ابو محمد رويـم بن أحمد
بغدادي ، من جلة المشايخ .
مات سنة ثلاث وثلاث مئة رحمة الله .
وكان مقرئاً فقيها على مذهب داوود .
قال رويـم : ( من حكم الحكيم أن يوسع على إخوانه في الأحكام ، ويضيق على نفسه فيها ، فإن التوسعة عليهم اتباع العلم ، والتضييق على نفسيه من حكم الورع ) (1)
سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي يقول : سمعت عبد الواحد بن بكر يقول : سمعت أبا عبد الله بن خفيف يقول : سألت رويماً فقلت : أوصني ، فقال : ما هذا الأمر إلا بذل الروح ، فإن أمكنك الدخول فيه مع هذا ، وإلا فلا تشتغل بتزهات الصوفية (2)
وقال رويـم : ( قعودك مع كل طبقة من الناس أسلم من قعودك مع الصوفية ؛ فإن كل الخلق قعدوا على الرسوم، وقعدت هذه الطائفة على الحقائق ، وطالب الخلق كلهم أنفسهم بظواهر الشرع ، وطالب هؤلاء أنفسهم بحقيقة الورع ومداومة الصدق ، فمن قعد معهم وخالفهم في شيء مما يتحققون به .. نزع الله نور الإيمان من قلبه ) (3)
وقال رويـم : اجتزت ببغداد وقت الهاجرة ببعض السكك وأنا عطشان ، فاستسقيت من دار ، ففتحت صبية بابها ومعها كوز ، فلما رأتني .. قالت : صوفي يشرب بالنهار !! فما أفطرت بعد ذلك قط (4)
وقال رويـم : إذا رزقك الله المقال والفعال، فأخذ منك المقال وأبقى عليك الفعال .. فإنها نعمة، وإذا أخذ منك الفعال وأبقى عليك المقال ، فإنها مصيبة ، وإذا أخذ منك كليهما .. فهي نقمة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه السلمي في ( طبقاته ) (ص 181 ) ، وفي غير ( د ) : ( نفسك ) بدل ( نفسه ) .
(٢) رواه السلمي في ( طبقاته ) (ص 183 ) ، وأبو نعيم في ( الحلية ) (10/297)، وزاد : ( فان أمرها هذا مبني على الأصول ) ، والترهات : جمع ترهة ، وهي الباطل، أو الطريق غير الجادة .
(۳) رواه السلمي في ( طبقاته ) ( ص ۱8۲ ) ، وفيه تعظيم شأن الصوفية ، وبيان المراد من الخبر الذي قبله .
(4) رواه الطوسي في ( اللمع ) ، ( ص 217) .