أعلم وفقك الله تعالى أن لطائفة اختلافاً كثيراً في تعريف الحال والمقام فمنهم من ذهب إلى أن الحال متى دام لشخص صار مقاماً ومنهم من ينفى دوام الحال ويقول أنه لا دوم له والمقام عنده يعكسه وهو ما لا يفارق الشخص كالتوبة والتوكل والزهد أمثال ذلك فإن الشخص ولو ادعى من مقام التوبة فأما لا تفارقه بخلاف الأحوال فإن الشخص لذا ارتقى عن موطن حال فارق ذلك الحال وفارقه الحال لا يسعه فيه فعلى هذا التقرير المقام ما يلزم ثبوته للعبد والحال مالا يدوم زمانين فإن تصور عندك حال له دوام فإنما ذلك مثل أعقب المثل وقابل التمييز له به الحجاب وفى ما ذكرناه للقوم اختلافات كثيرة اقتصرنا منها على ما وقع الاختيار فيه بحسب علمنا واجتهدنا والله الموفق لا رب غيره.
وأعلم أن هذه المقامات والأحوال كثيرة بحيث لا يمكن حصرها فلذلك أشرعنا منها في بيان أربعين موطنا من أمهات أحوال الباقي لباقي الأحوال والمقامات وشرحنا كيفية الرجال على اختلاف مراتبهم في تلك الكلمات فأقول وبالله المستعان وعليه التكلان.