الفصل السادس في الجهات وهى ستة بالضرورة:
الفوق: يحمله الناسك على الملكوت لأنها فوق عالم الملك مرتبة ويؤوله السالك على السير في الله لأنه فوق السير إلى الله ويؤوله المحب بالمشاهدة الخيالية لصورة المحبوب لأنها فوق المشاهدة الحسية وسببه أن الروح إذا تعشقت بشهود صورة ما فإنها لا نفارقه بخلاف الحس فإن الفراق واقع في مشهوده ويؤوله المجذوب بالتجلي الذاتي لأنه فوق سائر التجليات الاسمائية والصفاتية.
التحت: يؤوله الناسك بالملك لما سبق في تأويله إلى الفوق بالملكوت ويؤوله السالك بالسير إلى الله تعالى بأنواع المجاهدات والرياضات والمخالفات لما سبق في تأويله للفوق ويؤوله المحب بالمشاهدة الحسية لما مضى بيانه فيما سبق ويؤوله المجذوب بتجلي الأسماء والصفات لأنها تحت حيطة التجلي الذاتي.
اليمين: يؤوله الناسك بالجنة والسالك يؤوله بالنفس الرحماني لقوله: (أنى لأجد نفس الرحمن من جانب اليمين) والمحب يؤوله بعهود المحبوب ويؤول العهود والمواثيق لقوله تعالى لخلقه (ألست بربكم) وقولهم (بلى) والمحبوب ومواثيقه التي بينهما والمجذوب يؤوله بصفات اللطف والجمال.
الشمال: يؤوله الناسك بالنار والسالك يؤوله بالمخالفات والمحب يؤوله بجمع الشمل والمجذوب يؤوله بصفات القهر والجلال.
الأمام: الناسك يؤوله بالموت والسالك يؤوله بالحق لقوله عليه السلام: (الله في قبلة المصلى) والمحب يؤوله بحال المحبوب والمجذوب يؤوله بالاسم الأعظم لأنه إمام الأسماء وأمامها.
الورى: يؤوله الناسك بسائقه الذى يسوقه إلى الله تعالى يوم القيامة قال تعالى (وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ) ويؤوله السالك بالطريق كما قال بعضهم: (وإن ورآكم لعقبة كؤد) يعنى الطريق إلى الله والمحب يؤوله بما سوى المحبوب والمجذوب يؤله بعدم النهاية لله تعالى وكلما تجلى الله عليه بشيء علم أن الله وراء ذلك التجلي.