التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «قال الشيخ رضي الله تعالى عنه ومنهم القارئ الخاشع والمسكين المتواضع، عمرو بن قيس الملائي».
مناقبه ومروياته:
روي عن سفيان الثوري قال: خمسة من أهل الكوفة يزدادون في كل يوم خيرًا؛ فذكر ابن أبجر، وأبا حيان التيمي، وعمرو بن قيس، وابن سوقة، وأبا سنان.
وروي عن المحاربي، قال: قال لي سفيان عمرو بن قيس هو الذي أدبني، وعلمني قراءة القرآن، وعلمني الفرائض، فكنت أطلبه في سوقه، فإن لم أجده في سوقه وجدته في بيته، إما يصلي، وإما يقرأ في المصحف، كأنه يبادر أمورًا تفوته، فإن لم أجده في بيته وجدته في بعض مساجد الكوفة في زاوية من بعض زوايا المسجد، كأنه سارق قاعدًا يبكي، فإن لم أجده وجدته في المقبرة، قاعدًا ينوح على نفسه، فلما مات عمرو بن قيس أغلق أهل الكوفة أبوابهم، وخرجوا بجنازته، فلما أخرجوه إلى الجبان، وبرزوا بسريره وكان أوصى أن يصلى عليه أبو حيان التيمي - تقدم أبو حيان فكبر عليه أربعًا، وسمعوا صائحًا يصيح: قد جاء المحسن عمرو بن قيس، وإذا البرية مملوءة من طير أبيض، لم ير على خلقتها وحسنها، فجعل الناس يعجبون من حسنها وكثرتها، فقال أبو حيان: من أي شيء تعجبون؟ هذه ملائكة جاءت؛ فشهدت عمرو. وروي عن أبي خالد الأحمر يقول: كان عمرو بن قيس الملائي يؤاجر نفسه من التجار، فمات في قرية من قرى الشام، فرئيت الصحراء مملوءة من رجال عليهم ثياب بيض، فلما صلى عليه فُقِدُوا، فكتب صاحب البريد إلى عيسى بن موسى يذكر له ذلك، فقال لابن شبرمة وابن أبي ليلى: كيف لم تكونوا تذكرون لي هذا الرجل؟ قالا كان يقول لنا: لا تذكروني عنده.
وروي عن عبد الله بن سعيد الجعفي، قال: حضرنا جنازة عمرو بن قيس، فحضره قوم كثير عليهم ثياب بيض ، فلما صلينا عليه ذهبوا، فلم نرهم.
وروي عن الحكم بن بشير عن عمرو بن قيس، قال: ثلاث من رءوس التواضع: أن تبدأ بالسلام على من لقيت، وأن ترضى بالمجلس الدون من الشرف، وأن لا تحب الرياء والسمعة والمدحة في عمل الله.
وروي عن عمرو بن قيس الملائي يُقرئ الناس القرآن، فكان يجلس بين يدي رجل رجل حتى يفرغ منهم، وكان إذا مشى لا يمشي أمامهم؛ فيقول: تعالوا نمشي جميعًا.
وروي عن علي عن سفيان، قال: كان عمرو إذا أتى الرجل من أهل العلم جثي على ركبتيه، فيقول: علمني مما علمك الله، ويتأول قوله تعالى: ﴿عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ [الكهف: ٦٦].
وروي عن عبد الرحمن بن جبيات، قال: قيل لعمرو: ما الذي نرى بك من تغير الحال؟ قال: رحمة للناس من غفلتهم عن أنفسهم.
وروي عن إسحاق ابن خلف، قال: كان عمر و إذا نظر إلى أهل السوق بكي، وقال: ما أغفل هؤلاء عما أعد لهم.
وروي عن أبي سنان عن عمرو قال: إذا شغلت بنفسك ذهلت عن الناس، وإذا شغلت بالناس ذهلت عن ذات نفسك.
وروي عن أبي خالد الأحمر، قال: كان عمرو يقول : إذا سمعت بالخير فاعمل به، ولو مرة واحدة.
وروي عن عمرو بن قيس الملائي قال: كانوا يكرهون أن يعطى الرجل صبيه الشيء، فيجيء به فيراه المسكين فيبكي على أهله، ويراه الفقير فيبكي على أهله.
وروي عن مفضل بن غسان، قال: قال عمرو: حديث أرفق به قلبي وأتبلغ به إلى ربي أحب إلي من خمسين قضية من قضايا شريح.
وروي عن إسحاق بن خلف، قال: كان عمرو بن قيس إذا بكى حوّل وجهه إلى الحائط ويقول لأصحابه: إن هذا زكام.
وروي عن أبي خالد الأحمر، قال: كان عمرو يقول : لا تجالس صاحب زيغ فيزيغ قلبك.
وروي عن عبد الرحمن ابن الحكم بن بشير بن سليمان قال حدثني أبي عن عمرو بن قيس، قال: من احتكر طعامًا عشرين ليلة، ثم تصدق به لم يكن كفارة له.
وروي عن سفيان الثوري يجيء إلى عمرو، ينظر إليه لا يكاد يصرف بصره عنه، أظنه يحتسب في ذلك، وقال سفيان عمرو بن قيس أستاذي قال: سمعت عمرو بن قيس يقول: ينبغي لصاحب الحديث أن يكون مثل الصيرفي ينتقد الحديث كما ينتقد الصيرفي الدراهم، فإن الدراهم فيها الزائف والبهرج، وكذلك الحديث.
وروي عن أبي خالد الأحمر عن عمرو بن قيس: أن معاذ بن جبل لما طعن فجعلت سكرات الموت تغشاه، ثم يفيق الإفاقة، فيقول: أخنقني خنقاتك، فوعزتك إنك لتعلم أن قلبي يحب لقاءك، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء في الدنيا لجري الأنهار ، ولا لغرس الأشجار، ولكن لمكابدة الساعات، وظمأ الهواجر ، ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر.