قطب دائرة المصترفين، صاحب الكرامات والمكاشفات، سيدي ومولاي أبو عبد الله محمد الغزواني المراكشي الشاذلي، كان رضى الله عنه من أهل التصريف، ومن أصحاب الكرامات الخارقة. أقامه الله في الكون فتصرف في الوجود بأمر الله، وكان قطبًا غوثًا جامعًا بين الشريعة والحقيقة.
وكان رضى الله عنه من أكابر الرجال أصحاب المقامات العالية، وهو أحد السبعة الأقطاب المدفونين بمراكش.
انتهت إليه تربية المريدين، فرباهم بالدَّلال والكمال حتى وصلوا إلى مقامات الرجال، انعقد عليه الإجماع في الكشف الصريح عن خفايا الأمور، أتى من الحقائق بما يبهر العقول حتى أذعنت له جميع العلماء، وخضعت لصولته جلُّ الأمراء، وانفرد في زمانه بالمدد الفياض، فكان رحمة كبرى لجميع العباد.
كانت عامة أهل المغرب يستسقون به الغيث فيسقون، ولهم فيه الاعتقاد الكبير للأمير والحقير، والغني والفقير إلى وقتنا هذا حسبما هو مُشاهد.
وله كرامات رضى الله عنه وقعت على أيدي الناس في حياته وبعد مماته، فمن كراماته رضى الله عنه أنَّه خرج ذات يوم إلى بعض القبائل لإيقاع صلح في أمر وقع بينهم، فلما راح إليهم افتتح الذكر، وبدأ بعمارة الحضرة، فتواجد الناس كلهم حتى اختلط الفريقان، ولم يزل ذلك دأبهم جميع الليل، وكان ذلك في رمضان، فلما لاح الفجر صاح الناس، وأشفقوا من بقاء الناس بلا سحور، وأعلموه بذلك رضى الله عنه، فقام وقال: بأمر الله ارجع أيُّها الليل. فذهبت تباشير الصبح التي ظهرت، وأقبل الليل بظلام كما كان حتى تسحر الناس، واكتفوا، وفرغوا فعند ذلك جاء الفجر، وهذه الكرامة تُعدُّ من الكرامات التي لا تقع إلا على أيدي الكُمَّلِ من الرجال أرباب التصريف.
وله كرامات تلهج بذكرها ألسنة الناس، ويكفي فيها ما هو مشاهد الآن من إشفاء المرضى والزمنى، وإغاثة الملهوف، وتفريج المكروب، وإعانة المضطر، فالمتوسِّلُ به إلى الله سبحانه وتعالى لا يرى ضيمًا ولا قهرًا بفضل الله.
أخذ رضى الله عنه طريق رشده وهدايته من شيخ شيوخ وقته الشيخ الرباني والأستاذ العرفاني سيدي محمد بن عبد العزيز التباع دفين حضرة مراكش رضى الله عنه.
توفي سيدي أبو عبد الله الغزواني قدس سره عام تسع مئة وخمسة وثلاثين، ودفن بالقصر من حضرة مراكش حرسها الله، بمقام عظيم، وضريحه من الأماكن المُعدّة لإجابة الدعوات، وقضاء الحاجات، وتفريج الكربات، والناس تزدحم على قبره مقتبسين من أنواره، مستمدين من أسراره، وتفوح الروائح الزكية على ضريحه من بعد، اللهم أمدنا بأسراره، وانفحنا ببركاته، واجعلنا يا مولانا على أثر أوليائك حتى نلقاك يا أرحم الراحمين. آمين.