التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «ومنهم المضر بلذيذ العيش عامر بن عبد الله بن عبد قيس المراقب المستحي، السالم المستضيء، وقد قيل: إن التصوف انتصاب الارتقاء، وارتقاء الالتقاء».
مناقبه ومروياته:
روي عن علقمة بن مرثد قال: انتهى الزهد إلى ثمانية: عامر بن عبد عبد قيس، وأويس القرني، وهرم بن حيان، والربيع بن خثيم، ومسروق بن الأجدع، والأسود ابن يزيد وأبو مسلم الخولاني، والحسن بن أبي الحسن، فأما عامر بن عبد قيس؛ فكان يقول: في الدنيا الغموم والأحزان، وفي الآخرة النار والحساب، فأين الراحة والفرح، إلهي خلقتني ولم تؤامرني في خلقي، وأسكنتني بلايا الدنيا، ثم قلت لي استمسك، فكيف استمسك إن لم تمسكني، إلهي إنك لتعلم أن لو كانت لي الدنيا بحذافيرها، ثم سألتنيها لجعلتها لك، فهب لي نفسي، وكان يقول: لذات الدنيا أربعة : المال والنساء، والنوم، والطعام، فأما المال والنساء، فلا حاجة لي فيهما، وأما النوم والطعام فلا بد لي منهما ، فوالله لأضرن بهما جهدي، ولقد كان يبيت قائما، ويظل صائمًا، ولقد كان إبليس يلتوي في موضع سجوده ، فإذا ما وجد ريحه نحاه بيده، ثم يقول: لولا نتنك لم أزل عليك ساجدًا، وهو يتمثل كهيئة الحية، ورأيته وهو يصلي، فيدخل تحت قمیصه حتى يخرج من كمه وثيابه، فلا يجيد، فقيل له : ألا تنحى الحية، فيقول: والله إني لأستحي من الله تعالى أن أخاف شيئًا غيره، والله ما أعلم بهذا حين يدخل ولا حين يخرج. وقيل له: إن الجنة تدرك بدون ما تصنع، وإن النار تتقى بدون ما تصنع؛ فيقول: لا حتى لا ألوم نفسي، قال: ومرض فبكى، فقيل له: ما يبكيك؟ وقد كنت، وقد كنت، فيقول: ما لي لا أبكي، ومن أحق بالبكاء، هيبة الله في صدري حتى ما أهاب شيئًا غيره، فاكتنفته السباع، فأتاه سبع منها، فوثب عليه من خلفه، فوضع يديه على منكبه، وعامر يتلوه هذه الآية: ﴿ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مشهود﴾ [هود: ۱۰۳]، فلما رأى السبع أنه لا يكترث به ذهب قال حممة: بالله يا عامر ما هالك ما رأيت؟ قال: إني لأستحي من الله عز وجل أن أهاب شيئًا غيره، قال حممة: لولا أن الله عز وجل ابتلانا بالبطن، فإذا أكلنا لا بد لنا من الحدث ما رآني ربي إلا راكعا أو ساجدا، وكان يصلي في اليوم ثمانمائة ركعة، وكان يقول: إني لمقصر في العبادة، وكان يعاتب نفسه.
وروي عن سهل أخو حزم، قال: بلغني عن عامر بن عبد قيس أنه كان يقول: أحببت الله عز وجل حبًا سهل على كل مصيبة، ورضاني في كل قضية؛ فما أبالي مع حبي إياه ما أصبحت عليه وما أمسيت.
وروي عن ميمون بن مهران أن عامر بن عبد قيس بعث إليه أمير البصرة؛ فقال: إن أمير المؤمنين أمرني أن أسألك ما لك لا تزوج النساء؟ قال: ما تركتهن وإني لدائب في الخطبة، قال: وما لك لا تأكل الجبن؟ قال: أنا بأرض فيها مجوس، فما شهد شاهدان من المسلمين أن ليس فيه ميتة أكلته، قال: وما يمنعك أن تأتي الأمراء؟ قال: إن لدى أبوابكم طلاب الحاجات، فأدعوهم وأقضي حوائجهم، ودعوا من لا حاجة له إليكم.
وروي عن صخر بن أبي صخر، قال: قال عامر بن عبد قيس: أأنا من أهل الجنة، أو أنا من أهل الجنة، أو مثلي يدخل الجنة؟.
وروي حوشب عن الحسن قال: بعث معاوية إلى عبد الله بن عامر أن أنظر عامر بن عبد قيس، فأحسن إذنه وأكرمه، ومره أن يخطب إلى من شاء، وأمهر عنه من بيت المال، فأرسل إليه إن أمير المؤمنين
قد كتب إلي أن أحسن إذنك وأكرمك، قال: يقول عامر: فلان أحوج إلى ذلك مني، يعني رجلا كان أطال الاختلاف إليهم لا يؤذن له، وأمرني أن أمرك أن تخطب إلى من شئت، وأمهر عنك من بيت المال، قال: أنا في الخطبة دائب قال: إلى من؟ قال: إلى من يقبل مني الفلقة والتمرة، قال: ثم أقبل على جلسائه؛ فقال : إني سائلكم فأخبروني: هل منكم من أحد إلا لأهله من قلبه شعبة؟ قالوا: اللهم لا أي: بلى، قال: فهل منكم من أحد إلا لولده من قلبه شعبة؟ قالوا: اللهم لا، أي: بلى، قال: والذي نفسي بيده؛ لئن تختلف الأسنة في جوانحي أحب إلي من أن أكون هكذا، أما والله لأجعلن الهم هما واحدا قال الحسن: وفعل.
وروي عن أبي هاشم عن عامر بن عبد قيس العنبري، قال: وجدت أمر الدنيا تصير إلى أربع: المال، والنساء، والنوم، والأكل، فلا حاجة لي في المال والنساء، فأما النوم والأكل، فأيم الله لئن استطعت لأضرن بهما.
وروي عن مالك بن دينار: حدثني فلان أن عامر بن عبد الله مر في الرحبة وإذا ذمي يظلم، فألقى عامر رداءه، ثم قال: لا أرى ذمة الله تحقر وأنا حي، فاستنقذه.
الرئيسة