من معتاد ساداتنا الصوفية رضى الله عنهم أن يقرءوا سورًا وآيات مختارة من القرآن في أوقات معينة أخذًا من السنة الشريفة، وكثيرًا ما يطيب لبعض المخالفين أن يعترضوا عليهم بغير علم، ولا هدى، ولا كتاب منير، ولو وفقهم الله فذاقو لعرفوا.
فمثلًا قد تعود السادة من كل طريقة شرعية أن يقرءوا غالبًا بعد العشاء سورة (الملك)، وبعد المغرب سورة (يس)، وقبل الصبح أو بعده سورة (الواقعة). كما تعودوا أن يقرءوا في ليلة الجمعة سورة (الدخان)، وربما ضموا إليها (الكهف) . كما تعودوا أن يقرءوا في نهار الجمعة سورة (الكهف)، وربما ضموا إليها (الدخان) أو (هود) أو (الواقعة) أو (ق) مع الختم بكثرة الصلاة والسلام على سيد الأنام صلى الله عليه وسلم خصوصًا في ليلة الجمعة ويومها.
كما أصبح من مميزاتهم الخاصة قراءة سورة الفاتحة متوسلين بها في كل مناسبة إلى الله في تفريج الكروب، وإصلاح القلوب، وغفران الذنوب، ورحمة الموتى، واللطف بالأحياء، وبلوغ الأماني على اختلافها.
ونكرر أن هذه الأوراد القرآنية ليست خاصة بطريقة دون طريقة كما قد يفهم بعضهم خطأ فهي من أوراد الصوفية الشرعيين جميعًا بلا أي تفريق، فليس القرآن وقفًا على طريقة بذاتها، أو مشيخة معينة، ولا على مذهب خاص. ولا يجوز إطلاقًا تفضيل أي ورد صوفي أو تقديمه على القرآن للقادر على الإحسان على التلاوة كلما تهيأت له مناسبات الطاقة والوقت والصحة، بل يتحتم عليه أن يبدأ بالقرآن، ثم يقفى عليه بما هو مأذون به من ورد مخصوص. ومن زعم أن هناك وردًا أفضل من القرآن فقد جهل وضل -والعياذ بالله-. وهذا مما دسه الزنادقة على بعض الطرق للأسف الشديد([1]).
ونحن هنا نسرد على سبيل الإجمال طرفًا من أدلة اتخاذ هذه السور أورادًا في هذه الأوقات، ونحن نعلم ما وضعه الكذابون في فضائل بعض السور والآيات مما تورط في بعضه بحسن الظن حتى أمثال الأمام الزمخشري، والثعلبي، والبيضاوي، ولكننا هنا في معرض فضائل الأعمال التي يؤخذ فيها بما ورد من القوي، والضعيف المجبور على ما شرطه علماء الفن، وهو متوفر فيما سيأتي إن شاء الله.