التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «قال الشيخ رضي الله تعالى عنه ومنهم الواعظ البر، الرافض للشر، أبو ذر عمر بن ذر».
مناقبه ومروياته:
روي عن محمد بن كناسة، قال: لما مات ذر بن عمر بن ذر الهمداني، وكان موته فجأة جاء أباه أهل بيته يبكون، فقال: ما لكم ؟ إنا والله ما ظلمنا ولا قهرنا، ولا ذهب لنا بحق ولا أخطئ بنا، ولا أريد غيرنا، وما لنا على الله معتب، فلما وضعه في قبره، قال: رحمك الله يا بني، والله لقد كنت بي بارا، ولقد كنت عليك حدبًا، وما بي إليك من وحشة، ولا إلى أحد بعد الله فاقة، ولا ذهبت لنا بعز، ولا أبقيت علينا من ذل، ولقد شغلني الحزن لك عن الحزن عليك، يا ذر. لولا هول المطلع ومحشره، لتمنيت ما صرت إليه، فليت شعري يا ذر ما قيل لك، وماذا قلت؟ ثم قال: اللهم إنك وعدتني الثواب بالصبر على ذر ، اللهم فعلى ذر صلواتك ورحمتك، اللهم إني قد وهبت ما جعلت لي من أجر على ذر لذر، صلة مني، فلا تعرفه قبيحًا، وتجاوز عنه، فإنك أرحم به مني، اللهم وإني قد وهبت لذر إساءته إليَّ فهب له إساءته إليك، فإنك أجود مني وأكرم، فلما ذهب لينصرف، قال یا ذر. قد انصرفنا وتركناك، ولو أقمنا ما نفعناك.
وروي عن سفیان قال لما مات ذر بن عمر بن ،ذر قال عمر بن ذر شغلنا یا ذر الحزن لك عن الحزن
عليك، فليت شعري، ماذا قلت؟ وماذا قيل لك؟ اللهم إني قد وهبت لذر ما فرط به من حقي، فهب له ما فرط فيه من حقك.
وروي عن عمرو بن جرير البجري يقول: لما مات ذر بن عمر بن ذر، قال أصحابه الآن يضيع الشيخ ؛ لأنه كان بارا بوالديه، فسمعها الشيخ فبقي متعجبا، أنا أضيع والله حي لا يموت؟! فسكت حتى واراه التراب، فلما واراه التراب وقف على قبره يسمعهم، رحمك الله يا ذر، ما علينا بعد من خصاصة، وما بنا إلى أحد مع الله حاجة، وما يسرني أن أكون المقدم قبلك، ولولا هول المطلع لتمنيت أن أكون مكانك، لقد شغلني الحزن لك عن الحزن عليك، فيا ليت شعري، ماذا قيل لك؟ وماذا قلت؟ - يعني: منكر ونكيرا- ثم رفع رأسه، فقال: اللهم إني قد وهبت له حقي فيما بيني وبينه اللهم فهب حقك فيما بينك وبينه له، قال: فبقي القوم متعجبين مما جاء منهم، ومما جاء منه من الرضا عن الله والتسليم له.
وروي عن عمارة بن عمر العلاء، سمعت عمر بن ذر يقول: اعملوا لأنفسكم رحمكم الله في هذا الليل وسواده، فإن المغبون من غبن خير الليل والنهار، والمحروم من حرم خيرهما، وإنما جعلا سبيلا للمؤمنين إلى طاعة ربهم، ووبالا على الآخرين للغفلة عن أنفسهم، فأحيوا الله أنفسكم بذكره، فإنها تحيى القلوب بذكر الله كم من قائم في هذا الليل قد اغتبط بقيامه في حفرته، وكم من نائم في هذا الليل قد ندم على طول نومه عندما يرى من كرامة الله عز وجل للعابدين غدًا، فاغتنموا ممر الساعات والليالي والأيام رحمكم الله.
وروي عن سفيان بن عيينة، قال: كان عمر بن ذر إذا قرأ هذه الآية ﴿مَلِكِ يَوْمِ الدِّين﴾ [الفاتحة: ٤]، قال: يا لك من يوم، ما أملأ ذكرك لقلوب الصادقين.
وروي عن سفيان بن عيينة، قال: قال عمر بن ذر: عليَّ تحملون قسوة قلوبكم وجمود أعينكم، على تحملون العي إن لم أسمعكم اليوم مواعظ من كتاب الله من جاء يلتمس الخير فقد وجد الخير، هذا تقويض الدنيا، ثم قرأ: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُورَتْ﴾ [التكوير: ١]، فكان ابن ذر يقول: هيهات العشار، وأهل العشار،
عطلها أهلها بعد الضن بها.
وروي عن خلاد بن يحيى، ثنا عمر بن ذر، قال: كتب سعيد بن جبير إلى أبي بكتاب أوصاه فيه بتقوى الله، وقال: يا أبا عمر. إن بقاء المسلم كل يوم غنيمة له؛ فذكر الصلوات الفرائض، وما يرزقه الله من ذكره.
وروي عن ابن السماك، قال: قال ذر لأبيه عمر بن ذر: ما بال المتكلمين يتكلمون فلا يبكي أحد، فإذا تكلمت يا أبت سمعت البكاء من ها هنا وها هنا، فقال: يا بني ليست النائحة المستأجرة كالنائحة الثكلى.