الفصل الثاني في العناصر وما يتعلق بها:
النار: قد يؤولها الناسك بالتوبة فإنها تحرق الذنوب وفى الحديث: (التوبة تجب ما قبلها) ويؤولها السالك بموافقة النفس فإنها تحرق جميع أعماله الصالحة ويهلك فيها والمحب يؤولها بالمحبة أو بالشوق فكلاهما --- سابقان والمجذوب يؤولها بالتجلي لأنه يفنى المحب كما تفنى النار الحطب ويسوغ أن يحملها على صفة القهر والجلال.
الرياح: يؤولها الناسك بالبواعث والعزائم أيام الحركة الشديدة في العبادة ويؤولها السالك بالنفحات الإلهية المقربة للطريق الموصلة للعبد إلى الله تعالى ويؤولها المحب بأنفاس المحبوب ويؤولها المجذوب بأحوال أثار التجليات لأنها تمر كالريح فلا دوام للحال وتنوع أجناس الرياح من الصبا والقبول والدبور والشمال والجنوب والنسيم يقاس بما يليق فكما أن الصبا والقبول أسم للريح التي تهب من المشرق مقابلاً للكعبة يسوغ حمل معناها في حق الناسك أن يؤولها على زمان الإقبال في العبادة وفى حق السالك إقباله على المخالفات وغيرها وفى حق المحب إقبال الحبيب عليه أو إقباله على الحبيب وفى حق المجذوب إقبال حكم الأسماء والصفات على الوجود بإبراز كل في مرتبة معينة على وجه معين مخصوص وأن شاء حملها على مقابلة الخلق لحضرة الحق من حيث القدم والحدث والحقيقة والمجاز والحق والخلق إلى غير ذلك من المقابلات وقس عليها البوقى.
الماء: قد يؤوله الناسك بالعلم لسبب الحياة الجامع بين العلم والماء ويؤوله السالك بالفتح ويؤوله المحب بالوصال ويؤوله المجذوب بالحقائق الإلهية التي سبب وجود هذا العالم.
التراب: قد يؤوله الناسك بنفسه والسالك يؤوله بالمطالب كلها ما خلا الحق تعالى والمحب يؤوله بالكثائف الحائلة بين محبوبه وبينه والمجذوب يؤوله بالوجود الخلقي مطلقاً فكما أن السماء ينزل منها ما يحيى الأرض كذلك الوجود الإلهي يفيض على الوجود الخلقي من أنواره ومفارقة ما يحييه.
المعدن: مطلق هذا اللفظ قد يؤوله الناسك بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالقرآن وبتقوى الله تعالى ويؤوله السالك بالعلم الإلهي وبالمخالفات وبالفتح ويؤوله المحب بالجمال لأنه معدن المحبوب ويؤوله المجذوب بالذات أو بالأسماء والصفات فإن أوله بالذات فلأنها معدن الأسماء والصفات وإن أوله بالأسماء والصفات فلأنها معدن بروز الآثار وهى المخلوقات.