الفصل السادس عشر فى ذكر الأشجار:
الباز: يسوغ تأويله للناسك ببيان الحق وظهوره على الباطل وقد يؤوله بالاستقامة على الطاعة لأن غصن البال إنما يشبه غالباً باستقامة القامة أو باللين فإذا كان المراد من ذكره لين حركته فيؤوله النساك حينئذ بميل النفوس تارة للطاعة وتارة للفترة ويسوغ أن يؤوله السالك بالمخالفات نظراً إلى ميلان الغصن وكأنه يقول كلما مالت النفس إلى جانب ملت إلى غيره ويسوغ أن يؤوله المحب بالمحبوب فإذا كان فى الجناب الإلهى أوله باسمه القائم والقيوم وأمثال ذلك ويؤوله المجذوب بالأحدية.
الأثل: يؤوله الناسك بالعبادة والصدق لقوله عليه الصلاة والسلام: (المرء تحت ظل صدقته) ويؤوله السالك بالحقيقة الإلهية لأنه ظله قال بعضهم:
تسترت عن دهرى بظل جنابه | فعيـــــــــنى تـــــــــــرى دهــــــــــــــــــرى وليس يــــــــــرانا |
فلو تســــــــــأل الأيام أسمـــــــــــــــــــى | لما درى وعر موضعى لم يدر أين مكانيا |
ويسوغ أن يؤوله المحب بمواضع الوصال أما الماضى أو المستقبل يؤوله المجذوب بعرش الله سبحانه وتعالى لأن العالم وما فيه تحت ظل عرشه.
الريحان: يؤوله الناسك بريحان الجنة أو الزلفى الحاصلة فيها من جزاء الأعمال ويؤوله السالك نفحات الرحمن لقوله: (إلا أن لله فى أيام دهركم نفحات) ولقوله: (أنى لأجد نفس الرحمن من جانب اليمين) ولعل الناسك يريد باليمين تأويلاً هنا قلبه فكأن الناسك يقول أجد نفحات الحق تهب على قلبى بأنواع الواردات الإلهية ويسوغ أن يؤوله المحب بأنفاس المحبوب ويسوغ يؤله بالروح الإلهى المنفوخة فى أدم ويسوغ أن يؤوله بروح القدس ويؤوله المجذوب بعطر روائح نفائح أثار الأسماء والصفات.
الورد: يؤوله الناسك بأوراده التى ينبغى أن يلازم عليها ويؤوله السالك بالواردات الإلهية ويؤوله المحب بورود الحبيب ويؤوله المجذوب بظهور أثار الأسماء والصافات على هيكله ويسوغ أن يؤوله بالصفة الشمسية التى هى فوق الكشف والعيان.
الغضا: يؤوله الناسك بالإغضاء عن المعاصى والمحارم من حيث اشتقاق اللفظ ويسوغ أن يؤوله السالك بنار النفس عند ثوران الشهوة ويسوغ أن يؤوله المحب بنار المحبة ويؤوله المجذوب بصفة الإرادة أو بصفة القهر وأمثال ذلك.