هو الهام إلهى يكشف للعبد عن الشهود معالى الأمور فيحمله على تحصيلها فمنهم من ينبعث به لفعل الطاعات وهذا للعوام المسلمين ومنهم من ينبعث به لدوام العبادة وتكثير عدد العمل وذلك مرتبة السالكين ومنهم من ينبعث به لتخليص العلم عن الرياسة والسمعة والعجب وذلك لخواص النساك ومنهم من ينبعث به للجد والاجتهاد في سلوك الطريق بأنواع المخالفة ودوام أصناف الذكر وذلك مرتبة السالكين ومنهم من ينبعث به للأطراح والانخلاع وتمسك ---بأخذ الأسباب والأنساب ومنهم من ينبعث به لمحبة الله تعالى فتجد في قلبه ناراً تحرق ما سوى الله تعالى من قلبه فلا يميل بعدها إلى كون من الأكوان وهو مرتبة عوام المريدين ومنهم من ينبعث به لمراقبة الحق تعالى في سائر أحواله وأقواله وأفعاله ومنهم من ينبعث به للمحاسبة فلا يسهل لنفسه أن ينظر نظرة لغير الله تعالى فكيف باقي أعماله ومنهم من ينبعث به للارتكاب الأهوال ومقاسات الشدائد وحمل المشاق ومنهم من ينبعث به لشهود فعل الحق تعالى في الوجود فلو هبت الريح لشهد في هبوبها فعل الله تعالى بها وقدرته التي أجراها وكذلك في سائر الموجودات حتى لو تكلم أو أكل أو شرب شاهد قدرة الله وفعله به في ذلك العمل وهذا المقام إذا جذب إليه العبد من غير تصنع ولا تعمل فقد منح شهود تجليات الأفعال وأن تعمل وتصنع فيه وشهد هذا العلم (العمل) فقد منح شهود علم يقين تجليات الأفعال ومنهم من ينبعث به إلى شهود انعدام نفسه وفنائه تحت سلطان ظهر كبرياء الحق تعالى له ومنهم من ينبعث به إلى شهود ما لله تعالى من الكمالات الإلهية فيصطلم في هذا المشهد وتذهب نفسه مع الذاهبين ومنهم من ينبعث به إلى تحصيل علم اليقين بتجليات الصفات تخلقاً واتصافاً بعد وجود قبله شهود وفناء بعده بقاء وتمكين قبله تلوين هذا لمن كان مستوفا في مقام من مقامات المعرفة فأصلحه (....) يريده الله تعالى له فلما اقتضت المشيئة سيره ذهابه في
الله انبعث لما ذكرناه والله يقول الحق ويهدى السبيل (....)