التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «فمن هذه الطبقة: علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم- زين العابدين، ومنار القانتين، كان عابدًا وفيا، وجوَّادًا حفيًّا. وقيل: إن التصوف حفظ الوفاء، وترك الجفاء».
مناقبه ومروياته:
روي عن العتبي، قال: ثنا أبي، قال: كان علي بن الحسين إذا فرغ من وضوئه للصلاة، وصار بين وضوئه وصلاته أخذته رعدة ونفضة، فقيل له في ذلك؛ فقال: وَيْحَكُم. أتدرون إلى من أقوم؟ ومن أريد أن أناجي؟.
وروي عن جعفر عن أبيه: أن علي بن الحسين قال: يا بني لو اتخذت لي ثوباً للغائط، رأيت الذباب يقع على الشيء ثم يقع علي، ثم انتبه فقال : فما كان لرسول الله ﷺ ولا لأصحابه إلا ثوب؛ فرفضه.
وروي عن جرير عن عمرو بن ثابت، قال: كان علي بن الحسين لا يضرب بعيره من المدينة إلى مكة.
وروي عن فضيل بن غزوان، قال: قال لي علي بن الحسين: من ضحك ضحكة مَجَّ تجة من العلم.
وروي عن أبي جعفر عن علي بن الحسين، قال: إن الجسد إذا لم يمرض أشر، ولا خير في جسد يأشر .
وروي عن قاسم بن إبراهيم العلوي، قال: حدثني أبي عن جعفر بن محمد عن أبيه، قال: قال علي بن الحسين: فقد الأحبة غربة، وكان يقول : اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في لوائع العيون علانيتي، وتقبح في خفيات العيون سريرتي، اللهم كما أسأت وأحسنت إليَّ؛ فإذا عدت فعد علي، وكان يقول : إن قومًا عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد وآخرين عبدوه رغبة فتلك عبادة التجار، وقوما عبدوا الله شكرًا فتلك عبادة الأحرار.
وروي عن أبي حمزة الثمالي، قال: أتيت باب علي بن الحسين فكرهت أن أضرب، فقعدت حتى خرج، فسلمت عليه ودعوت له؛ فرد عليَّ السلام ودعا لي، ثم انتهى إلى حائط له، فقال: يا أبا حمزة ترى هذا الحائط ؟ قلت: بلی یا ابن رسول الله ، قال : فإني اتكأت عليه يوما وأنا حزين، فإذا رجل حسن الوجه حسن الثياب ينظر في تجاه وجهي، ثم قال: يا علي بن الحسين ما لي أراك كئيباً حزيناً أعلى الدنيا ؟ فهو رزق حاضر يأكل منها البر والفاجر، فقلت: ما عليها أحزن لأنه كما تقول، فقال: أعلى الآخرة؟ هو وعد صادق يحكم فيها ملك قاهر، قلت: ما على هذا أحزن لأنه كما تقول، فقال: وما حزنك يا علي بن الحسين؟ قلت: ما أتخوف فتنة ابن الزبير، فقال لي: يا علي هل رأيت أحدًا سأل الله فلم يعطه؟ قلت: لا، ثم قال: فخاف الله فلم يكفه قلت : لا ، ثم غاب عني، فقيل لي: يا علي هذا الخضر علي ناجاك».
وروي عن يحيى بن زيد بن الحسن قال : حدثني سالم بن فروخ - مولى الجعفريين- عن ابن شهاب الزهري، قال: شهدت علي بن الحسين يوم حمله عبد الملك بن مروان من المدينة إلى الشام فأثقله حديدًا، ووَكَّل به حُفَّاظًا في عدة وجمع، فاستأذنتهم في التسليم عليه والتوديع له، فأذنوا لي، فدخلت عليه وهو في قبة، والأقياد في رجليه، والغل في يديه، فبكيت وقلت: وددت أني مكانك وأنت سالم، فقال: يا زهري أتظن أن هذا مما ترى عليّ وفي عنقي يكربني؟ أما لو شئت ما كان، فإنه وإن بلغ منك وبأمثالك ليذكرني عذاب الله، ثم أخرج يديه من الغل ورجليه من القيد، ثم قال: يا زهري لاجزت معهم على ذا منزلتين من المدينة، قال: فما لبثنا إلا أربع ليال حتى قدم الموكلون به يطلبونه بالمدينة فما وجدوه، فكنت فيمن سألهم عنه، فقال لي بعضهم: إنا لنراه متبوعًا، إنه لنازل ونحن حوله لا ننام نرصده، إذ أصبحنا فما وجدنا بين محمله إلا حديده، قال الزهري: فقدمت بعد ذلك على عبد الملك بن مروان، فسألني عن علي بن الحسين فأخبرته؛ فقال لي: إنه قد جاءني في يوم فقده الأعوان فدخل عليَّ، فقال: ما أنا وأنت؟ فقلت: أقم عندي، فقال: لا أحب ، ثم خرج، فو الله لقد امتلأ ثوبي منه خيفة، قال الزهري فقلت: يا أمير المؤمنين ليس علي بن الحسين حيث تظن إنه مشغول بنفسه؛ فقال: حبذا شغل مثله، فنِعْمَ ما شغل به، قال: وكان الزهري إذا ذكر علي بن الحسين يبكي ويقول: زين العابدين.
وروي عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت علي بن الحسين يقول: من قنع بما قسم الله له؛ فهو من أغنى الناس.
وروي عن أبي حمزة الثمالي قال كان علي بن الحسين يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدق به ويقول: إن صدقة السر تطفئ غضب الرب عز وجل.
وروي عن شيبة بن نعامة قال: كان علي بن الحسين يبخل فلما مات وجدوه يقوت مائة أهل بيت بالمدينة، قال جرير في الحديث أو من قبله: إنه حين مات وجدوا بظهره آثارًا مما كان يحمل بالليل الجرب إلى المساكين.
وروي عن عمرو بن ثابت قال لما مات علي بن الحسين فغسلوه، جعلوا ينظرون إلى آثار سواد بظهره، فقالوا: ما هذا؟ فقيل : كان يحمل جرب الدقيق ليلا على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة.
وروي عن محمد بن إسحاق قال: كان ناس من أهل المدينة يعيشون، لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به في الليل.
وروي عن ابن عائشة يقول : قال أبي : سمعت أهل المدينة يقولون ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي بن الحسين.
وروي عن سعيد بن مرجانة، قال: عمد علي بن الحسين إلى عبد له كان عبد الله .
وروي يحيى بن سعيد قال سمعت علي بن الحسين واجتمع عليه ناس، فقالوا له ذلك القول؛ فقال لهم: أحبونا حب الإسلام الله عز وجل، فإنه ما برح بنا حبكم حتى صار علينا عارًا.