سابق الفرس، ورائق العرس، الكادح الذي لا يبرح، والزاخر الذي لا ينزح، الحكيم، والعابد العليم، أبو عبد الله سلمان ابن الإسلام، رافع الألوية والأعلام، أحد الرفقاء والنجباء، ومن إليه تشتاق الجنة من الغرباء، ثبت على القلة والشدائد، لما نال من الصلة والزوائد. وقد قيل: «إن التصوف مقاساة القلق في مراعاة العلق»
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو حذيفة، ثنا عمارة بن زاذان، عن ثابت، عن أنس، رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " السباق أربع: أنا سابق العرب، وصهيب سابق الروم، وسلمان سابق الفرس، وبلال سابق الحبشة "
حدثنا أبو سعيد أحمد بن أبتاه بن شيبان العباداني بالبصرة، ثنا الحسن بن إدريس السجستاني، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا الوسيم بن جميل، حدثني محمد بن مزاحم، عن صدقة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن سلمان، " أنه تزوج امرأة من كندة فبنى بها في بيتها، فلما كان ليلة البناء مشى معه أصحابه حتى أتى بيت امرأته، فلما بلغ البيت قال: ارجعوا آجركم الله، ولم يدخلهم عليها كما فعل السفهاء، فلما نظر إلى البيت، والبيت منجد، قال: أمحموم بيتكم أم تحولت الكعبة في كندة؟ قالوا: ما بيتنا بمحموم ولا تحولت الكعبة في كندة، فلم يدخل البيت حتى نزع كل ستر في البيت غير ستر الباب. فلما دخل رأى متاعا كثيرا فقال: لمن [ص:186] هذا المتاع؟ قالوا: متاعك ومتاع امرأتك، قال: ما بهذا أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم، أوصاني خليلي أن لا يكون متاعي من الدنيا إلا كزاد الراكب، ورأى خدما فقال: لمن هذا الخدم؟ فقالوا: خدمك وخدم امرأتك، فقال: ما بهذا أوصاني خليلي، أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن لا أمسك إلا ما أنكح، أو أنكح، فإن فعلت فبغين كان علي مثل أوزارهن من غير أن ينتقص من أوزارهن شيء، ثم قال للنسوة التي عند امرأته: هل أنتن مخرجات عني، مخليات بيني وبين امرأتي؟ قلن: نعم، فخرجن، فذهب إلى الباب حتى أجافه وأرخى الستر، ثم جاء حتى جلس عند امرأته فمسح بناصيتها ودعا بالبركة، فقال لها: هل أنت مطيعتي في شيء آمرك به؟ قالت: جلست مجلس من يطاع، قال: فإن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني إذا اجتمعت إلى أهلي أن أجتمع على طاعة الله عز وجل، فقام وقامت إلى المسجد فصليا ما بدا لهما، ثم خرجا فقضى منها ما يقضي الرجل من امرأته، فلما أصبح غدا عليه أصحابه فقالوا: كيف وجدت أهلك؟ فأعرض عنهم، ثم أعادوا فأعرض عنهم، ثم أعادوا فأعرض عنهم، ثم قال: إنما جعل الله تعالى الستور والخدور والأبواب لتواري ما فيها، حسب امرئ منكم أن يسأل عما ظهر له، فأما ما غاب عنه فلا يسألن عن ذلك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المتحدث عن ذلك كالحمارين يتسافدان في الطريق»
حدثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا محمد بن بكار الصيرفي، ثنا الحجاج بن فروخ الواسطي، ثنا ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنه قال: قدم سلمان من غيبة له، فتلقاه عمر فقال: أرضاك لله تعالى عبدا، قال: فزوجني، قال: فسكت عنه، فقال: أترضاني لله عبدا، ولا ترضاني لنفسك، فلما أصبح أتاه قوم عمر، فقال: حاجة؟ قالوا: نعم، قال: وما هي إذا تقضى؟ قالوا: تضرب عن هذا الأمر، يعنون خطبته إلى عمر، فقال: أما والله ما حملني على هذا إمرته ولا سلطانه، ولكن قلت: رجل صالح عسى الله أن يخرج مني ومنه نسمة صالحة. قال: فتزوج في كندة، فلما جاء يدخل على أهله إذا البيت منجد، وإذا فيه نسوة فقال: أتحولت الكعبة في كندة أم هي حمى، أمرني خليلي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم إذا تزوج أحدنا أن لا يتخذ من المتاع إلا أثاثا كأثاث المسافر، ولا يتخذ من النساء إلا ما ينكح، أو ينكح قال: فقمن النسوة فخرجن فهتكن ما في البيت، ودخل على أهله، فقال: يا هذه أتطيعيني أم تعصيني؟ فقالت: بل أطيع، فمرني بما شئت فقد نزلت منزلة المطاع، فقال: إن خليلي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم أمرنا إذا دخل أحدنا على أهله أن يقوم فيصلي، ويأمرها فتصلي خلفه، ويدعو ويأمرها أن تؤمن، ففعل وفعلت، قال: فلما أصبح جلس في مجلس كندة، فقال له رجل: يا أبا عبد الله كيف أصبحت؟ كيف رأيت أهلك؟ فسكت عنه، فعاد فسكت عنه، ثم قال: ما بال أحدكم يسأل عن الشيء قد وارته الأبواب والحيطان، إنما يكفي أحدكم أن يسأل عن الشيء، أجيب أو سكت عنه "
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا بشر بن موسى، ثنا خلاد بن يحيى، ثنا مسعر، ثنا عمرو بن مرة، عن أبي البحتري، قال: سئل علي بن أبي طالب عن سلمان، رضي الله تعالى عنهما فقال: «تابع العلم الأول والعلم الآخر، ولا يدرك ما عنده»
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل، ثنا حبان بن علي، ثنا عبد الملك بن جريج، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه، وعن رجل، عن زاذان الكندي، قالا: كنا عند علي رضي الله تعالى عنه ذات يوم فوافق الناس منه طيب نفس ومزاح، فقالوا: يا أمير المؤمنين حدثنا عن أصحابك، قال: عن أي أصحابي؟ قالوا: عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قال: كل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أصحابي، فعن أيهم؟ قالوا: عن الذين رأيناك تلطفهم بذكرك والصلاة عليهم دون القوم، حدثنا عن سلمان، قال: من لكم بمثل لقمان الحكيم؟ ذاك امرؤ منا وإلينا أهل البيت، أدرك العلم الأول والعلم الآخر، وقرأ الكتاب الأول والكتاب الآخر، بحر لا ينزف "
حدثنا عبد الله بن محمد بن عطاء، ثنا أحمد بن عمرو البزاز، ثنا السري بن محمد الكوفي، ثنا قبيصة بن عقبة، ثنا عمار بن زريق، عن أبي صالح، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، أن سلمان، رضي الله تعالى عنه دخل عليه فرأى امرأته رثة الهيئة فقال: ما لك؟ قالت: إن أخاك لا يريد النساء، إنما يصوم النهار ويقوم الليل، فأقبل على أبي الدرداء فقال: إن لأهلك عليك حقا، فصل ونم، وصم وأفطر. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «لقد أوتي سلمان من العلم» رواه الأعمش، عن شمر بن عطية، عن شهر بن حوشب، عن أم الدرداء
حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة، ثنا أحمد بن علي بن المثنى، ثنا زهير بن حرب، ثنا جعفر بن عون، ثنا أبو العميس، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: " جاء سلمان يزور أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة فقال: ما شأنك؟ قالت: إن أخاك ليست له حاجة في شيء من الدنيا، يقوم الليل ويصوم النهار، فلما جاء أبو الدرداء رحب به سلمان، فقرب إليه طعاما، فقال له سلمان: اطعم، قال: إني صائم، فقال سلمان: أقسمت عليك إلا طعمت، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل معه وبات عنده، فلما كان من الليل قام أبو الدرداء فحبسه سلمان ثم قال: يا أبا الدرداء إن لربك عز وجل عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، ولجسدك عليك حقا، أعط كل ذي حق حقه، صم وأفطر، وقم ونم، وائت أهلك. فلما كان عند وجه الصبح قال: قم الآن، فقاما وتوضيا وصليا، ثم خرجا إلى الصلاة، فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم قام إليه أبو الدرداء فأخبره بما قال سلمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا الدرداء إن لجسدك عليك حقا». مثل ما قال سلمان "
حدثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا عبد الله بن براد الأشعري، ثنا محمد بن بشر، ثنا مسعر، حدثني عمرو بن مرة، عن أبي البختري، قال: " صحب سلمان رضي الله تعالى عنه رجل من بني عبس، قال: فشرب من دجلة شربة، فقال له سلمان: «عد فاشرب»، قال: قد رويت، قال: «أترى شربتك هذه نقصت منها؟» قال: وما ينقص منها شربة شربتها قال: «كذلك العلم لا ينقص، فخذ من العلم ما ينفعك»
حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر، ثنا محمد بن مرزوق، ثنا عبيد بن واقد، ثنا حفص بن عمر السعدي، عن عمه، قال: قال سلمان لحذيفة: «يا أخا بني عبس إن العلم كثير، والعمر قصير، فخذ من العلم ما تحتاج إليه في أمر دينك، ودع ما سواه، فلا تعانه»
حدثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا قتيبة بن سعيد، وأبو كامل قالا: ثنا أبو عوانة، عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري، أن جيشا، من جيوش المسلمين كان أميرهم سلمان الفارسي، فحاصروا قصرا من قصور فارس، فقالوا: يا أبا عبد الله ألا ننهد إليهم؟ فقال: دعوني أدعهم كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم، فقال لهم: «إنما أنا رجل منكم فارسي، أترون العرب تطيعني؟ فإن أسلمتم فلكم مثل الذي لنا، وعليكم مثل الذي علينا، وإن أبيتم إلا دينكم تركناكم عليه، وأعطيتمونا الجزية عن يد وأنتم صاغرون»، قال: ورطن إليهم بالفارسية: «وأنتم غير محمودين، وإن أبيتم نابذناكم على سواء»، فقالوا: ما نحن بالذي نؤمن، وما نحن بالذي نعطي الجزية، ولكنا نقاتلكم، قالوا: يا أبا عبد الله ألا ننهد إليهم؟ قال: لا، فدعاهم ثلاثة أيام إلى مثل هذا، ثم قال: «انهدوا إليهم»، فنهدوا إليهم، قال: ففتحوا ذلك الحصن " ورواه حماد وجرير وإسرائيل وعلي بن عاصم، عن عطاء نحوه
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي ليلى الكندي، قال: أقبل سلمان في ثلاثة عشر راكبا، أو اثني عشر راكبا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فلما حضرت الصلاة قالوا: تقدم يا أبا عبد الله، قال: إنا لا نؤمكم، ولا ننكح نساءكم، إن الله تعالى هدانا بكم "، قال: فتقدم رجل من القوم فصلى أربع ركعات، فلما سلم قال سلمان: «ما لنا وللمربعة، إنما كان يكفينا نصف المربعة، ونحن إلى الرخصة أحوج» قال عبد الرزاق: يعني في السفر
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، ثنا الثوري، عن أبيه، عن المغيرة بن شبيل، عن طارق بن شهاب، أنه بات عند سلمان لينظر ما اجتهاده، قال: فقام يصلي من آخر الليل، فكأنه لم ير الذي كان يظن فذكر ذلك له، فقال سلمان: " حافظوا على هذه الصلوات الخمس، فإنهن كفارات لهذه الجراحات ما لم تصب المقتلة - يعني الكبائر، فإذا صلى الناس العشاء صدروا على ثلاث منازل : منهم من عليه ولا له، ومنهم له ولا عليه، ومنهم من لا له ولا عليه، فرجل اغتنم ظلمة الليل وغفلة الناس فركب رأسه في المعاصي فذلك عليه ولا له، ومنهم من اغتنم ظلمة الليل وغفلة الناس فقام يصلي فذلك له ولا عليه، ومنهم من لا له ولا عليه فرجل صلى ثم نام فذلك لا له ولا عليه "
«إياك والحقحقة، وعليك بالقصد والدوام»
حدثنا القاسم بن أحمد بن القاسم، ثنا محمد بن الحسين الخثعمي، ثنا عباد بن يعقوب، ثنا موسى بن عمير، ثنا أبو ربيعة الإيادي، عن ابن بريدة، عن أبيه، رضي الله تعالى عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نزل علي الروح الأمين فحدثني أن الله تعالى يحب أربعة من أصحابي»، فقال له من حضر: من هم يا رسول الله؟ فقال: «علي وسلمان وأبو ذر والمقداد» رضي الله تعالى عنهم "
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا جعفر بن محمد بن عيسى، ثنا محمد بن حميد، ثنا إبراهيم بن المختار، ثنا عمران بن وهب الطائي، عن أنس بن مالك، رضي الله تعالى عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " اشتاقت الجنة إلى أربعة: علي والمقداد وعمار وسلمان "
حدثنا حبيب بن الحسن، ثنا الحسين بن علي بن الوليد الفسوي، ثنا أحمد بن حاتم، ثنا عبد الله بن عبد القدوس الرازي، ثنا عبيد المكتب، حدثني أبو الطفيل عامر بن واثلة، حدثني سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه قال: " كنت رجلا من أهل جي، وكان أهل قريتي يعبدون الخيل البلق، فكنت أعرف أنهم ليسوا على شيء، فقيل لي: إن الدين الذي تطلب إنما هو قبل المغرب، فخرجت حتى أتيت أداني أرض الموصل، فسألت عن أعلم أهلها فدللت على رجل في قبة - أو في صومعة - فأتيته فقلت: إني رجل من المشرق، وقد جئت في طلب الخير، فإن رأيت أن أصحبك وأخدمك وتعلمني مما علمك الله، قال: نعم، فصحبته، فأجرى علي مثل الذي يجري عليه من الحبوب والخل والزيت، فصحبته ما شاء الله أن أصحبه، ثم نزل به الموت، فلما نزل به الموت جلست عند رأسه أبكي، قال: ما يبكيك؟ قلت: انقطعت من بلادي في طلب الخير فرزقني الله تعالى صحبتك، فأحسنت صحبتي وعلمتني مما علمك الله، وقد نزل بك الموت فلا أدري أين أذهب؟ قال: إلى أخ لي بمكان كذا وكذا، فائته فأقرئه مني السلام، وأخبره أني أوصيت بك إليه، واصحبه فإنه على الحق، فلما هلك الرجل خرجت حتى أتيت الذي وصف لي قلت: إن أخاك فلانا يقرئك السلام، قال: وعليه السلام، ما فعل؟ قلت: هلك، وقصصت عليه قصتي ثم أخبرته أنه أمرني بصحبته، فقبلني وأحسن صحبتي وأجرى علي مثل ما كان يجري علي عند الآخر، فلما نزل به الموت جلست عند رأسه أبكيه، فقال: ما يبكيك؟ فقلت: أقبلت من بلادي فرزقني الله تعالى صحبة فلان فأحسن صحبتي وعلمني مما علمه الله، فلما نزل به الموت أوصى بي إليك، فأحسنت صحبتي وعلمتني مما علمك الله، وقد نزل بك الموت فلا أدري أين أتوجه؟ قال: إلى أخ لي على درب الروم، ائته فأقرئه مني السلام، وأخبره أني أمرتك بصحبته، فاصحبه فإنه على الحق، فلما هلك الرجل خرجت حتى أتيت الذي وصف لي فقلت: إن أخاك فلانا يقرئك السلام، قال: وعليه السلام، ما فعل؟ قلت: هلك، وقصصت عليه قصتي وأخبرته أنه أمرني بصحبتك، فقبلني وأحسن صحبتي وعلمني مما علمه الله عز وجل، فلما نزل به الموت جلست عند رأسه أبكي، فقال: ما يبكيك؟ فقصصت عليه قصتي ثم قلت: رزقني الله عز وجل صحبتك وقد نزل بك الموت، فلا أدري أين أذهب، قال: لا أين، إنه لم يبق على دين عيسى ابن مريم عليه السلام أحد من الناس أعرفه، ولكن هذا أوان - أو إبان - نبي يخرج، أو قد خرج، بأرض تهامة، فالزم قبتي وسل من مر بك من التجار - وكان ممر تجار أهل الحجاز عليه إذا دخلوا الروم - وسل من قدم عليك من أهل الحجاز: هل خرج فيكم أحد يتنبأ؟ فإذا أخبروك أنه قد خرج فيهم رجل فأته فإنه الذي بشر به عيسى عليه السلام، وآيته أن بين كتفيه خاتم النبوة، وأنه يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، قال: فقبض الرجل ولزمت مكاني لا يمر بي أحد إلا سألته: من أي بلاد أنتم؟ حتى مر بي ناس من أهل مكة، فسألتهم: من أي بلاد أنتم؟ قالوا: من الحجاز، فقلت: هل خرج فيكم أحد يزعم أنه نبي؟ قالوا: نعم، قلت: هل لكم أن أكون عبدا لبعضكم على أن يحملني عقبه، ويطعمني الكسرة حتى يقدم بي مكة، فإذا قدم بي مكة فإن شاء باع وإن شاء أمسك، قال رجل من القوم: أنا، فصرت عبدا له، فجعل يحملني عقبه ويطعمني من الكسرة حتى قدمت مكة، فلما قدمت مكة جعلني في بستان له مع حبشان، فخرجت خرجة فطفت مكة فإذا امرأة من أهل بلادي فسألتها وكلمتها، فإذا مواليها وأهل بيتها قد أسلموا كلهم، وسألتها عن النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يجلس في الحجر - إذا صاح عصفور مكة - مع أصحابه، حتى إذا أضاء له الفجر تفرقوا، قال: فجعلت أختلف ليلتي كراهية أن يفتقدني أصحابي، قالوا: ما لك؟ قلت: أشتكي بطني، فلما كانت الساعة التي أخبرتني أنه يجلس فيها، أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو محتب في الحجر وأصحابه بين يديه، فجئته من خلفه صلى الله عليه وسلم، فعرف الذي أريد فأرسل حبوته فسقطت فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه، قلت في نفسي: الله أكبر هذه واحدة، فلما كان في الليلة المقبلة صنعت مثل ما صنعت في الليلة التي قبلها، لا ينكرني أصحابي، فجمعت شيئا من تمر، فلما كانت الساعة التي يجلس فيها النبي صلى الله عليه وسلم أتيته فوضعت التمر بين يديه، فقال: «ما هذا؟» قلت: صدقة، قال لأصحابه: «كلوا»، ولم يمد يديه، قال: قلت في نفسي: الله أكبر هذه ثنتان، فلما كان في الليلة الثالثة جمعت شيئا من تمر ثم جئت في الساعة التي يجلس فيها فوضعته بين يديه، قال: «ما هذا؟» قلت: هدية، فأكل وأكل القوم، قال: قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فسألني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصتي فأخبرته، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انطلق فاشتر نفسك»، فأتيت صاحبي فقلت: بعني نفسي، قال: نعم، أبيعك نفسك بأن تغرس لي مائة نخلة، إذا أثبتت وتبين ثباتها - أو نبتت وتبين نباتها - جئتني بوزن نواة من ذهب. فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، قال: «فأعطه الذي سألك»، وجئني بدلو من ماء البئر الذي يسقى - أو تسقي به - ذلك النخل "، قال: فانطلقت إلى الرجل فابتعت منه نفسي، فشرطت له الذي سألني، وجئت بدلو من ماء البئر الذي يسقى به ذلك النخل، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، فانطلقت فغرست به ذلك النخل، فوالله ما غدرت منه نخلة واحدة، فلما تبين ثبات النخل - أو نبات النخل - أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته أنه قد تبين ثبات النخل - أو نباته - فدعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوزن نواة من ذهب فأعطانيها، فذهبت بها إلى الرجل فوضعتها في كفة الميزان، ووضع له نواة في الجانب الآخر، فوالله ما قلت من الأرض، فأتيت بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «لو كنت شرطت له وزن كذا وكذا لرجحت تلك القطعة عليه»، فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكنت معه " رواه الثوري عن عبيد المكتب مختصرا ورواه السلم بن الصلت العبدي، عن أبي الطفيل مطولا
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أبو حبيب يحيى بن نافع المصري، ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا ابن لهيعة، حدثني يزيد بن أبي حبيب، ثنا السلم بن الصلت العبدي، عن أبي الطفيل البكري، أن سلمان الخير، حدثه قال: كنت رجلا من أهل جي - مدينة أصبهان - فبينا أنا إذ ألقى الله تعالى في قلبي من خلق السماوات والأرض. فانطلقت إلى رجل لم يكن يكلم الناس يتحرج فسألته: أي الدين أفضل؟ فقال: ما لك ولهذا الحديث، أتريد دينا غير دين أبيك؟ قلت: لا، ولكن أحب أن أعلم من رب السماوات والأرض، وأي دين أفضل؟ قال: ما أعلم أحدا على هذا غير راهب بالموصل، قال: فذهبت إليه فكنت عنده، فإذا هو قد أقتر عليه في الدنيا، فكان يصوم النهار ويقوم الليل، فكنت أعبد كعبادته، فلبثت عنده ثلاث سنين ثم توفي، فقلت: إلى من توصي بي؟ فقال: ما أعلم أحدا من أهل المشرق على ما أنا عليه، فعليك براهب وراء الجزيرة فأقرئه مني السلام. قال: فجئته فأقرأته منه السلام وأخبرته أنه قد توفي، فمكثت أيضا عنده ثلاث سنين ثم توفي، فقلت: إلى من تأمرني أن أذهب؟ قال: ما أعلم أحدا من أهل الأرض على ما أنا عليه غير راهب بعمورية شيخ كبير، وما أرى تلحقه أم لا، فذهبت إليه فكنت عنده فإذا رجل موسع عليه، فلما حضرته الوفاة قلت له: أين تأمرني أذهب؟ قال: ما أعلم أحدا من أهل الأرض على ما أنا عليه، ولكن إن أدركت زمانا تسمع برجل يخرج من بيت إبراهيم عليه السلام - وما أراك تدركه - وقد كنت أرجو أن أدركه، فإن استطعت أن تكون معه فافعل فإنه الدين، وأمارة ذلك أن قومه يقولون: ساحر مجنون كاهن، وأنه يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، وأن عند غضروف كتفه خاتم النبوة. قال: فبينا أنا كذلك حتى أتت عير من نحو المدينة، فقلت: من أنتم؟ قالوا: نحن من أهل المدينة، ونحن قوم تجار نعيش بتجارتنا، ولكنه قد خرج رجل من أهل بيت إبراهيم فقدم علينا، وقومه يقاتلونه وقد خشينا أن يحول بيننا وبين تجارتنا، ولكنه قد ملك المدينة. قال: فقلت: ما يقولون فيه؟ قال: يقولون: ساحر مجنون كاهن، فقلت: هذه الأمارة، دلوني على صاحبكم، فجئته فقلت: تحملني إلى المدينة، فقال: ما تعطيني؟ قلت: ما أجد شيئا أعطيك غير أني لك عبد، فحملني، فلما قدمت جعلني في نخله فكنت أسقى كما يسقى البعير حتى دبر ظهري وصدري من ذلك، ولا أجد أحدا يفقه كلامي حتى جاءت عجوز فارسية تسقي فكلمتها ففهمت كلامي، فقلت لها: أين هذا الرجل الذي خرج؟ دليني عليه، قالت: سيمر عليك بكرة إذا صلى الصبح من أول النهار، فخرجت فجمعت تمرا فلما أصبحت جئت ثم قربت إليه التمر، فقال: ما هذا، أصدقة أم هدية؟ فأشرت أنه صدقة، فقال: «انطلق إلى هؤلاء»، وأصحابه عنده، فأكلوا ولم يأكل، فقلت: هذه الأمارة، فلما كان من الغد جئت بتمر فقال: ما هذا؟ فقلت: هذه هدية، فأكل ودعا أصحابه فأكلوا، ثم رآني أتعرض لأنظر إلى الخاتم فعرف فألقى رداءه، فأخذت أقبله وألتزمه، فقال : «ما شأنك؟» فسألني فأخبرته خبري، فقال: «اشترطت لهم أنك عبد فاشتر نفسك منهم». فاشتراه النبي صلى الله عليه وسلم على أن يحيي له ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقية ذهبا، ثم هو حر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اغرس»، فغرس: «ثم انطلق فألق الدلو على البئر ثم لا ترفعه حين يرتفع، فإنه إذا امتلأ ارتفع، ثم رش في أصولها»، ففعل فنبت النخل أسرع النبات، فقالوا: سبحان الله ما رأينا مثل هذا العبد، إن لهذا العبد لشأنا. فاجتمع عليه الناس فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم تبرا فإذا فيه أربعون أوقية " ورواه محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن ابن عباس، عن سلمان، وقال: كنت فارسيا من أهل أصبهان من قرية جي ورواه داود بن أبي هند، عن سماك، عن سلامة العجلي، عن سلمان بطوله، وقال: كنت من أهل رامهرمز. ورواه سيار، عن موسى بن سعيد الراسبي، عن أبي معاذ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن سلمان بطوله ورواه إسرائيل، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي قرة الكندي، عن سلمان
حدثنا القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد، ثنا محمد بن محمد بن سليمان، ثنا عبد الله بن العباس بن البختري، حدثني خالد بن الحباب، ثنا سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي، أنه قال: «قد تداولني بضعة عشر من رب إلى رب»
حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا محمد بن شعيب التاجر، ثنا محمد بن عيسى الدامغاني، ثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: دخل سعد على سلمان رضي الله عنهم يعوده فقال: أبشر أبا عبد الله، توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض، قال: كيف يا سعد وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليكن بلغة أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب» كذا رواه الدامغاني، عن جرير، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر ورواه أبو معاوية وغيره، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن أشياخه
حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد، ثنا عبد الله بن شيرويه، ثنا إسحاق بن راهويه، أخبرنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن أشياخه، أن سعد بن أبي وقاص، " دخل على سلمان يعوده فبكى سلمان، فقال له سعد: ما يبكيك تلقى أصحابك وترد على رسول الله صلى الله عليه وسلم الحوض، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض؟ فقال: ما أبكي جزعا من الموت، ولا حرصا على الدنيا، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا فقال: «ليكن بلغة أحدكم من الدنيا كزاد الراكب»، وهذه الأساود حولي، وإنما حوله مطهرة - أو إنجانة - ونحوها، فقال له سعد: اعهد إلينا عهدا نأخذ به بعدك، فقال له: اذكر ربك عند همك إذا هممت، وعند حكمك إذا حكمت، وعند يدك إذا قسمت " رواه مورق العجلي والحسن البصري، وسعيد بن المسيب وعامر بن عبد الله، عن سلمان
حدثنا أبي، ثنا زكريا الساجي، ثنا هدبة بن خالد، ثنا حماد بن سلمة، عن حبيب، عن الحسن، وحميد، عن مورق العجلي، أن سلمان، لما حضرته الوفاة بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: عهد عهده إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ليكن بلاغ أحدكم كزاد الراكب»، قالا: فلما مات نظروا في بيته فلم يروا في بيته إلا إكافا ووطاء ومتاعا، قوم نحوا من عشرين درهما " وممن رواه عن الحسن السري بن يحيى، والربيع بن صبيح، والفضل بن دلهم، ومنصور بن زاذان وغيرهم، عن الحسن
حدثنا أبو يحيى محمد بن الحسن بن كوثر، ثنا بشر بن موسى، ثنا عبد الصمد بن حسان، ثنا السري بن يحيى، عن الحسن، قال: لما حضر سلمان الوفاة جعل يبكي، فقيل له: يا أبا عبد الله، ما يبكيك؟ أليس فارقت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض؟ فقال: والله ما بي جزع الموت، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا عهدا: «ليكن متاع أحدكم من الدنيا كزاد الراكب»
وحديث سعيد بن المسيب حدثناه أبي، ثنا زكريا الساجي، ثنا هدبة بن خالد، ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، أن سعد بن مالك وعبد الله بن مسعود دخلا على سلمان رضي الله تعالى عنهم يعودانه فبكى، فقالا: ما يبكيك أبا عبد الله؟ فقال: عهد عهده إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يحفظه أحد منا، قال: «ليكن بلاغ أحدكم كزاد الراكب»
وحديث عامر بن عبد الله حدثناه أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا حرملة بن يحيى، ثنا ابن وهب، أخبرني أبو هانئ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عامر بن عبد الله، عن سلمان الخير، أنه حين حضره الموت عرفنا فيه بعض الجزع فقالوا: ما يجزعك أبا عبد الله، وقد كان لك السابقة في الخير، شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مغازي حسنة وفتوحا عظاما؟ فقال: يحزنني أن حبيبنا محمدا صلى الله عليه وسلم عهد إلينا حين فارقنا فقال: «ليكف المؤمن كزاد الراكب»، فهذا الذي أحزنني ". قال: فجمع مال سلمان فكان قيمته خمسة عشر دينارا كذا قال عامر بن عبد الله دينارا، واتفق الباقون على بضعة عشر درهما ورواه أنس بن مالك، عن سلمان رضي الله تعالى عنهما
حدثناه عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا أحمد بن عمرو البزاز، ثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني، ثنا عبد الرزاق، ثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: دخلت على سلمان فقلت له: لم تبكي؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي أن يكون زادك في الدنيا كزاد الراكب "
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثني محمد بن عبيد بن ميمون الجدعاني، ثنا عتاب بن بشير، عن علي بن بذيمة، قال: «بيع متاع سلمان رضي الله تعالى عنه فبلغ أربعة عشر درهما»
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن داود المكي، قال: ثنا قيس بن حفص الدارمي، ثنا مسلمة بن علقمة المازني، ثنا داود بن أبي هند، عن سماك بن حرب، عن سلامة العجلي، قال: جاء ابن أخت لي من البادية يقال له: قدامة، فقال لي: أحب أن ألقى سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه فأسلم عليه، فخرجنا إليه فوجدناه بالمدائن وهو يومئذ على عشرين ألفا، ووجدناه على سرير يسف خوصا، فسلمنا عليه قلت: يا أبا عبد الله، هذا ابن أخت لي قدم علي من البادية فأحب أن يسلم عليك، قال: وعليه السلام ورحمة الله، قلت: يزعم أنه يحبك، قال: «أحبه الله»
حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا سيار، ثنا جعفر، ثنا هشام، ثنا الحسن، قال: كان عطاء سلمان رضي الله تعالى عنه خمسة آلاف درهم، وكان أميرا على زهاء ثلاثين ألفا من المسلمين، وكان يخطب الناس في عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها، وإذا خرج عطاؤه أمضاه ويأكل من سفيف يده "
حدثنا أبو بكر الطلحي، ثنا عبيد بن غنام، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو أسامة، ثنا مسعر، ثنا عمر بن قيس، عن عمرو بن أبي قرة الكندي، قال: " عرض أبي على سلمان أخته أن يزوجه، فأبى فتزوج مولاة يقال لها: بقيرة، فبلغ أبا قرة أنه كان بين حذيفة وبين سلمان رضي الله تعالى عنهما شيء، فأتاه فطلبه فأخبر أنه في مبقلة له، فتوجه إليه فلقيه معه زنبيل فيه بقل قد أدخل عصاه في عروة الزنبيل وهو على عاتقه، فانطلقنا حتى أتينا دار سلمان فدخل الدار فقال: السلام عليكم، ثم أذن لأبي قرة، فإذا نمط موضوع وعند رأسه لبنات وإذا قرطاط، فقال: اجلس على فراش مولاتك التي تمهد لنفسها "
حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا محمد بن عبد الله بن عمار، ثنا المعافى بن عمران، عن عبد الأعلى بن أبي المساور، عن عكرمة، عن الحارث بن عميرة، قال: " انطلقت حتى أتيت المدائن فإذا أنا برجل عليه ثياب خلقان ومعه أديم أحمر يعركه، فالتفت فنظر إلي فأومأ بيده: مكانك يا عبد الله، فقمت وقلت لمن كان عندي: من هذا الرجل؟ قالوا: هذا سلمان، فدخل بيته فلبس ثياب بياض ثم أقبل وأخذ بيدي وصافحني وسألني فقلت: يا عبد الله، ما رأيتني فيما مضى ولا رأيتك، ولا عرفتني ولا عرفتك، قال: بلى، والذي نفسي بيده لقد عرفت روحي روحك حين رأيتك، ألست الحارث بن عميرة؟ فقلت: بلى، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها في الله ائتلف، وما تناكر منها في الله اختلف»
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا الحسن بن علي بن الوليد، ثنا محمد بن الصباح، ثنا سعيد بن محمد، ثنا موسى الجهني، عن زيد بن وهب، عن عطية بن عامر، قال: رأيت سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه أكره على طعام يأكله، فقال: حسبي حسبي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا في الآخرة»
«يا سلمان إنما الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر»
حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الغطريفي، ومحمد بن عاصم، قالا: ثنا أبو القاسم البغوي، ثنا علي بن الجعد، أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت أبا البختري، يحدث، عن رجل، من بني عبس قال: صحبت سلمان رضي الله تعالى عنه، فذكر ما فتح الله تعالى على المسلمين من كنوز كسرى، فقال: إن الذي أعطاكموه وفتحه لكم وخولكم لممسك خزائنه ومحمد صلى الله عليه وسلم حي، ولقد كانوا يصبحون وما عندهم دينار ولا درهم ولا مد من طعام، ثم ذاك يا أخا بني عبس، ثم مررنا ببنادر تذري فقال: إن الذي أعطاكموه وخولكم وفتحه لكم لممسك خزائنه ومحمد صلى الله عليه وسلم حي، لقد كانوا يصبحون وما عندهم دينار ولا درهم ولا مد من طعام، ثم ذاك يا أخا بني عبس " رواه الأعمش ومسعر، عن عمرو مثله. ورواه عطاء بن السائب، عن أبي البختري نحوه
حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أبو يحيى الرازي، ثنا هناد بن السري، ثنا وكيع، عن جعفر بن برقان، عن حبيب بن أبي مرزوق، عن ميمون بن مهران، عن رجل، من بني عبد القيس قال: " رأيت سلمان في سرية هو أميرها على حمار وعليه سراويل وخدمتاه تذبذبان، والجند يقولون: قد جاء الأمير، فقال سلمان: «إنما الخير والشر بعد اليوم»
حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبو صالح الحكم بن موسى، ثنا ضمرة، عن ابن شوذب، قال: " كان سلمان رضي الله تعالى عنه يحلق رأسه زقية، قال: فيقال له: ما هذا يا أبا عبد الله؟ فقال: «إنما العيش عيش الآخرة»
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا مسعدة بن سعد العطار، ثنا إبراهيم بن المنذر، ثنا سفيان بن حمزة، عن كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، أن سهل بن حنيف، حدثه أنه كان بين سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه وبين إنسان منازعة، فقال سلمان : " اللهم إن كان كاذبا فلا تمته حتى يدركه أحد الثلاثة، فلما سكن عنه الغضب قلت: يا أبا عبد الله، ما الذي دعوت به على هذا؟ قال: " أخبرك: فتنة الدجال، وفتنة أمير كفتنة الدجال، وشح شحيح يلقى على الناس إذا أصاب الرجل لا يبالي مما أصابه "
حدثنا محمد بن علي، ثنا عبد الله بن محمد المنيعي، ثنا علي بن الجعد، أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، أن سلمان، رضي الله تعالى عنه دعا رجلا إلى طعامه، فجاء مسكين فأخذ الرجل كسرة فناوله، فقال سلمان: «ضعها من حيث أخذتها، فإنما دعوناك لتأكل، فما رغبتك أن يكون الأجر لغيرك، والوزر عليك»
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، قال: سمعت حبيب بن الشهيد، يحدث عن عبد الله بن بريدة «أن سلمان، كان يعمل بيديه، فإذا أصاب شيئا اشترى به لحما - أو سمكا - ثم يدعو المجذمين فيأكلون معه»
حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا سفيان بن وكيع، ثنا أبو خالد الأحمر، عن أبي غفار، عن أبي عثمان النهدي، أن سلمان الفارسي، قال: إني لأحب أن آكل من كد يدي "
حدثنا حبيب بن الحسن، ثنا أبو مسلم الكشي، ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، ثنا سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان، رضي الله تعالى عنه قال: «لو يعلم الناس عون الله للضعيف ما غالوا بالظهر»
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا معاذ بن المثنى، ثنا عبد الله بن سوار، ثنا حماد بن سلمة، ثنا ثابت البناني، أن أبا الدرداء، ذهب مع سلمان رضي الله تعالى عنهما يخطب عليه امرأة من بني ليث، فدخل فذكر فضل سلمان وسابقته وإسلامه، وذكر أنه يخطب إليهم فتاتهم فلانة، فقالوا: أما سلمان فلا نزوجه، ولكنا نزوجك، فتزوجها ثم خرج فقال: إنه قد كان شيء، وإني أستحي أن أذكره لك، قال: وما ذاك؟ فأخبره أبو الدرداء بالخبر، فقال سلمان: «أنا أحق أن أستحي منك أن أخطبها، وكان الله تعالى قد قضاها لك»
حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثني إسماعيل بن إبراهيم، ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي، قالا: ثنا أيوب، عن أبي قلابة، أن رجلا دخل على سلمان وهو يعجن، فقال: ما هذا؟ فقال: بعثنا الخادم في عمل - أو قال: في صنعة - فكرهنا أن نجمع عليه عملين - أو قال: صنعتين - ثم قال: فلان يقرئك السلام، قال: متى قدمت؟ قال: منذ كذا وكذا، قال: فقال: «أما إنك لو لم تؤدها كانت أمانة لم تؤدها»
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن أبي عبيدة بن معن، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن الأعمش، عن أبي البختري، قال: جاء الأشعث بن قيس وجرير بن عبد الله البجلي إلى سلمان رضي الله عنهم فدخلا عليه في خص في ناحية المدائن، فأتياه فسلما عليه وحيياه، ثم قالا: أنت سلمان الفارسي؟ قال: «نعم» قالا: أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: «لا أدري» فارتابا وقالا: لعله ليس الذي نريد، فقال لهما: «أنا صاحبكما الذي تريدان، قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجالسته، وإنما صاحبه من دخل معه الجنة»، فما حاجتكما؟ قالا: جئناك من عند أخ لك بالشام، قال: «من هو؟» قالا: أبو الدرداء، قال: «فأين هديته التي أرسل بها معكما؟» قالا: ما أرسل معنا بهدية، قال: «اتقيا الله وأديا الأمانة، ما جاءني أحد من عنده إلا جاء معه بهدية» قالا: لا ترفع علينا هذا، إن لنا أموالا فاحتكم فيها، فقال: «ما أريد أموالكما، ولكن أريد الهدية التي بعث بها معكما»، قالا: لا والله ما بعث معنا بشيء إلا أنه قال: إن فيكم رجلا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خلا به لم يبغ أحدا غيره، فإذا أتيتماه فأقرئاه مني السلام، قال: «فأي هدية كنت أريد منكما غير هذه، وأي هدية أفضل من السلام تحية من عند الله مباركة طيبة؟»
حدثنا إبراهيم بن عبد الله، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا جرير، عن الأعمش، عن العلاء بن بدر، عن أبي نهيك، وعبد الله بن حنظلة، قال: كنا مع سلمان في جيش فقرأ رجل سورة مريم، قال: فسبها رجل وابنها، قال: فضربناه حتى أدميناه، قال: فأتى سلمان فاشتكى، وقبل ذلك ما كان قد اشتكى إليه، قال: وكان الإنسان إذا ظلم اشتكى إلى سلمان، قال: فأتانا فقال: لم ضربتم هذا الرجل؟ قال: قلنا: قرأنا سورة مريم فسب مريم وابنها، قال: ولم تسمعونهم ذاك؟
ألم تسمعوا قول الله عز وجل: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108] بما لا يعلمون، ثم قال: يا معشر العرب، ألم تكونوا شر الناس دينا، وشر الناس دارا، وشر الناس عيشا، فأعزكم الله وأعطاكم، أتريدون أن تأخذوا الناس بعزة الله؟ والله لتنتهن أو ليأخذن الله عز وجل ما في أيديكم فليعطينه غيركم، ثم أخذ يعلمنا فقال: صلوا ما بين صلاتي العشاء؛ فإن أحدكم يخفف عنه من حزبه، ويذهب عنه ملغاة أول الليل فإن ملغاة أول الليل مهدمة لآخره " رواه أبو إسرائيل الملائي عن العلاء نحوه
حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا يحيى بن آدم، ثنا يزيد بن عبد العزيز، عن الأعمش، قال: سمعتهم يذكرون، أن حذيفة، قال لسلمان رضي الله تعالى عنهما: يا أبا عبد الله، ألا أبني لك بيتا؟ قال: فكره ذلك قال: «رويدك حتى أخبرك أني أبني لك بيتا إذا اضطجعت فيه، رأسك من هذا الجانب ورجلاك من الجانب الآخر، وإذا قمت أصاب رأسك» قال سلمان: كأنك في نفسي "
حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سالم، ثنا هناد بن السري، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن جرير، قال: قال سلمان: «يا جرير، تواضع لله؛ فإنه من تواضع لله تعالى في الدنيا رفعه يوم القيامة»
«يا جرير، هل تدري ما الظلمات يوم القيامة؟» قلت: لا أدري، قال: «ظلم الناس بينهم في الدنيا»، قال: ثم أخذ عويدا لا أكاد أن أراه بين أصبعيه، قال: «يا جرير، لو طلبت في الجنة مثل هذا العود لم تجده» قال: قلت: يا أبا عبد الله، فأين النخل والشجر؟ قال: «أصولها اللؤلؤ والذهب، وأعلاها الثمر» ورواه جرير، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، نحوه
حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا وكيع، ثنا الأعمش، عن شمر بن عطية، أن سلمان الفارسي، رضي الله تعالى عنه قال: «أكثر الناس ذنوبا يوم القيامة أكثرهم كلاما في معصية الله عز وجل»
حدثنا محمد بن علي، ثنا أبو القاسم البغوي، ثنا علي بن الجعد، أخبرنا زهير، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، قال: قال سلمان رضي الله تعالى عنه: «إني لأعد عراق القدر مخافة أن أظن بخادمي» رواه الثوري، عن أبي إسحاق، مثله
حدثنا إبراهيم بن عبد الله، ثنا أبو العباس السراج، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا جرير، عن الأعمش، عن عبيد بن أبي الجعد، عن رجل، من أشجع قال: " سمع الناس، بالمدائن أن سلمان، في المسجد فأتوه فجعلوا يثوبون إليه، حتى اجتمع إليه نحو من ألف، قال: فقام فجعل يقول: اجلسوا اجلسوا فلما جلسوا فتح سورة يوسف يقرؤها، فجعلوا يتصدعون ويذهبون حتى بقي في نحو من مائة، فغضب وقال: «الزخرف من القول أردتم، ثم قرأت عليكم كتاب الله فذهبتم» كذا رواه الثوري، عن الأعمش، وقال: «الزخرف تريدون؟ آية من سورة كذا، وآية من سورة كذا»
حدثنا إبراهيم بن عبد الله، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا جرير، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، قال: جاء رجل إلى سلمان رضي الله تعالى عنه فقال: ما أحسن صنيع الناس اليوم، إني سافرت فوالله ما أنزل بأحد منهم إلا كما أنزل على ابن أبي، قال: ثم قال: من حسن صنيعهم ولطفهم، قال: «يا ابن أخي ذاك طرفة الإيمان، ألم تر الدابة إذا حمل عليها حملها انطلقت به مسرعة، وإذا تطاول بها السير تتلكأ»
حدثنا الحسن بن علان، ثنا محمد بن هارون بن بدينا، ثنا محمد بن الصباح، ثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري، عن سلمان، قال: «لكل امرئ جواني وبراني، فمن يصلح جوانيه يصلح الله برانيه، ومن يفسد جوانيه يفسد الله برانيه» رواه الثوري ووهب وخالد، عن عطاء، مثله
حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجاني، ثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه، ثنا إسحاق بن راهويه، أخبرنا جرير، وأبو معاوية، عن الأعمش، عن سليمان بن ميسرة، عن طارق بن شهاب، عن سلمان، رضي الله تعالى عنه قال: «دخل رجل الجنة في ذباب، ودخل آخر النار في ذباب»، قالوا: وكيف ذاك؟ قال: " مر رجلان ممن كان قبلكم على ناس معهم صنم لا يمر بهم أحد إلا قرب لصنمهم، فقالوا لأحدهم: قرب شيئا، قال: ما معي شيء، قالوا: قرب ولو ذبابا، فقرب ذبابا ومضى فدخل النار، وقالوا للآخر: قرب شيئا، قال: ما كنت لأقرب لأحد دون الله فقتلوه فدخل الجنة " رواه شعبة، عن قيس بن مسلم، عن طارق مثله ورواه جرير، عن منصور، عن المنهال بن عمرو، عن حيان بن مرثد، عن سلمان نحوه
حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد، ثنا عبد الله بن شيرويه، ثنا إسحاق بن راهويه، أخبرنا جرير، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان، قال: «لو بات رجل يعطي البيض القيان، وبات آخر يتلو كتاب الله عز وجل ويذكر الله تعالى». قال سليمان: كأنه يرى أن الذي يذكر الله أفضل " رواه يحيى القطان، عن سليمان التيمي قال: لو بات رجل يطاعن الأقران لكان الذاكر التالي أفضل حدثنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا يحيى القطان به
حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أحمد بن علي الجارود، ثنا عبد الله بن سعيد الكندي، ثنا حفص بن غياث، وأبو يحيى التيمي، قالا: عن ليث، عن عثمان، عن زاذان، عن سلمان، رضي الله تعالى عنه قال: «إن الله تعالى إذا أراد بعبد شرا أو هلكة نزع منه الحياء، فلم تلقه إلا مقيتا ممقتا، فإذا كان مقيتا ممقتا نزعت منه الرحمة فلم تلقه إلا فظا غليظا، فإذا كان كذلك نزعت منه الأمانة فلم تلقه إلا خائنا مخونا، فإذا كان كذلك نزعت ربقة الإسلام من عنقه فكان لعينا ملعنا»
حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا أبو يحيى عبد الرحمن بن محمد الرازي، ثنا هناد بن السري، ثنا وكيع، عن محمد بن قيس، عن سلم بن عطية الأسدي، قال: دخل سلمان رضي الله تعالى عنه على رجل يعوده وهو في النزع فقال: أيها الملك ارفق به، قال: يقول الرجل: إنه يقول: «إني بكل مؤمن رفيق»
حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا يحيى بن سعيد، عن زهير، ثنا أبو إسحاق، عن أوس بن ضمعج، قال: سألنا سلمان رضي الله تعالى عنه، عن عمل نعمله، فقال: «تفشي السلام، وتطعم الطعام، وتصلي والناس نيام»
حدثنا أبو محمد بن شعيب، ثنا عبد الله بن محمد البغوي، ثنا عبد الله بن محمد التيمي، حدثنا حماد بن سلمة، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان، رضي الله تعالى عنه قال: " ما من مسلم يكون بقي من الأرض فيتوضأ أو يتيمم ثم يؤذن ويقيم إلا أم جنودا من الملائكة لا يرى طرفهم - أو قال: لا يرى طرفاهم "
حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني مصعب بن عبد الله، حدثني مالك بن أنس، عن يحيى بن سعيد، أن أبا الدرداء " كتب إلى سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنهما: أن هلم إلى الأرض المقدسة، فكتب إليه سلمان: «إن الأرض لا تقدس أحدا، وإنما يقدس الإنسان عمله، وقد بلغني أنك جعلت طبيبا فإن كنت تبرئ فنعما لك، وإن كنت متطببا فاحذر أن تقتل إنسانا فتدخل النار». فكان أبو الدرداء إذا قضى بين اثنين فأدبرا عنه نظر إليهما وقال: متطبب والله، ارجعا إلي أعيدا قصتكما " رواه جرير، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن هبيرة، أن سلمان كتب إليه فذكر نحوه
حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا عبد الصمد بن حسان، ثنا السري بن يحيى، عن مالك بن دينار، أن سلمان، كتب إلى أبي الدرداء: «إنه بلغني أنك جلست طبيبا تداوي الناس، فانظر أن تقتل مسلما فتجب لك النار»
حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا القاسم بن محمد العبسي، ثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن سلمان، رضي الله تعالى عنه قال: " مثل القلب والجسد مثل أعمى ومقعد، قال المقعد: إني أرى ثمرة ولا أستطيع أن أقوم إليها فاحملني، فحمله فأكل وأطعمه "
حدثنا محمد بن علي، ثنا عبد الله بن المنعي، ثنا محمد بن جعفر الوركاني، ثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب، عن المغيرة بن عبد الرحمن، قال: لقي سلمان الفارسي عبد الله بن سلام قال: «إن مت قبلي فأخبرني ما تلقى، وإن مت قبلك أخبرك»، قال: فمات سلمان فرآه عبد الله بن سلام فقال: كيف أنت يا أبا عبد الله؟ قال: «بخير»، قال: أي الأعمال وجدت أفضل؟ قال: «وجدت التوكل شيئا عجيبا» رواه علي بن زيد ويحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب، مثله وقال سلمان: عليك بالتوكل، نعم الشيء التوكل، ثلاث مرار
حدثنا أبو أحمد، ثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه، ثنا إسحاق بن راهويه، أخبرنا جرير، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان، قال: «كانت امرأة فرعون تعذب، فإذا انصرفوا أظلتها الملائكة بأجنحتها، وترى بيتها في الجنة وهي تعذب»
حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد، ثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه، ثنا إسحاق بن راهويه، ثنا جرير، ثنا سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان، قال: «جوع لإبراهيم عليه السلام أسدان ثم أرسلا عليه، فجعلا يلحسانه ويسجدان له»
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن نافع بن جبير بن مطعم، أن سلمان الفارسي، رضي الله تعالى عنه كان يلتمس مكانا يصلي فيه، فقالت له علجة: «التمس قلبا طاهرا وصل حيث شئت» فقال: فقهت " رواه جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران نحوه
حدثناه إبراهيم بن عبد الله، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا كثير بن هشام، ثنا جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، قال: نزل حذيفة وسلمان رضي الله تعالى عنهما على نبطية فقالا لها: هل ههنا مكان طاهر نصلي فيه؟ فقالت النبطية: طهر قلبك، فقال: أحدهما للآخر: «خذها حكمة من قلب كافر»
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو نعيم، ثنا عبد السلام بن حرب، عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري، قال: أصاب سلمان جارية، فقال لها بالفارسية: «صلي»، قالت: لا، قال: «اسجدي واحدة»، قالت: لا، فقيل: يا أبا عبد الله، وما تغني عنها سجدة؟ قال: «إنها لو صلت صلت، وليس من له سهم في الإسلام كمن لا سهم له»
حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا أبو يحيى الرازي، ثنا هناد بن السري، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمارة، عن سعيد بن وهب، قال: " دخلت مع سلمان رضي الله تعالى عنه على صديق له من كندة يعوده، فقال له سلمان: «إن الله تعالى يبتلي عبده المؤمن بالبلاء ثم يعافيه فيكون كفارة لما مضى فيستعتب فيما بقي، وإن الله عز اسمه يبتلي عبده الفاجر بالبلاء ثم يعافيه فيكون كالبعير عقلوه أهله ثم أطلقوه، فلا يدري فيم عقلوه حين عقلوه، ولا فيم أطلقوه حين أطلقوه»
حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد، حدثنا عبد الرحمن بن داود، قال: ثنا أحمد بن عبد الوهاب، ثنا أبو المغيرة، ثنا صفوان بن عمرو، ثنا أبو سعيد الوهبي، عن سلمان الخير، رضي الله تعالى عنه قال: " إنما مثل المؤمن في الدنيا كمثل مريض معه طبيبه الذي يعلم داءه ودواءه، فإذا اشتهى ما يضره منعه وقال: لا تقربه؛ فإنك إن أصبته أهلكك، ولا يزال يمنعه حتى يبرأ من وجعه، وكذلك المؤمن يشتهي أشياء كثيرة مما فضل به غيره من العيش فيمنعه الله إياه ويحجزه عنه حتى يتوفاه فيدخله الجنة "
حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا كثير بن هشام، ثنا جعفر بن برقان، قال: بلغنا أن سلمان الفارسي، رضي الله تعالى عنه كان يقول: " أضحكني ثلاث، وأبكاني ثلاث: ضحكت من مؤمل الدنيا والموت يطلبه، وغافل لا يغفل عنه، وضاحك ملء فيه لا يدري أمسخط ربه أم مرضيه. وأبكاني ثلاث: فراق الأحبة محمد وحزبه، وهول المطلع عند غمرات الموت، والوقوف بين يدي رب العالمين حين لا أدري إلى النار انصرافي أم إلى الجنة "
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا محمد بن علي الصايغ، ثنا محمد بن معاوية، ثنا الهذيل بن بلال الفزاري، عن سالم، مولى زيد بن صوحان قال: كنت مع مولاي زيد بن صوحان في السوق فمر علينا سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه وقد اشترى وسقا من طعام، فقال له زيد: يا أبا عبد الله، تفعل هذا وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: «إن النفس إذا أحرزت رزقها اطمأنت، وتفرغت للعبادة، وأيس منها الوسواس»
حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا أبو المعتمر، ثنا سفيان بن عيينة، ثنا ابن أبي غنية، عن أبيه، قال: قال سلمان: «إن النفس إذا أحرزت رزقها اطمأنت»
حدثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا علي بن حجر، ثنا حماد بن عمرو، عن سعيد بن معروف، عن سعيد بن سوقة، قال: " دخلنا على سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه نعوده وهو مبطون، فأطلنا الجلوس عنده فشق عليه فقال لامرأته: «ما فعلت بالمسك الذي جئنا به من بلنجر؟» فقالت: هو ذا، قال: «ألقيه في الماء، ثم اضربي بعضه ببعض، ثم انضحي حول فراشي؛ فإنه الآن يأتينا قوم ليسوا بإنس ولا جن، ففعلت وخرجنا عنه ثم أتيناه فوجدناه قد قبض رضي الله تعالى عنه»
حدثنا سليمان بن أحمد ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا أبو هشام الرفاعي، ثنا عبيد الله بن موسى، ثنا شيبان، عن فراس، عن الشعبي، قال: حدثني الخزل، عن امرأة، سلمان بقيرة قالت: لما حضر سلمان الموت دعاني وهو في علية لها أربعة أبواب فقال: افتحي هذه الأبواب يا بقيرة، فإن لي اليوم زوارا لا أدري من أي هذه الأبواب يدخلون علي، ثم دعا بمسك له ثم قال: أذيفيه في تور، ففعلت ثم قال: انضحيه حول فراشي ثم انزلي فامكثي فسوف تطلعين فتريني على فراشي، فاطلعت فإذا هو قد أخذ روحه فكأنه نائم على فراشه " - أو نحوا من هذا