هو ما يكون العمل مبنياً عليه وهو أخص من النية فكل قصد نية وما كل نية قصد لأن النية قد تحصل للعبد قبل العمل وبعد الشروع وعند الفراغ من العمل والقصد لا يكون ألا قبل العمل كما أن الشخص مثلاً لو قصد في صدقته رياء أو سمعة فأخرج الدرهم من صرته ثم عند العطاء ألهمه الله أن يرجع عن ذلك القصد فنوى الصدقة أن يدفع الله عنه بليه من البليات ثم بعد العطاء ألهمه الله تعالى أن يجعل ذلك خالصاً لوجهه سبحانه كان من غير طلب دفع بلاء ولا غيره فنوى تلك ورجع عن النية الأولى والثانية فهذا تنعقد صدقته بالنية الأخيرة ولو كانت النيتان سابقين فإن المذهب جواز الانتقال من السنة إلى الفرض ولا عكس وقد صرح العلماء في المحرم المطلق وأن له صرف أحرامه إلى ما شاء من الحج أو العمرة والمحرم بالعمرة يجوز له أن يصرف أحرامه إلى القران بالحج فيدخل عليه الحج فيصير مقارناً وهذه المسالة في الظاهر نظير مسألتنا في الباطن فالعمل معقود بأعلى النيات والمقصد هو الباعث الأول لذلك العمل فمنهم من يكون مقصده بالعمل النجاة من النار أو الفوز بالجنة وهذا مرتبة عوام المسلمين ومنهم من يكون مقصده بالعمل طلب رضاء الله عليه وهذا الأعلى من الأول ومنهم من يكون مقصده من العمل تحقيق العبودية لوجه الله تعالى لا لجزاء فكأنه يقول لا يطلب الجزاء إلا الأجير والمملوك لا يستحق جزاء على مالكه ومنهم من يكون قصده بالعمل يكون مشتغلاً بالله بظاهره وباطنه ومنهم من يكون قصده بالعمل تهذيب النفس وأبعادها عن عادتها وطبيعتها ومنهم من يكون قصده بالعمل تنزلاً وتعبداً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مشرب من فضالة كأس (أفلا أكون عبداً شكروا)ً وهذا للعارفين ومنهم من يكون قصده بالعمل تشريعاً لمن يتبعه ويعلم بعلمه فهو يغترف من بحر (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)