التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «قال الشيخ رضي الله تعالى عنه ومنهم الفقيه المرتضي والحكم المبتلي، أبو عيسى عبد الرحمن ابن أبي ليلى، أمتحن بالحكم والقضاء، فابتلي بالندم والبكاء. وقيل: إن التصوف اصطبار في البلاء لانتظار الانجلاء».
مناقبه ومروياته:
روي عن ثابت البناني عن ابن أبي ليلى، قال: طفت على هذه الأمصار، فلم أر مضرًا أبكر على ذكر الله ولا أكثر تهجدا في الليل من أهل البصرة.
وروي عن سفيان عن الأعمش، قال: كان عبد الرحمن بن أبي ليلى يصلي، فإذا دخل الداخل نام على فراشه.
وروي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، قال: كان لعبد الرحمن بن أبي ليلى بيت يجتمع فيه القُرّاء فيه مصاحف، فقلما تفرقوا إلا عن طعام.
وروي عن صالح بن محمد الرازي بلغنا عن ابن أبي ليلى: أنه لما ولي القضاء ركب أول يوم للقضاء، فاصطف له الناس ينظرون إليه، قال: فقال مجنون من مجانين أهل الكوفة انظروا إلى من جمع له الله سرور الدنيا بخزي الآخرة، فقال ابن أبي ليلى : لو قد سمعتها قبل أن ألي ما وليت لهم شيئًا.
وروي عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: أدركت عشرين ومائة من أصحاب
رسول الله O ورضي الله عنهم.
وروي عن الأعمش، قال: رأيت عبد الرحمن بن أبي ليلى محلوقاً على المصطبة، وهم يقولون له: العن الكذابين - وكان رجلا ضخما به ربو - فقال: اللهم العن الكذابين. آه، ثم يسكت.
وروي عن مجمع بن يحيى الأنصاري، قال: دخل عبد الرحمن بن أبي ليلى على الحجاج، فقال: إذا أردتم رجلًا يشتم عثمان بن عفان فها هو ذا قال فقلت له: إنه يمنعني من ذلك آيات في كتاب الله ثلاثة: قال الله عز وجل: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَرِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَبِكَ هُمُ الصَّدِقُونَ﴾ [الحشر: ٨]؛ فكان عثمان ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُ وَ الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ تُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ﴾ إلى قوله: ﴿الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: ٩]؛ فكان منهم، وقال عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُو مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ولإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَنِ وَلَا تَجْعَل في قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [الحشر: ١٠]؛ فكان منهم فقال: صدقت.
وروي عن المنهال عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: ﴿سَلَامُ هِىَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر: ٥]، قال: لا تعمل فيها الشياطين، ولا يجوز فيها سحر، ولا يحدث فيها شيء ﴿سَلَمُ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر﴾ِ.
وروي عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى في قوله تعالى: ﴿وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَابِقٌ وَشَهِيدٌ ﴾ [ق: ۲۱]، قال: ما على أحدكم إذا خلى أن يقول: اكتب رحمك الله، فيملي خيرا.
وروي عن مغيرة عن الشعبي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: كان رجل من بني إسرائيل يعمل بمسحاة له فأصاب أباه فشجه، فقال: لا تصحبني من فعل بأبي ما فعل، فقطع يده، فبلغ ذلك بني إسرائيل، ثم إن ابنة الملك أرادت أن تصلي في بيت المقدس، فقال: من يبعث بها؟ قالوا: فلان قال: فبعث إليه، فقال: أعفني، فقال: لا، قال: فأجلني إذا أيامًا، قال: فذهب فقطع مذاكيره، فلما برأ وضع مذاكيره في حق، ثم جاء به وخاتمه عليه، فقال: هذه وديعتي عندك فاحفظها، قال: ونزله الملك منزلا منزلا ، أنزل يوم كذا كذا ، كذا كذا وكذا، فإذا أتيت بيت عبد الرحمن بن أبي ليلى المقدس فأقم فيه كذا وكذا، فإذا أقبلت فانزل يوم كذا كذا وكذا، ويوم كذا كذا وكذا، فوقت له وقتا معلومًا، فلما سار جعلت ابنة الملك لا ترتفع به تنزل حيث شاءت، وترتحل متى شاءت، وجعل إنما هو يحرسها وينام عندها، فلما قدم عليه قالوا له: إنما كان ينام عندها، فقال له الملك: خالفت أمري. وأراد قتله فقال: اردد عليَّ وديعتي فلما ردها فتح الحق وكشف عن مثل الراحة، ففشى ذلك في بني إسرائيل، قال: فمات قاض لهم فقالوا: من نجعل مكانه، قالوا: فلان، قال: فأبى، فلم يزالوا به حتى قال: دعوني حتى أنظر في أمري، قال: فكحل عينيه بشيء حتى ذهب بصره ، قال : ثم جلس على القضاء، قال: فقام ليلة، فدعا الله، فقال: اللهم إن كان هذا الذي صنعت لك رضى فاردد عليَّ خلقي أحسن ما كان قال: فأصبح وقد رد الله عليه بصره ومقلتيه أحسن ما كانتا، ويده ومذاكيره.
وروي عن زبيد بن الحارث عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال عمر: الصلاة يوم الجمعة ركعتان، ويوم الفطر ركعتان، ويوم النحر ركعتان، وصلاة السفر ركعتان تمام ليس بقصر على لسان نبيكم.
الرئيسة