلى نفحات الرسول».
4- «تحفة الراغبين ونزهة الطالبين في خواص قصيدة الأستاذ شرف الدين».
- توفي رحمه الله بعد سنة 347هـ.