التعريف به:
هو صاحب سيدنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال عنه أبو نعيم: «ومنهم خبيب بن عدي المصلوب، الثابت الصابر في ذات الله المحبوب. وقد قيل: إن التصوف إقامة الدنف المعذب على حفاظ الكلف المهذب».
أخلاقه وأيامه في الإسلام:
روي عن أبي هريرة قال: بعث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عشرة رهط عينًا، وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري جد عاصم ابن عمر بن الخطاب، فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدة بين عسفان ومكة، ذكروا لحي من هذيل، يقال لهم: بنو لحيان، فنفروا إليهم بقريب من مائة رجل ،رام فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم التمر في منزل نزلوه قالوا نوى يثرب، فاتبعوا آثارهم، فلما أحس بهم عاصم وأصحابه لجأوا إلى فدفد، فأحاط بهم القوم وقالوا لهم: انزلوا واعطوا بأيديكم، ولكم العهد والميثاق لا نقتل منكم أحدًا. فقال عاصم بن ثابت أمير القوم: أما أنا والله لا أنزل في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك. فرموهم بالنبل فقتلوا عاصما في سبعة، ونزل إليهم ثلاثة نفر على العهد والميثاق؛ منهم: خبيب الأنصاري، وزيد بن الدثنة، ورجل آخر، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها. فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، والله. لا أصحبكم، إن لي بهؤلاء أسوة، يريد القتلى، فجرروه وعالجوه فأبى أن يصحبهم فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وزيد حتى باعوهما بمكة بعد وقعة بدر، فابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف خبيبا، وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر، فلبث حبيب عندهم أسيرًا حتى أجمعوا قتله، فاستعار من بعض بنات الحارث موسى يستحد بها، فأعارته إياها، فدرج بنى لها حتى أتاه، قالت: وأنا غافلة، فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده قالت ففزعت فزعة عرفها خبيب، فقال: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك. قالت: والله ما رأيت أسيرًا قط خيرًا من خبيب والله . لقد وجدته يوما يأكل قطفًا من عنب في يده، وإنه لموثق في الحديد وما بمكة من ثمرة، وكانت تقول: إنه لرزق رزقه الله خبيبا،
فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب : دعوني أركع ركعتين، فتركوه. ثم قال: والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزع لزدت، اللهم احصهم . عددًا واقتلهم بددا، ولا تبق منهم أحدًا، ثم قال:
فَلَسْتُ أَبَالِي حِيْنَ أُقتلُ مُسْلِمًا عَلَى أَي جَنْبِ كَانَ فِي اللَّهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ يُبَارِك عَلَى أَوْصَالِ شِلو مُمَزَّع
ثم قام إليه أبو سروعة عقبة بن الحارث فقتله، وكان خبيب أول من سن لكل مسلم قتل صبرا الصلاة .
وروي عن مارية مولاة حجير بن أبي أهاب وكانت قد أسلمت قالت: كان خبيب قد حبس في بيتي، ولقد أطلعت إليه يوما وإن في يده لقطفًا من عنب مثل رأس الرجل يأكل منه، وما أعلم أن في الأرض حبة عنب تؤكل. قال ابن إسحاق : وقال عاصم بن عمر بن قتادة فخرجوا بخبيب إلى التنعيم ليقتلوه؛ فقال لهم: إن رأيتم أن تدعوني حتى أركع ركعتين فافعلوا. قالوا: دونك فاركع، فركع ركعتين أتمهما وأحسنهما، ثم أقبل على القوم؛ فقال: والله. لولا أن تظنوا أني إنما طولت جزءًا من القتل لاستكثرت من الصلاة. ثم رفعوه على خشبة، فلما أوثقوه قال: اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك، فبلغه الغداة ما يفعل بنا. هذا هو الحق وهؤلاء أهله، لا ما عليه هؤلاء الموتورين من غدر وخطف وقتل وسفك بدعوى إقامة الحق، كيف وفاقد الشيء لا يعطيه؟!
وروي عن ابن إسحاق أنه قال: ومما قيل فيه من الشعر قول خبيب بن عدي حين بلغه أن القوم قد أجمعوا لصلبه؛ فقال:
لَقَدْ جَمَّعَ الْأَحْزَابَ حَوْلِي وَالْبُو قَبَائِلَهُم وَاسْتَجْمَعُوا كُلَّ مُجَمَّع
وَقَدْ جَمَعُوا أَبْنَاءَهُم وَنِسَاءَهُم وَقَرُبَتْ مِنْ جَزَع طَويلٍ مُمَنَّع
إِلَى اللَّهُ أَشْكُو كُرْبَتِي بَعْدِ غُرْبَنِي وَمَا جَمَّعَ الْأَحْزَابُ لِي حَوْلَ مَصْرَعِي
فَذَا العَرْشِ صَبَّرَنِ عَلَى مَا يُرَادُ بي فَقَد بَضَعُوا لَحَمِي وَقَد يَأْسَ مَطْمَعِي
وَقَدْ خَيَّرُونِي الْكُفْرَ وَالمَوْتَ دُونَهُ وَقَدْ ذَرَفَتْ عَيْنَايِ مِنْ غَيْرِ تَجْزَع
وَمَا بِي حَذَارَ المَوْتِ أَنِّي مَيِّتٌ وَلَكِنْ حَذَارِي حَجْمْ نَارٍ مُلَفَّـع
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ يُبَارِك عَلَى أَوْصَالِ شِلْوِ مُمَزَّع
فَلَسْتُ أُبَالِي حِيْنَ أُقتَلُ مُسْلِها عَلَى أَي جَنْبِ كَانَ فِي اللَّهُ مَصْرَعِي
الرئيسة