هو عبادة الحق للحق لا لعلة ترجع إلى النفس بحال فمنهم من يكون إخلاصه في الأعمال فيعمل لله لكونه أمره بعبادته لا ليجازيه على العمل بشيء من ثواب الدنيا والآخرة ولصحة حصول العبد في هذا المقام علامتان أحدها أن لا يلتفت إلى قول الناس فيه بوجه من الوجوه فلا يعمل ليقولوا ولا يترك العمل لئلا يقولوا الثانية علمه عند العمل أن ذلك الفعل بتوفيق الله وقدرته وإرادته ومنهم من يكون إخلاصه رفع انتساب الفعل إلى نفسه بوجه من الوجوه فلا يرى له عملاً بحال فتكون أعماله كلها بالله ولله ومنهم من يكون إخلاصه براءته من صفات النفس لتعلقه بصفات الله تعالى فيكون سمعه وبصره وعلمه وقدرته وحياته وأرادته وكلامه منسوباً إلى الله تعالى ومنهم من يكون إخلاصه أن لا يرى للأشياء قياماً بنفسها بحال بل يكون دائم الشهود لقيام الأشياء بالله تعالى فلا يرى حقيقة الوجود إلا لله تعالى كما قيل:
هذا الوجود وإن تعدد ظاهراً ... وحياتكم ما فيه إلا أنتم
ومنهم من يكون إخلاصه تحققه بمقام الفناء الذاتي فيخلص وجوده لله تعالى ومنهم من يكون إخلاصه عدم رجوعه إلى النفس بحال فيكون مسرحه في رياض الحضرة الكمالية بين تجليات الأسماء والصفات وهو واقف بلا رسم في قدس الذات وقد تخلص بالله من سائر البشريات.