الفصل الخامس عشر في الأمطار والرعود والبروق وما شبه ذلك:
الغيث: يؤوله الناسك بالرحمة التي يرحم الله تعالى بها عبادة وقد يؤوله بالإغاثة من حيث اشتقاق اللفظ ويؤوله السالك بالسر الإلهي الذى به قام الوجود لأن قيام نظام العالم بالغيث وقد يؤوله بالوجود الساري ويسوغ أن يؤوله المحب بالوصال لأن حياته ويؤوله المجذوب بتجلي الربوبية لأن الله رب العالم وأنشأهم وأخرجهم من العدم إلى الوجود تأويلاً سائغاً كما أن الغيث أخرج أنواع الأزهار ورباها.
الرعد: يسوغ أن يؤوله الناسك بالوعيد ويؤوله السالك بالمخالفات والرياضات والمجاهدات والمكابدات ويسوغ أن يؤوله المحب بتهديد الدقب والعواذل ويؤوله المجذوب بسطوات القلب القهرية.
البرق: يؤوله الناسك بالأنوار الإيمانية ويسوغ أن يؤوله باليقين والكشف والعيان ويؤوله السالك بالتجلي ويؤوله المحب بجمال المحبوب وثناياه إذا كان المحل مدحاً للبرق وإن كان ذماً كقولهم (....) وأمثاله فيؤوله بظنونه في المحبوب من تمنى الوصال واللقاء وأمثالها فإنها بروق ضلب ويسوغ أن يؤوله المجذوب بالاسم النور ويسوغ أن يؤوله بالصفة الإرادية لسرعة حصول المراد بها كالبرق الخاطف
الطوفان: يسوغ أن يؤوله الناسك بذنوبه ويسوغ أن يؤوله السالك بدسائس النفوس ويسوغ أيضاً أن يؤوله بتنوعات التجليات الإلهية وبالموارد الباطنية وأمثال ذلك ويسوغ أن يؤوله المحب بدموعه وبكائه على الحبيب ويؤوله بمحن المحبة وشدائدها ويؤوله المجذوب بما يجده من العلوم الحاصلة بالله تعالى لتواترها وكثرتها وما هى عليه من حيث هى لله تعالى.
الثلج والبرد: يسوغ للناسك أن يؤولها باليقين والإيمان والسكون إلى العبادات ويؤولها السالك بطمأنينة النفس وخمود نار البشرية لورود الفتح الإلهى ودوام المخالفات ويؤولها المحب بالوصال وبرسائل المحبوب وبما يفعله المحبوب به من الجفاء وغيره أنه عنده كالثلج والبرد ويسوغ أن يؤوله المجذوب بتجليات اللطف والجمال وقد يؤوله بظهور أثار الأسماء والصفات على جوارحه لما سبق بيانه.