وابن خلدون يعد التصوف من العلوم الشرعية الحادثة في الملة شأنه شأن بقية علوم الدين كعلم الأصول والمصطلح وغيره من حيث التدوين والتفصيل، والتبويب والتقنين، أما من حيث المادة فهو حقيقة إسلامية أخلاقية تعبدية. قال ابن خلدون: «وأصله أن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عن سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم طريقة الحق والهداية، وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى، والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال والانفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة، وكان ذلك عاما في الصحابة والسلف، فلما فشا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا اختص المقبلون على العبادة باسم الصوفية والمتصوفة».