إنَّ الإجماع منعقدٌ على أنَّ الورد اليومي الصوفي المشترك هو: (الاستغفار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والتهليل) على خلاف شكلي في الصيغة والعدد والوقت ونحوه.
ثُمَّ تنفرد بعد هذا كل طريقة بأوراد قرآنية خاصة، مع أحزاب الشيوخ، ومع آداب وتقاليد خاصة، كقراءة بعض السور ذات الخصائص التي كشفتها لنا السُّنَّة، وأيدها التلقي والتجربة.
وقد ذكر المحدِّثُون الثقات لسورة الإخلاص (المشهورة بالصمدية) خصائص وفضائل في الذروة والسنام، لهذا أدركنا بعض الثقات من شيوخنا المحمديين يأذنون أحيانًا بهذه السورة للخلوة الصغرى والكبرى وخلوة الجلوة، بشروطها الخاصة.
وقد حدَّثنا السادة الأثبات بما ذاقوا من حلاوة التعبد بها، وما أدركوا بها من الفيض والمدد، فهي بهذا وردٌ خاصٌّ يؤذنُ به لأهله عندما تتوفر شروط الإذن والمأذون في أية طريقة شرعية، سواء إذن التبرك أو إذن السلوك، ولا شكَّ أن التعبد بالقرآن رغيبة محببة في كل طريقة، وواجب أصيل على كل سالك بحسبه، على أنَّ المتفق عليه أنَّ التعبد بالقرآن والذكر لمجرد تحصيل البركة والثواب لا يشترطُ فيه الإذن. إنما الإذنُ مشروطٌ للسالك الذي يطلبُ الوصولَ، فإنَّه يحتاج إلى دوام الرعاية الرُّوحية والتوجيه القلبي، والحفظ من تسلل الغفلة واليأس وعبث الشيطان في الخلوة والجلوة، وليس هذا كذاك، والله الموفق.