هى اقلاع العبد عما كان عليه من العمل أو الحال أو الاعتقاد بتركه له مطلقاً وله في ظاهر الاصطلاح ثلاث علامات الأولى الندم الثانية ترك ذلك الفعل حالاً الثالثة عدم الآتيان به في المستقبل فتوبة العوام عن الذنب والمعصية وتوبة السالكين عن خاطر الذنب وتوبة المريدين عن خاطر يخطر بهم في ما سوى الله تعالى وتوبة المرادين عن الوقوف مع حجب أنوار الأسماء والصفات فمنهم من تكون توبته اقلاعه عن شهود الأجمال إلى شهود التفصيل ومنهم من تكون توبته إقلاعه عن شهود الذات بواسطة الواحدية فيشهد بواسطة الألوهية ومنهم من تكون توبته إقلاعه عن شهود الذات بواسطة الألوهية إلى شهودها بواسطة الأحدية وهذا الإقلاع بحسب الترقي الحاصل للولي فإنها ثم مشهد من المشاهد الإلهية ألا وفيه مراتب ومعارج ومدارج فقد يكون من هو أدنى في مقام يشهد أسماً ذاتياً والأعلى يشهد أسماً صفاتياً لكن مشهد هذا الأدنى للاسم الذاتي يكون لأول بطن من بطونه فهو بالنسبة مع قشر المعرفة وشهود الأعلى للاسم الصفاتي يكون للبطن الثاني أو الثالث أو الرابع أو الخامس أو السادس أو السابع كلا على قدر مرتبته عند الله تعالى فيكون شهوده مفيد له لب معرفة إلهية والأول ما أفاده شهوده إلا معرفته بالنسبة إلى هذا فكان مشهده من الاسم الصفاتي أعلى من مشهد ذاك الأول ولو كان مشهدٍ أسما ذاتياً من أجل أن المدرج الذى كان فيه هذا مع الاسم الذاتي أنزل المدارج في مشهد ذلك الاسم والمدرج الذى كان فيه ذلك أعلى المدارج في مشهد ذلك الاسم الصفاتي فيدخل هذا علوا في مدارج الاسم الصفاتي كان أعرف بالله تعالى فلا يحكم بتقديم من كان مشهده أسماً أعلى على من مشهده أسم دون ذلك إلا إذا تساووا في مدارج الشهود من الاسم فإن لكل أسم من أسماء الله وصفة من صفاته مشهد مخصوص يختص به لكن لذلك المشهد سبعة بطون كل بطن أعلى من بطن وهى المدارج وفيها تفاوت عظيم مثلاً تقول في رجل هو مع الله تعالى بواسطة أسمه القادر فهذا في البطن الأول من مشهد هذا الاسم يرى قدرة الله تعالى وتصريفه بالأكوان علواً وسفلاً ورجل أخر في هذا المشهد مع الله بواسطة أسمه القادر لكنه في البطن السابع فهذا يتصرف في الأكوان بيد القادر فيحيى ويميت ويبرى الأكمة والأبرص فهذان الرجلان استوياً من حيث العبادة في أنهما قد تجلى الحق عليهما سبحانه بصفة القدرة لكن تفاوتاً من حيث المدرج والمنظر الذى أقيم فيه كل واحد منهما فأفهم وهذا لا يفهمه ذوقاً إلا من حصل فيه والله المستعان وعيه التكلان.