هو سماع العبد كلام الحق في الحضرة الإلهية بغير واسطة ومن غير جهة وهو أعلى المقامات في باب المناجاة والفرق بين المكالمة والمخاطبة والمحادثة والمسامرة أن المكالمة يسمعها العبد بسمع الله فيكون مع الكلام بكليته ولا يتقيد بجهة دون أخرى فهو بغير واسطة ومن غير جهة والمخاطبة يسمعها من جهة على لسان الخلق ويعتقد عدم الجهة في المتكلم ويعلم أنه كلام الله تعالى كما في قصة موسى عند أن نودي من جهة النار (أنه أنا الله لا إله إلا إنا) والمحادثة يسمعها من غير جهة لكن لا على لسان الخلق بل يسمع كلام الحق من الحق بالحق من جهة مظهر معين للحق والمسامرة يسمعها العبد من قلبه ويعلم أن الله هو المتكلم وسماعه بكليته في جميع هذه المراتب بحيث أن لا تبقى فيه فضلة كما قال:
إذا هى لاحت في فكلى نواظر ... وإن هى ناجته فكلى مسامع
وقد بسطنا القول في هذا المعنى في كتابنا المسمى بالمناظر الإلهية وأعلم أن المكلمين على مراتب فمنهم من يكلم وهو في محله ومنهم من يكلم فوق سماء الدنيا ومنهم من يغيب عن إحساسه فيصعد بروحه إلى السماء الأولى ومنهم من يكلم فوق السماء الثانية ومنهم من يكلم فوق السماء الثالثة ومنهم من يكلم فوق السماء الرابعة ومنهم من يكلم فوق السماء الخامسة ومنهم من يكلم فوق السماء السادسة ومنهم من يكلم فوق السماء السابعة ومنهم من يكلم فوق سدرة المنتهى ومنهم من يكلم فوق العرش ومنهم من يثبت فلا يغيب عن إحساسه وهو أقوى ومنهم من ينصب له جسر من نور فيجلس فوقه ثم يسمع ومنهم من يضرب عليه خيمة من نور ثم يسمع وقد بسطنا القول في أنواع المكلمين وبيناه في كتابنا الموسوم بالإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل ويكفى هذا القدر من هذا الباب.