التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «قال الشيخ رحمه الله تعالى ورضي عنه: ومنهم الخائف المعظَّم، العاطف المقدَّم، عَرَفَ فَعَظَّم، وعَطَفَ فَقَدَّم، أبو عبد الله بن سوقة. وقيل: إن التصوف تعظيم عن تخويف، وتقديم لتخفيف».
مناقبه ومروياته:
روي عن أبي إسحاق، وكان شيخ صدق، قال: سمعت محمد بن سوقة وهو يقول: إن المؤمن الذي لا يخاف الله لا يسمن ولا يزداد لونه إلا تغيرا.
وروي عن يعلى بن عبيد قال: دخلنا على محمد بن سوق قة، فقال: أحدثكم بحديث لعل الله أن ينفعكم به، فإن الله قد نفعني به؛ دخلنا على عطاء، فقال لنا: إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعدون فضول الكلام ما عدا ثلاثا كتاب الله أن يتلوه، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، وأن ينطق بحاجته التي لا بد له منها، أتنكرون ﴿إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَنفِظِينَ كِرَامًا كَتِبِينَ﴾ [الانفطار: ۱۰، ۱۱] ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ﴾ عَتِيدٌ [ق: ۱۸،۱۷] أما يستحي أحدكم لو نشرت عليه صحيفته في آخر نهاره، وقد أملي فيها من أول نهاره ليس فيها حاجة من حاجات دنياه ولا آخرته، وقال أبو بكر: التي أملى صدر نهاره أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه.
وروي عن فضيل بن عياض، قالا: ثنا محمد بن سوقة، قال: أمران لو لم نعذب إلا بهما لكنا مستحقين بهما العذاب: أحدنا يزداد في دنياه، فيفرح فرحًا ما علم الله منه قط أنه فرح بشيء قط زيد في دينه مثله، وأحدنا ينقص من دنياه، فيحزن حزنًا ما علم الله منه قط أنه حزن على شيء نقصه من دينه مثله.
وروي عن عبد الرحمن بن سعيد الكندي، ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، قال: كان محمد بن سوقة وضرار بن مرة أبو سنان إذا كان يوم جمعة طلب كل واحد منهما صاحبه، فإذا اجتمعا جلسا يبكيان.
وروي عن عبد الله بن عمر بن أبان، ثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل، حدثني موسى بن الأشيم عن جعفر الأحمر، قال: كان أصحابنا البكاؤن أربعة: مطرف بن طريف ومحمد بن سوقة، وعبد الملك بن أبجر، وأبو سنان ضرار بن مرة.
وروي عن سفيان الثوري، قال: خمسة من أهل الكوفة يزدادون في كل يوم خيرا؛ فذكر ابن أبجر، وأبا حيان التيمي، ومحمد بن سوقة، وعمرو بن قيس، وأبا سنان ضرار بن مرة.
وروي عن سفيان قال: قال لي :رقبة امش معي إلى محمد بن سوقة، فإني سمعت طلحة يقول: لا أعلم بالكوفة رجلين يريدان الله إلا محمد بن سوقة، وعبد الجبار بن وائل.
وروي عن أبي بكر بن عیاش، قال: جلس محمد بن سوقة إلى أبي إسحاق، فقال له شيئًا وأبو إسحاق في الطاق؛ فأقبلا يتحدثان ويبكيان.
وروي عن بشر بن الحارث، ثنا ابن يمان عن سفيان، قال: ما أرى كان يدفع عن أهل هذه المدينة إلا بمحمد ابن سوقة، ورث عن أبيه مائة ألف؛ فتصدق به كله.
وروي عن سفيان الثوري: إن محمد بن سوقة لممن يدفع به عن أهل البلاد، كان له عشرون ومائة ألف فتصدق بها.
وروي عن مسعود بن سهل يقول: نظر محمد بن سوقة في ماله فوجد قد اجتمعت له مائة ألف درهم، فأقبل يقول: ما اجتمعت من خير استدرجت واستدرجت له لئن بقيت له، قال: فما دارت الجمعة وعنده منها مائة درهم قال: واشترى محمد بن سوقة من غزوان خزا بوزن، فدفعه إليه بالوزن الذي اشتراه به ،فوزنه فوجده يزيد ثلاثمائة دينار، فقال محمد لغزوان: أشتريت منك كذا وكذا منا، فوجدته كذا وكذا منا ، فقال له :غزوان: لا أدري ما تقول، أشتريت كذا وكذا منا، فدفعت إليك بالوزن الذي اشتريت فمَكَثَا يترددان الكلام؛ محمد بن سوقة يريد أن يرد الفضل على غزوان، وغزوان يأبى أن يقبله، فقال له غزوان يا هذا. إن كان لي فهو لك، وأن يكن لك فهو لك.
وروي عن أبي الأحوص يقول: ورث محمد بن سوقة عن أبيه مائة ألف درهم، فقيل له: لا يجتمع مائة ألف من حلال، قال: فتصدق به كله حتى كان يأخذ الزكاة من ابن أبي ليلى.
وروي عن حسين بن حفص يقول: سمعت سفيان الثوري يقول: حدثنا محمد بن سوقة وما رأيت
بالكوفة شيخًا أفضل منه، كان له مال فلم يزل يحج ويغزو .
وروي عن أبي حنيفة يقول: ونحن في جنازة محمد بن سوقة لقد دخل مكة ثمانين مرة من بين حجة وعمرة.
وروي عن سفيان عن ابن سوقة أنه كان يحج وعليه دين ؛ فيقولون: تحج وعليك دين؟ فيقول: الحج أقضى للدين.
وروي عن سفيان بن عيينة، قال: نزل محمد بن المنكدر على محمد بن سوقة بالكوفة، فحمله على حمار، فسألوه؛ فقالوا: يا أبا عبد الله. أي العمل أحب إليك؟ قال : إدخال السرور على المؤمن، قالوا: فما بقي مما يستلذ ؟ قال : الإفضال على الإخوان.
وروي عن مهدي بن سابق، قال: طلب ابن أخ محمد بن سوقة منه شيئًا فبكى؛ فقال له: والله يا عم. لو علمت أن مسألتي تبلغ منك هذا ما سألتك، قال: ما بكيت لسؤالك، إنما بكيت لأني لم أبتديك قبل سؤالك.