الأوراد القرآنية واجبة في كل الطرق الصوفية
شيء من معنى التفضيل والاختيار
1) تمهيد هام:
من معتاد ساداتنا الصُّوفية رضي الله عنهم، أن يقرءوا سورًا وآيات مختارة من القرآن في أوقات معينة، أخذًا من السُّنَّة الشريفة، وكثيرًا ما يطيب لبعض المخالفين أن يعترضوا عليهم، بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، ولو وفقهم الله فذاقوا لعرفوا !! ولو عملوا لوصلوا، ولكن!!
فمثلًا قد تعوَّد السَّادة من كُلِّ طريقة شرعية، أن يقرءوا -غالبًا- بعد العشاء سورة «الملك»، وبعد المغرب سورة «يس»، وقبل الصبح أو بعده سورة «الواقعة»، كما تعوَّدُوا أن يقرءوا في ليلة الجمعة بسورة «الدخان»، وربما ضموا إليها «الكهف»، كما تعوَّدُوا أن يقرءوا في نهار الجمعة سورة «الكهف»، وربما ضموا إليها «الدخان» أو «هودًا» أو «ق»، مع الختم بكثرة الصَّلاة والسَّلام على سيد الأنام ص خصوصًا في ليلة الجمعة ويومها.
كما أصبح من مميزاتهم الخاصَّة قراءة سورة الفاتحة، متوسلين بها في كُلِّ مناسبة إلى الله، في تفريج الكروب، وإصلاح القلوب، وغفران الذنوب، ورحمة الموتى، واللطف بالأحياء، وبلوغ الأماني على اختلافها.
ونكرر: إنَّ هذه الأوراد القرآنية ليست خاصَّة بطريقة دون طريقة كما قد يفهم بعضهم خطأ، فهي من أوراد الصُّوفية الشَّرعيين جميعًا، بلا أي تفريق، فليس القرآن وقفًا على طريقة بذاتها، أو مشيخة معينة، ولا على مذهب خاص، ولا يجوز إطلاقًا تفضيل أي ورد صوفي، أو تقديمه على القرآن، للقادر على إحسان التلاوة، كلما تهيأت له مناسبات الطاقة والوقت والصحة، بل يتحتم عليه أن يبدأ بالقرآن، ثُمَّ يقفي عليه بما هو مأذون به من ورد مخصوص، ومن زعم أنَّ هناك وردًا أفضل من القرآن فقد جهل وضَلَّ وأضَلَّ، والعياذ بالله، وهذا مما دسَّه الزنادقة على إحدى الطرق الصوُّفية للأسف الشديد([1])، وعلى أتباع هذه الطريقة تكرار البراءة من هذا الاتهام الخطير.
ونحن هنا نسرد -على سبيل الإجمال- طرفًا من أدلة اتخاذ هذه السور أورادًا في الأوقات، ونحن نعلم ما وضعه الكذّابون في فضائل بعض السور والآيات ، مما تورَّط في بعضه -بحسن الظن- حتَّى أمثال الزمخشري ، والثعلبي، والبيضاوي، ولكننا هنا في معرض فضائل الأعمال، التي يؤخذ فيها بما ورد من القوي، أو الضعيف المجبور، على ما شرطه علماء الفن، وهو متوفر فيما سيأتي إن شاء الله([2]).
ونرجو أن نخصص كلمة أخرى لبقية ما يتخذه السَّادة من الأوراد القرآنية، سواء كانت كاملة، أو آيات خاصة، بإذن الله وتوفيقه، إن كان في العمر بقية، لما فيه من التوسُّل الصحيح والأثر الرُّوحي، والعامل النفسي، وتيار البركة والمدد الإلهي، واليقين بالله تبارك وتعالى.
2) معنى الاختيار والتفضيل :
قد يخطر ببال بعضنا ما قد يعذر فيه، فيقول مثلًا: لماذا كانت هذه السور والآيات أفضل من غيرها([3]).
والجواب: إنَّ القرآن كله كلام الله تعالى؛ فهو من حيث المصدر والذاتية والتنزيل المناسب للأحداث، لا تفضيل فيه لبعض الآي والسور على بعض، أمَّا ما جاء على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيان فضل بعضها، فليس معناه أنَّه لا فضل لباقيها، ولكن معناه أنَّ ملابسات خاصة وقعت، فجعلت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَرِّح بما في بعض هذه السور والآيات من البركة والخير، وبالتالي فإنَّه لم تقع الملابسات التي ربما لو وقعت لكشف لنا صلى الله عليه وسلم عَمَّا لا نعرفه من فضل بقية السور والآيات؛ فالفضل هنا وهنا موجود، ولكننا عرفنا هذا ولم نعرف ذاك؛ لأنَّ هذا الفضل سر، ولا يمكن الإحاطة به إلاّ بوحيٍّ وبيان من الصَّادق المعصوم صلى الله عليه وسلم.
هذا، وقد قال بعض العلماء: إنَّ الأفضلية في الآيات والسور، ليست في ذاتيتها، ولكن في الأجر عليها والانتفاع بها في مواضعها.
وقال فريق آخر -منهم : القرطبي، وإسحاق بن راهويه، وأبو بكر ابن العربي، والحليمي، وابن القَصَّار، وغيرهم- : إنَّ الأفضلية طبيعة الأشياء الكونية كلها، فلا عبيب أبدًا في أن تكون هناك آية أو سورة أفضل من غيرها لسبب أو لآخر.
قالوا: فإنَّ مدلول قوله تعالى: ﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ﴾ [الحديد: 3] ليس كمدلول قوله تعالى: ﴿وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ البَقَرِ اثْنَيْنِ﴾ [الأنعام: 144]، وإنَّ ما في «آية الكرسي» من المعاني ليس في ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ [المسد :1]!!، فالتفضيل عندهم من حيث المعاني، وإن استوى الجميع من حيث المصدر والغاية.
ونقول: إنَّ مذهبنا أسلم -والحمد لله- فإنَّ وظيفة معاني «آية الكرسي» في بابها وموضعها كوظيفة معاني ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ [المسد :1] في بابها وموضعها، فهذه السورة في مجالها لا تغني عنها تلك في مجالها، فكان لابد من هذه وتلك لخدمة المجالين معًا، وما كان لابد منه فلا تفضيل فيه لبعض على بعض؛ لثبوت ضرورة كُلٍّ في موقعه، فوجب التسليم بفضل الجميع، ما عرفنا منه وما لم نعرف، ﴿وَبِالحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالحَقِّ نَزَلَ﴾ [الإسراء: 105] .
3) بعض ما جاء في سورة الفاتحة:
ويكاد ينفرد الصُّوفيون -وهم جمهور الأمة الأغلب، غير منازع- ثُمَّ مَنْ والاهم من بقية المذاهب الإسلامية، بكثرة التوسل إلى الله بقراءة الفاتحة، في قضاء حاجات الدُّنيا والآخرة، ولهم في ذلك برهان لا يُدْفع، قررناه غير مرة، ونجمل هنا محصله تأكيدًا للفائدة، داعين للمنكرين عليهم بالهداية، فإنَّمَا هي العصبية والغرور وضيق الأفق، والمرض بحب المخالفة ، واحتقار أعمال النَّاس ، ونيران الغل على المؤمنين، وزَعْم الاختصاص بالثواب ، واحتكار الصَّواب، (وما خفي كان أعظم!!) .
أولًا: الفاتحة من كلام الله، والتوسُّل إلى الله بكلامه -ومنه الفاتحة- لم يختلف عليه سلف ولا خلف، فهو جائز في كل مذاهب المسلمين، قولًا واحدًا، (إلاّ مَنْ انغلق وانفلق وانزلق) !!.
ثانيًا: اختيار الفاتحة، وتحريك اللسان بها، وتوجيه النية معها، كُلُّ هذا عمل صالح، والتوسُّل بالعمل الصالح لم يختلف عليه سلف ولا خلف، فهو جائز في كُلِّ مذاهب المسلمين، قولًا واحدًا أيضًا.
ثالثًا: قراءة الفاتحة (والفاتحة بالذات) للموتى سنة نبوية ثابتة ، فقد تأكد في الصحاح «أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قرأ الفاتحة على الموتى في صلاة الجنازة»، وبهذا أخذ الشَّافعية، والحنابلة، وأكثر السَّلف، وهذا دليل نَصِّيٌّ قطعيٌّ عمليٌّ، لا تنقضه شقشقات الألسن المربضة بالمخالفة لمجرد المخالفة والتعصب ، لا لله ، ولا للعلم، ولا للدِّين، ولا شَكَّ أنَّ الميت هو الميت ، سواء كان في النعش أو في القبر، فحكمه هنا وهنا واحد([4])، وهذا مبدأ يتفرع عليه بالقياس سنية قراءة
القرآن للموتى، مؤيدًا بما نقله أمثال : ابن قدامة وابن القيم ومَنْ والاهم من أئمة المذاهب الأخرى، من أدلة مشروعية قراءة القرآن للميت، وتحقيق انتفاعه به، إذ أنَّ انقطاع عمل الميت بموته لا ينفي انتفاعه بعمل الغير له، مما تذخر به الشَّريعة، ويتناقله العلماء([5])، وتسلِّم به عقول أهل العقول في المعقول والمنقول.
رابعًا: من أدلة أحباب «الفاتحة» على اختيارها بالذات -دون غيرها
من السور- أنَّهَا الكم المشترك حفظه بين أهل القبلة جميعًا، على اختلاف الثقافات والألسن والأعمار والأوطان والألوان، بسبب أنَّهَا فاتحة الكتاب ومادة الصَّلاة، وهي خمسة وعشرون كلمة، جمعت علوم القرآن ومعانيه، حتَّى سُمِّيَتْ: أم القرآن، وآياتها السبع تتجاوب مع الألسنة والقلوب والعواطف والعقول جميعًا، بالوراثة والثقافة، مع ما فيها من العذوبة والطلاوة وحلاوة الإيمان، ثُمَّ سبق الإرادة الإلهية على استفاضتها بهذه الصُّورة الفريدة في مجتمع الإسلام، ولهذا سُمِّيَت أيضًا بـ «السبع المثاني».
وقد أحصى لها القرطبي في تفسيره أربعة عشر اسمًا، وأحصى لها الفيروزآبادي في «بصائر ذوي التمييز» ثلاثين اسمًا ، فهي : الشَّافية ، والكافية، والواقية ، والرُّقية ، وأم الكتاب ، وفاتحة القرآن ... إلى غير ذلك من الأسماء، التي تَدُلُّ على شرف المسمَّى ورفعته وفضله.
خامسًا: ما جاء ثابتًا عن الرسول صلى الله عليه وسلم في فضلها، وهو كثير، نذكر منه ما يأتي:
1- في البخاري، قال صلى الله عليه وسلم لأبي سعيد بن المعلَّى: «لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِىَ أَعْظَمُ سُورَة فِى الْقُرْآنِ»، قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ... السورة، وهِىَ السَّبْعُ الْمَثَانِى وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِى أُوتِيتُهُ»([6]).
2- في الموطأ، والترمذي، بسند حسن صحيح، قال صلى الله عليه وسلم: «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِى التَّوْرَاةِ وَلاَ فِى الإِنْجِيلِ مِثْلَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَهِي السَّبْعُ الْمَثَانِي وَهِيَ مَقْسُومَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ»([7]).
3- وفي مسلم: أنَّ مَلَكًا نزل من السَّماء، لم ينزل قط إلاّ في هذا اليوم، فقال للنَّبي صلى الله عليه وسلم: «أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا، لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلاَّ أُعْطِيتَهُ»([8]).
4- وفي البخاري، وبقية الصحاح، حديث الرُّقية بالفاتحة، وكيف شفى الله اللديغ ببركة قراءتها عليه، وكيف استهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مع النفر الذين رقوا بها فيما أهدي إليهم.
أخيرًا : لهذا ولغيره التزم السَّادة الصُّوفية بقراءة «الفاتحة» في مجالسهم ، توسلًا إلى الله ، على نياتهم أو منطوقهم ، وأهل العلم يعرفون أنَّه ليس كُلُّ ما لم يأت بنصِّه يكون حرامًا أو مبتدعًا؛ فقد حدثت بعد رسُول الله صلى الله عليه وسلم آلاف الأقضية والأحداث التي التمست أسبابها ومسوغاتها اجتهادًا من الشَّريعة، بلا تحريم، ولا تجريم، ولا تبديع، ولا تشنيع، وشر الفقه فقه الجمود أو الجحود، وفيما قَدَّمْنَا هداية وكفاية([9])، والله المستعان.
4) بعض ما جاء في سورة الكهف:
1- أخرج الترمذي بسند حسن صحيح، عن البراء بن عازب رضى الله عنه، قال: بينما رجل يقرأ سورة الكهف إذ رأى دابته تركض، فنظر فإذا مثل الغمامة أو السحابة فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «تِلْكَ السَّكِينَةُ نَزَلَتْ مَعَ الْقُرْآنِ، أَوْ نَزَلَتْ عَلَى الْقُرْآنِ»([10]).
وقد جاء نحو ذلك صحيحًا في سور أخرى.
2- وأخرج الترمذي أيضًا، بسند حسن صحيح، عن أبي الدرداء رضى الله عنه مرفوعًا، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ ثَلاَثَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ»([11]) .
وفي رواية مسلم: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ»([12]) .
وفي مسلم أيضًا: «مَنْ أَدْرَكَهُ -يعني الدجَّال- فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ»([13]).
وذكر الثعلبي مرفوعًا: «ومَنْ قرأ السورة كلها دخل الجنة»([14]).
3- ونقل القرطبي عن إسحاق بن عبد الله، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أدلكم على سورة شيعها سبعون ألف مَلَك؟» قالوا : بلى ، قال صلى الله عليه وسلم: «سورة أصحاب الكهف، مَنْ قرأها يوم الجمعة غفر له إلى الجمعة الأخرى، وأُعطِيَ نورًا يبلغ السَّمَاء، ووُقِيَ فتنة الدجال». اهـ ملخصًا([15]).
4- وعند البيهقي، والدَّارِمي، عن أبي سعيد الخُدْري رضى الله عنه، موقوفًا: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ ليلة الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ فيمَا بَيْنَهُ وَالْبَيْتِ الْعَتِيقِ»([16]).
وفي رواية الوائلي، والحاكم، والبيهقي، عن أبي سعيد الخُدْري مرفوعًا: «يوم الجمعة» بدلًا من «ليلة الجمعة»، وتمامه: «أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ السماء والأرض»([17]).
5- وعند ابن مَرْدَويه ، عن ابن عمر رضى الله عنه: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء، يضيء له يوم القيامة، وغفر له ما بين الجمعتين»([18]) .
6- نقل الثعلبي، عن معاذ رضى الله عنه: «مَنْ قرأ أول سورة الكهف وآخرها، كانت له نورًا من قرنه إلى قدمه، ومَنْ قرأها كلها كانت له نورًا من السماء إلى الأرض»([19]).
وروي عن مالك، أنَّه قال: «ينبغي لمن دخل منزله أن يقول: ما شاء الله، لا قوة إلاّ بالله».
وعن أنس بن مالك رضى الله عنه مرفوعًا : «مَنْ رأى شيئًا فأعجبه ، فقال : ما شاء الله ، لا قوة إلاّ بالله ، لم تضره عين»([20])، وهُما من آيات سورة الكهف .
وفي مسند الدَّارمي عن زر بن حبيش قال: «مَنْ قرأ آخر سورة الكهف لساعة يريد أن يقوم فيها من الليل قامها إن شاء الله». قال عبدة (أحد رواته): فجربناه فوجدناه كذلك.
وروي نحوه عن ابن عبَّاس رضى الله عنه.
قلنا: فكأنَّه يتوسَّل بها إلى الله في إيقاظه؛ فيتقبل الله منه وسيلته بفضله، ويهيئ له سبب الإيقاظ في هذا الوقت.
5) قراءة الكهف في المسجد يوم الجمعة:
قلنا: ومن أجل هذا الترغيب كانت قراءة «الكهف» في المساجد، وأوقف أحباب القرآن الأوقاف الكثيرة لاستمرار قراءتها، ثُمَّ إنَّ قراءتها جهرًا تمنع النَّاس من النوم، ومن اللغط في المساجد قبل الجمعة بكلام الدنيا، وتحملهم على التبكير إلى المساجد. أمَّا رفع الصوت بها فهو مباح، كرفع الصوت بالعلم في المسجد سواء بسواء، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستقبل الوفود في المسجد، ويخطبهم ويخطبونه، وكانت الأقضية كلها والفتاوى وعقود الزواج في المساجد على القرون المباركة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحَفِّظُ الصحابة ما ينزل من القرآن بالتكرار معهم في المسجد، وكان لحسانبن ثابت رضى الله عنه منبر في المسجد يلقي من فوقه شعره، وكذلك كانت ندوات الرأي بين الصحابة، وكلها تستوجب رفع الصوت في المسجد بالخير، مع وجود المصلين؛ فلا كراهة في قراءة سورة الكهف جهرًا على هذا القياس، وفي الأمر سعة، مَنْ شاء فعل، ومَنْ شاء ترك، بلا تفضيل ولا تجهيل، ولعلها تتردد بين الرخصة والعزيمة([21]) فقط؛ لا بين الحلال والحرام، أو السنة والبدعة .
6) بعض ما جاء في سورة يس:
1- أخرج أبو نُعَيْم ، والدَّارِمي في مسنده ، عن أبي هريرة رضى الله عنه، مرفوعًا : «مَنْ قَرَأَ سورة يس فِى لَيْلَةٍ ابْتَغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ غُفِرَ لَهُ فِى تِلْكَ اللَّيْلَةِ»([22]).
2- وروى الترمذي عن أنس رضى الله عنه مرفوعًا، ورواه الضَّحَّاك عن ابن عَبَّاس رضى الله عنه مرفوعًا، والرَّازي عن أنس، كما في الجامع الصغير: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا، وَقَلْبُ الْقُرْآنِ يس»([23]) .
وفي رواية ابن أبي ليلى: «مَنْ قرأها نهارًا كُفِي هَمّه، ومَنْ قرأها ليلًا غُفِرَ ذنبه»([24]).
وفي رواية شهر بن حوشب والضَّحَّاك: «إنَّها مما يقرؤه أهل الجنة»([25]).
3- وروى الترمذي الحافظ ، والترمذي الحكيم في النوادر، من حديث عائشة رضى الله عنها ، مرفوعًا : «إنَّ في القرآن لسورة تشفع لقارئها ، وتكفّر لمستمعها، ألا وهي سورة يس»([26])، ثُمَّ ذكر أنَّهَا تعم صاحبها بخير الدنيا، وتدفع عنه أهاويل الآخرة.
4- وفي مسند الدَّارِمي، عن ابن عَبَّاس رضى الله عنه: «مَنْ قرأ يس حين يصبح أعطي يسر يومه حتَّى يمسي، ومَنْ قرأها في صدر ليله أعطي يسر ليلته حتَّى يصبح»([27]).
قال يحيى بن أبي كثير : «بلغني أنَّ منْ قرأ سورة يس ليلًا لم يزل في فرج حتَّى يصبح ، ومَنْ قرأها نهارًا لم يزل في فرج حتَّى يمسي» ، قال : «ولقد حَدَّثَنِي بذلك مَنْ جربها»، قال ابن عطية: «ويصدّق ذلك التجربة».
5- وفي نوادر الأصول للحكيم الترمذي، عن محمد بن عليٍّ، مرفوعًا ، «إنَّ في كتاب الله لسورة تدعى (القريرة) ، ويدعى صاحبها (الشريف) يوم القيامة، تشفع لصاحبها أكثر من ربيعة ومضر، وهي سورة يس»([28]).
6- نقل القرطبي، عن الثعلبي، عن أبي هريرة رضى الله عنه ، مرفوعًا ، «من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات»([29]).
7- حديث : «يس لما قرئت له»([30]) ، عند الجبرتية باليمن قطعي ، كما ذكره العجلوني، وقد نقل في «كشف الخفاء» تجارب تطبيقية لهذا الحديث، كما نقل أنَّ الأخبار تواترت بجموم فضائل (يس)، وقبول التوجه بها إلى الله([31]).
8- وعند الديلمي، عن عليٍّ كرم الله وجهه، كما في (التخريج) لابن حجر: «اقرءوا يس فإنَّ فيها عشر بركات»([32]).
قال النجم الغزي: روى الديلمي، عن عطاء بن أبي رباح، بلاغًا: «مَنْ قَرَأَ يس صَدْرِ النَّهَارِ قُضِيَتْ حَوَائِجُهُ»([33]).
وروي البيهقي، عن أبي قلابة: «مَنْ قَرَأَ يَس غُفِرَ لَهُ»([34]).
وهذه روايات وطرق شتى، يتحصل منها تأكيد فضل هذه السورة وبركتها، إن شاء الله([35]).
7) بعض ما جاء في سورة الدُّخَان:
1- روى الدَّارِمي في مسنده، عن أبي رافع: «مَنْ قَرَأَ الدُّخَانَ فِى لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ أَصْبَحَ مَغْفُورًا لَهُ، وَزُوِّجَ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ»([36]) .
2- وروى الترمذي، عن أبي هريرة، مرفوعًا: «مَنْ قَرَأَ الدُّخَانَ فِى لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ غُفِرَ لَهُ»([37]).
وروى الترمذي، من حديث أبي هريرة، مرفوعًا أيضًا: «مَنْ قَرَأَ حم الدُّخَانَ فِى لَيْلَةٍ أَصْبَحَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ»([38]).
3- ذكر الثعلبي، عن أبي أمامة رضى الله عنه ، مرفوعًا: «مَنْ قرأ حم الدُّخانَ في ليلة جُمُعَة، أو يوم جُمُعَة، بنى اللهُ له بيتًا في الجنة»([39]) .
وكلها روايات معتضدة، يَشُدُّ بعضُهَا بعضًا، ويؤخذ بها في هذا المجال، بلا تعالم ولا انغلاق.
8) بعض ما جاء في سورة الواقعة:
1- نقل القرطبي في الأذكار، عن أبي ظبية، عن ابن مسعود رضى الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ قرأ سورة الواقعة كُلَّ ليلة لم تُصِبْهُ فاقةٌ أبدًا». قال: وكان أبو ظبية لا يدعها أبدًا. ورواه كذلك أبو يعلى، والبيهقي، وغيرهما، ورواه ابن عساكر، عن ابن عَبَّاس رضى الله عنه ([40]).
2- ذكر أبو عمر في «التمهيد»، والقرطبي عن الثعلبي في «التفسير» أنَّ عثمان دخل على ابن مسعود رضى الله عنه يعوده في مرض موته، فعرض عليه عثمان عطاءً لبناته، فأبى ابن مسعود، وقال له: إنِّي أمرتهن أن يقرأن سورة الواقعة كل ليلة، فإنِّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ قرأ سورة الواقعة كُلَّ ليلة لم تصبه فاقةٌ أبدًا»([41]).
ويقول بعض العلماء: إنَّ تحديد وقت القراءة يراد به مطلق اليوم كله؛ فالمراد قراءة السورة على اتساع اليوم وليلته.
3- ونقل القرطبي، عن شريح بن يونس، بسنده إلى مسروق، قال: «مَنْ سَرَّه أن يعلم علم الأولين والآخرين، وعلم الدُّنيا والآخرة؛ فليقرأ سورة الواقعة»([42]) .
4- وروى ابن مَرْدَوَيْه عن أنس رضى الله عنه: «سورة الواقعة سورة الغنى، فاقرءوها وعلموها أولادكم». وهو عند الديلمي بلفظ: «علِّموا نساءَكم سورة الواقعة،؛ فإنَّها سورة الغنى»([43]).
وهذا الإطلاق يفيد جواز قراءتها في أيِّ وقت، وإن اختار لها أكثر الصُّوفية أول الصباح، إن لم يمكن قراءتها في المساء، برجاء استقبال اليوم ببركتها وسرِّها عند الله، وهو قول سديد.
9) بعض ما جاء في سورة الملك (تبارك):
1- روى الترمذي، والبيهقي، عن ابن عَبَّاس ب قال: ضرب بعض أصحاب النبَّيِّ صلى الله عليه وسلم خباءه على قبر، وهو لا يحسب أنَّه قبر، فإذا فيه إنسان يقرأ سورة (تبارك الذي بيده الملك) حتَّى ختمها، فأتى النبَّيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنِّي ضربت خبائي على قبر، وأنا لا أحسب أنَّه قبر، فإذا فيه إنسانٌ يقرأ سورة (تبارك الملك) حتَّى ختمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « هِىَ الْمَانِعَةُ هِىَ الْمُنْجِيَةُ تُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ»([44]).
2- وروى الثعلبي، والحاكم ، عن عبد الله بن عَبَّاس رضي الله عنهما ، مرفوعًا: «وددتُ أنَّ تبارك الذي بيده الملك في قلب كُلِّ مؤمن»([45])، وهذا لما فيها من السِّرِّ والمدد والاعتبار، وما لها من الشرف والأثر.
3- وأخرج الترمذي، عن أبي هريرة رضى الله عنه، مرفوعًا: «إِنَّ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ ثَلاَثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ، وَهِيَ تَبَارَكَ الَّذِى بِيَدِهِ الْمُلْكُ»([46]) .
4- وعن ابن مسعود رضى الله عنه: «إذا وضع الميت في قبره، فيؤتى من قبل رجليه، فيقال: ليس لكم عليه سبيل، فإنَّه كان يقوم بسورة الملك على قدميه، ثُمَّ يؤتى من رأسه، فيقول لسانه: ليس لكم عليه سبيل، فإنَّه كان يقرأ سورة الملك، ثُمَّ قال: هي المانعة من عذاب الله، وهي في التوراة سورة الملك، مَنْ قرأها في ليلة فقد أكثر وأطيب»([47]).
5- ونقل القرطبي في (الأذكار): «مَنْ قرأها في ليلة فقد أكثر وأطنب، ومن قرأها في كُلِّ ليلة لم يضره الفتان»([48]) .
ولهذا اعتبرها بعض الأئمة سُنَّة مؤكدة بعد العشاء، وبهذا أخذ جميع الصُّوفية الشَّرعيون، وربما أضافوا إليها سورة الحشر لما ورد من أنَّه ص كان يقرؤها قبل أن ينام .
هذا، ونسألُ الله التوفيق إلى العودة للكتابة عن أشْهَر ما يتعبد به السَّادة من صغار السُّوَر ومختار الآيات، خصوصًا ما جمعه الحزب المحمديِّ المبارك المسمَّى «حزب الآيات المختارة»([49])؛ فهو حزب قرآنيٌّ نادر نفيس، لكُلِّ لفظ منه سند صحيح ومدد فسيح، وبالله التوفيق.
10) من خصائص القرآن:
روى أحمد، عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: « مَنِ اسْتَمَعَ إِلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ مُضَاعَفَةٌ، وَمَنْ تَلاَهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»([50]).
وروى أحمد، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم، قال صلى الله عليه وسلم: «إِن لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ، قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟. قال: «أَهْلُ الْقُرْآنِ، هُمْ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ»([51]).
وروى أحمد، قال صلى الله عليه وسلم: « يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْقَ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِى الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا »([52]).
([1]) كثيرًا ما يفضل بعض الأشياخ للمريد أن يبدأ بالورد المفهوم له، حتَّى يتيسر له الفهم ولو إجمالًا لأوراد القرآن، بعد أن يتهيأ له المستطاع من صحة النطق والأداء، وبعضهم لا يرى الالتزام بهذا الشرط ويفضل قراءة القرآن على أي وضع، وفي كُلِّ هذا نظر. اهـ مؤلفه.
([4]) ثبت أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى على قبور بعض الصحابة بعد دفنهم، ومنهم المرأة التي كانت تقم وتخدم المسجد النبوي، وكانت قد توفيت وهو ص في إحدى الغزوات، فلما عاد ذهب إلى قبرها وصَلَّى عليها، وكان ص إذا صَلَّى على الميت قرأ بالفاتحة. على تفصيل في المذاهب. اهـ مؤلفه.
([18]) عزاه ابن كثير في تفسيره (3/71) للحافظ أبي بكر ابن مردويه في تفسيره بإسناد له غريب، وقال: وهذا الحديث في رفعه نظر، وأحسن أحواله الوقف. وعزاه الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب لابن مردويه في تفسيره، وقال: بإسناد لا بأس به.
([20]) رواه الديلمي في الفردوس (3/544)، وذكر نحوه الهيثمي في مجمع الزوائد (10/140) ، وعزاه للطبراني في الصغير والأوسط .
([21]) ومن كل ما تقدم يظهر خطأ ما ذهب له قراء عصرنا من تلاوة أية سورة شاءوا قبل الجمعة بالمسجد، ولو أنَّ هناك آثارًا بجواز قراءة هود، والدخان، والنحل، وق، ولكنها ليست في مرتبة سورة الكهف بحال. اهـ مؤلفه.
([22]) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء (2/159)، وفي أخبار أصبهان (1/252)، والدارمي في سننه (2/549)، ورواه ابن حبان في صحيحه (6/312)، والبيهقي في شعب الإيمان (2/480)، وله روايات كثيرة صحح السيوطي بعضها في اللآلئ (1/235). قال شيخنا الإمام الرائد: «ولعل قراءة الصُّوفية لهذه السورة غالبًا كان لهذا الحديث وما سيأتي من نوعه إن شاء الله تعالى».
([23]) رواه الترمذي (5/162، 163)، وقال: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حميد بن عبد الرحمن، وبالبصرة لا يعرفون من حديث قتادة إلا من هذا الوجه، وهارون أبو محمد شيخ مجهول»، ورواه البيهقي في شعب الإيمان (2/482)، وقال: «نقل إلينا بهذا الإسناد من قول أبي قلابة، وكان من كبار التابعين، ولا يقوله إن صح ذلك عنه إلا بلاغًا»، وهو عند الدارمي (2/328)، وفي مسند الشهاب (2/130)، وعزاه القرطبي في تفسيره (15/2) للضحاك عن ابن عباس، ورواية أبو زرعة الرازي فهي في التدوين في أخبار قزوين للرافعي (3/243) ذكر أنَّه حكاها الخطيب في تاريخ بغداد.
([25]) فضائل القرآن لأبي عبيد (ص178) عن شهر بن حوشب، وهو مرسل، وذكره الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف (4/109) وعزاه إلى الثعلبي من رواية زياد، عن الحسن مرسلًا.
([26]) رواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول من حديث محمد بن عليٍّ موقوفًا وسيأتي، وأورده في الكشاف (3/195)، وعزاه الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف (4/140) إلى الثعلبي من طريق محمد بن عمير، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضى الله عنها.
([27]) رواه الدارمي (2/549) عن ابن عباس موقوفًا، قال القرطبي في التذكار: رفعه أبو الحسن الماوردي في العيون له.
([28]) رواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول (3/260)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (5/257) إلى أبي نصر السجزي في الإبانة، وحسنه عن عائشة، قال في كنز العمال (1/527، 528): «وهذا من أحسن الحديث وأعذبه، وليس في إسناده إلا مقبول ثقة، والحكيم عن محمد بن عليٍّ مرسلًا كما هنا، والحاكم في تاريخه عن محمد ابن الحنفية عن عليِّ بن أبي طالب موصولًا»، وكذلك ذكر في المرقاة شرح المشكاة (2/597).
([30]) قال في كشف الخفاء (2/526): قال في المقاصد: «لا أصل له بهذا اللفظ، وهو بين جماعة الشيخ إسماعيل الجبرتي ظاهرًا قطعي»، ثم نقل بعض التجارب والأقوال في تصديق معناه.
([31]) وهذا من أسباب توسل الصُّوفية إلى الله بهذه السورة، في قضاء الحاجات ودفع المضرات، بما اشتهر من الصالحين باسم (العدِّية)، بنظامها الشرعي المقرر عندهم، وسيأتي بعد في بقية البحث عن أسرار وقضايا هذه السورة.
([32]) عزاه في كنز العمال في الإكمال (589، 510) إلى الديلمي من حديث عليٍّ وقال: فيه مسعدة بن اليسع كذاب.
وقال ابن عراق في تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة (1/296) بعد عزو حديث عليٍّ إلى الديلمي، وذكر ما فيه، قال: «له شاهد، أخرجه البيهقي في الشعب عن أبي قلابة»، وذكر حديث أبي قلابة وسيأتي قريبًا بنصه. وانظر: مسند الحارث (زوائد الهيثمي) (1/526)، وكشف الخفاء (2/527).
([35]) وقد خصصنا هذه السورة بالبحث في هذه الرسالة فارجع إليه، وارجع إلي قوانين الأخذ بالحديث الضعيف في الفضائل في رسالتنا (وظيفة الحديث الضعيف).
([37]) رواه الترمذي (5/163)، وقال: «هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وهشام بن المقدام يضعف، ...»، قال المناوي في فيض القدير (6/200): «ضعيف منقطع لكن له شواهد»، وهو عند أبي يعلى في مسنده، وتعقيبًا على قول الترمذي: «الحسن لم يسمع من أبي هريرة» قال الزيلعي في نصب الراية: «مع أنِّي وجدتُ هذا الحديث في مسند أبي يعلى الموصلي عن الحسن قال: سمعتُ أبا هريرة. والله أعلم» يعني أنَّه صَرَّح بالسماع. وفي الباب أحاديث أخرى.
([38]) رواه الترمذي (5/163)، وقال: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وعمر بن أبي خثعم يضعف، قال محمد: وهو منكر الحديث».
([39]) رواه الطبراني في معجمه الكبير (8/264)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/168): «وفيه فضال بن جبير وهو ضعيف جدًا»، وعزاه القرطبي في التذكار إلى الثعلبي، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (6/24) إلى ابن مردويه.
([40]) الحديث رواه أحمد في فضائل الصحابة (2/726)، والبيهقي في شعب الإيمان (2/492)، وهو في مسند الحارث (زوائد الهيثمي) (2/729)، وعزاه في كشف الخفاء (1/556) لأبي يعلى والبيهقي وابن عساكر عن ابن عبَّاس رضى الله عنه. وعزاه السيوطي في الدر المنثور (6/153) إلى أبي عبيد في فضائل القرآن، وابن الضريس، والحارث بن أبي أسامة، وأبي يعلى، وابن مردويه، وفيه كلام انظره في تخريج أحاديث الكشاف (4/163).
([42]) تفسير القرطبي (17/194)، وفي التذكار (ص178)، وابن أبي شيبة في المصنف (7/148)، وهو في فضائل القرآن لأبي عبيد (ص189).
([44]) رواه الترمذي (5/164) ، وقال : «حسن غريب» ، والبيهقي في سننه الصغرى (1/553) ، والطبراني في الكبير (12/174) ، وأبو نُعَيْم في حلية الأولياء (3/81) .
([45]) عزاه القرطبي في تفسيره (18/205) إلى الثعلبي، ورواه الحاكم في المستدرك (1/753) وقال: «هذا إسناده عند اليمانيين صحيح، ولم يخرجاه»، قال الذهبي في مختصره: «حفص واه»، ورواه البيهقي في شعب الإيمان (2/494) وقال: وفي رواية الترقفي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لوددتُ أنَّ تبارك في صدر كُلِّ إنسان من أمتي». اهـ، ورواه الطبراني في معجمه الكبير (11/242).
([46]) رواه الترمذي (5/164)، وقال: حديث حسن، والحاكم في المستدرك (1/753، 2/540) وصححه، وسكت الذهبي، ورواه ابن ماجه (2/1244)، وأبو داود (2/57)، وابن حبان في صحيحه (1/67، 69). قال الحافظ في تلخيص الحبير (1/233): «وله شاهد من حديث ثابت عن أنس رواه الطبراني في الكبير بإسناد صحيح». قلتُ: يعني حديث أنس في المعجم الكبير: «سورة من القرآن ما هي إلا ثلاثون آية خاصمت عن صاحبها حتى أدخلته الجنة، وهي سورة تبارك»، وهو أيضًا في معجم الطبراني الصغير (1/176) .
([47]) رواه الحاكم في المستدرك (2/540)، والطبراني في الكبير (9/131)، والبيهقي في شعب الإيمان (2/494) .
([48]) القسم الأول منه تقدم في الحديث السابق ، أما القسم الثاني فذكره القرطبي في تفسيره (18/205) من غير عزو ، ولم أقف عليه عند غيره . وعن جابر ت ، قال : «كان رسول الله ص لا ينام حتَّى يقرأ ألم تنزيل، وتبارك» رواه البخاري في الأدب المفرد (177) ، والترمذي (5/165) ، والدارمي (2/455) ، وغيرهم .
([51]) رواه أحمد في مسنده (3/127، 242)، والنسائي في الكبرى (5/17)، وابن ماجه (1/78)، والحاكم (1/743) .
([52]) رواه أحمد في مسنده (2/192)، والنسائي في السنن الكبرى (5/22)، وابن حبان في صحيحه (3/43)، وغيرهم.
قال شيخنا الإمام رحمه الله تعالى: «المراد هنا بأهل القرآن، ليس مجرد الحافظين له، والمتاجرين به، ولكن المراد بهم العاملون بالقرآن، والواعون له، والمتخلقون بأخلاقه وآدابه، مع المحافظة طوق الجهد على ما يمكن حفظه واستيعابه منه، أولئك هم الذين يتلونه حق تلاوته، ويعرفونه كما يعرفون أبناءهم، ويقومون بحقِّه قولًا وعملًا وحالًا، ومن هؤلاء السَّادة الصوفية الشرعيون المحمديون ﴿إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ﴾ [الأنبياء:106]. قلتُ: ومن علم بعظيم الأجر والثواب على تلاوة هذه السُّور المخصوصة ثُمَّ تكاسل عن اللحاق بركب أهل القرآن فهو محروم، والعياذ بالله.