هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «ومنهم: المبشر المحزون المستتر المخزون، تجرد من النلاد)، وتشمر للمهاد، وقدم العتاد للمعاد، واعتزل عن العباد، العلاء بن زياد وقد قيل: إن التصوف الارتياد والاجتهاد، لذل الانقياد في عز الاعتماد».
مناقبه ومروياته:
روي عن حميد بن هلال، قال: دخلت مع الحسن على العلاء بن زياد العدوي وقد سله الحزن، وكانت له أخت تندف عليه القطن غدوة وعشية، فقال له الحسن: كيف أنت يا علاء؟ فقال: واحزناه على الحزن، قال الحسن : قوموا فإلى هذا والله انتهى استقلال الحزن.
وروي عن سعيد عن قتادة، قال: ثنا العلاء بن زياد أن رجلا كان يرائي بعمله، فجعل يشمر ثيابه ويرفع صوته حتى إذا ما قرأ، فجعل لا يأتي على أحد إلا سبه ولعنه، ثم رزقه الله تعالى يقينًا بعد ذلك فخفض من صوته، وجعل صلاته فيما بينه وبين ربه تعالى، فجعل لا يأتي بعد ذلك على أحد إلا دعا له بخير وشمت عليه.
وروي عن أوفى بن دلهم، قال: كان للعلاء بن زیاد مال ورقيق، فأعتق بعضهم، ووصل بعضهم، وباع بعضهم ، وأمسك غلامًا أو اثنين يأكل غلتهما، فتعبد فكان يأكل كل يوم رغيفين، وترك مجالسة الناس، فلم يكن يجالس أحدًا، يصلي في الجماعة ثم يرجع إلى أهله، ويجمع ثم يرجع إلى أهله، ويشيع الجنازة ثم يرجع إلى أهله، ويعود المريض ثم يرجع إلى أهله، فضعف فبلغ ذلك إخوانه فاجتمعوا فأتاه أنس بن مالك والحسن والناس وقالوا: رحمك الله أهلكت نفسك لا يسعك هذا، فكلموه وهو ساكت حتى إذا فرغوا من كلامهم، قال: إنما أتذلل الله تعالى لعله يرحمني.
وروي عن هشام بن حسان أن العلاء بن زياد كان قوت نفسه رغيفا كل يوم، وكان يصوم حتى نحضر ، ويصلي حتى يسقط، فدخل عليه أنس بن مالك والحسن، فقال: إن الله تعالى لم يأمرك بهذا كله فقال: إنما أنا عبد مملوك لا أدع من الاستكانة شيئًا إلا جئته به .
وروي عن حميد بن هلال يُحدّث عن العلاء بن زياد، قال: رأيت الناس في النوم يتبعون شيئًا فتبعته، فإذا عجوز كبيرة هتماء عوراء عليها من كل حلية وزينة، فقلت: ما أنتِ؟ قالت: أنا الدنيا، قلت: أسأل الله تعالى أن يبغضك إليَّ، قالت: نعم إن أبغضت الدراهم.
وروي عن ابن سوید، قال: قال العلاء بن زياد لا تتبع بصرك رداء المرأة، فإن النظر يجعل في القلب شهوة.
وروي عن هشام بن زياد - أخو العلاء بن زياد- قال: كان العلاء بن زياد يحيي كل ليلة جمعة، فوجد ليلة فترة، فقال لامرأته: يا أسماء إني أجد فترة، فإذا مضى كذا وكذا فأيقظيني قالت نعم فأتاه آتٍ في منامه فأخذ بناصيته، فقال: يا ابن زیاد. قم فاذكر الله يذكرك، قال: فقام فما زالت تلك الشعرات التي أخذها منه قائمة حتى مات رحمة الله.
وروي عن قتادة، قال: كان العلاء بن زياد العدوي يقول : لينزل أحدكم نفسه أنه قد حضره الموت فاستقال ربه تعالى نفسه فأقاله؛ فليعمل بطاعة الله عز وجل.
وروي عن هشام بن حسان، قال: كنت أمشي خلف العلاء بن زياد العدوي، فكنت أتوقى الطين قال: فدفعه إنسان فوقعت رجله في الطين فخاضه، فلما وصل إلى الباب ،وقف فقال: رأيت يا هشام؟ قلت نعم قال: كذلك المرء المسلم يتوقى الذنوب، فإذا وقع فيها خاضها.
وروي عن قتادة عن العلاء بن زياد أنه قال: إنما نحن قوم وضعنا أنفسنا في النار، إن شاء الله أن يخرجنا منها أخرجنا.