ولا شك أنه يجب عند التعبد بالأوراد والأحزاب ملاحظة النطق الصحيح، والفهم، ولو إجمالًا للمعنى، والتزام أدب الجلوس، واستقبال القبلة -إن كان منفردًا-، وحفظ القلب من الشرود عن الحضور مع الله، ومغالبة الشيطان وقوة مدافعته، فلا يلقى على المتعبد النوم أو الكسل أو الضيق أو التبرم، أو تشتيت الفكر، أو استثقال المجلس، ففي ذلك معنى تفضيل العبد على الرب، والدنيا على الدين، وهو من أبواب السلب بعد العطاء.
فإذا غلب النعاس الصادق، نعاس الجهد والنصب لا نعاس العادة أو الشيطان أو الكسل فلينصرف لراحته؛ خيفة أن ينطق لسانه بكلمة محرفة ربما كانت خطيئة، وحتى لا يمل الجلوس مع الله فيقع في الخطئية الموبقة -أيضًا-.
وعند البخاري، وأحمد، والنسائي عنه صلى الله عليه وسلم: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّى فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَنَمْ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَقُولُ»([1]).
وعند الترمذي: «لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبَّ نَفْسَهُ»([2]).
وفي السنن عنه صلى الله عليه وسلم: «ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل منها»([3]).
والصلاة هنا قانون لكل أنواع العبادات، كما أن الصلاة تطلق على مختلف أنواع العبادة.
وفي البخاري عنه صلى الله عليه وسلم: «تكلفوا من الأعمال مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ الله لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا»([4]).
أي: لا يقطع الأجر حتى يقطع الذكر. وعليه إن استطاع أن يعيد ما فاته من عبادته كما ورد في الحديث الشريف.