(فصل) الأصل في علم الحقيقة أحاديث وآثار:
(فصل) منها ما أخرجه الشيخان عن أبي بن كعب -رضي اللّٰه عنه- عن النبي -صلىٰ اللّٰه عليه وسلم- أن موسى قال للخضر -عليهما السلام-: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً * قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ [الكهف:66-67]. يا موسىٰ إني علىٰ علم من علم اللّٰه علمنيه لا ينبغي لك أن تعلمه، وأنت على علم علمك اللّٰه لا ينبغي لي أن أعلمه، أي جميعه. وكذا قوله: «لا ينبغي لك أن تعلمه» أي جميعه.
قال الحافظ ابن حجر: وتقدير ذلك معتبر؛ لأن الخضر كان يعرف من الحكم الظاهر ما لا غنى للمكلف عنه، وموسى كان يعرف من الحكم الباطن ما يأتيه بطريق الوحي.
وقال الشيخ سراج الدين البلقيني في الحديث: هذا قد يشكل، فإن العلم المذكور في الجهتين كيف لا ينبغي علمه؟ قال: وجواب هذا الإشكال أن علم الحقائق والكشوف ينافي علم الظاهر، فلا ينبغي للعالم الحاكم بالظاهر الذي هو مكلف به أن يعلم الحقائق، للتنافي، ولا ينبغي للعالم بالحقيقة أن يعلم العلم الظاهر الذي ليس مكلفًا به الذي ينافي ما عنده من الحقيقة. قال: ويمكن حمل العلم على تنفيذه. والمعنى: لا ينبغي لك أن تعلمه لتعمل به، لأن العمل به مناف لمقتضى الشرع، ولا ينبغي لي أن أعلمه فأعمل بمقتضاه، لأنه مناف لمقتضى الحقيقة.
قال: فعلى هذا لا يجوز للولي التابع للنبي -صلىٰ اللّٰه عليه وسلم- إذا اطّلع على حقيقة أن ينفذ ذلك بمقتضى الحقيقة، وإنما عليه أن ينفذ الحكم الظاهر. انتهى.
(فصل) الأصل في علم الحقيقة أحاديث وآثار:
(فصل) منها ما أخرجه الشيخان عن أبي بن كعب -رضي اللّٰه عنه- عن النبي -صلىٰ اللّٰه عليه وسلم- أن موسى قال للخضر -عليهما السلام-: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً * قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ [الكهف:66-67]. يا موسىٰ إني علىٰ علم من علم اللّٰه علمنيه لا ينبغي لك أن تعلمه، وأنت على علم علمك اللّٰه لا ينبغي لي أن أعلمه، أي جميعه. وكذا قوله: «لا ينبغي لك أن تعلمه» أي جميعه.
قال الحافظ ابن حجر: وتقدير ذلك معتبر؛ لأن الخضر كان يعرف من الحكم الظاهر ما لا غنى للمكلف عنه، وموسى كان يعرف من الحكم الباطن ما يأتيه بطريق الوحي.
وقال الشيخ سراج الدين البلقيني في الحديث: هذا قد يشكل، فإن العلم المذكور في الجهتين كيف لا ينبغي علمه؟ قال: وجواب هذا الإشكال أن علم الحقائق والكشوف ينافي علم الظاهر، فلا ينبغي للعالم الحاكم بالظاهر الذي هو مكلف به أن يعلم الحقائق، للتنافي، ولا ينبغي للعالم بالحقيقة أن يعلم العلم الظاهر الذي ليس مكلفًا به الذي ينافي ما عنده من الحقيقة. قال: ويمكن حمل العلم على تنفيذه. والمعنى: لا ينبغي لك أن تعلمه لتعمل به، لأن
#ص(5)#
العمل به مناف لمقتضى الشرع، ولا ينبغي لي أن أعلمه فأعمل بمقتضاه، لأنه مناف لمقتضى الحقيقة.
قال: فعلى هذا لا يجوز للولي التابع للنبي -صلىٰ اللّٰه عليه وسلم- إذا اطّلع على حقيقة أن ينفذ ذلك بمقتضى الحقيقة، وإنما عليه أن ينفذ الحكم الظاهر. انتهى.
(مبحث حديث عمر في سؤال جبريل -عليه السلام- عن الإحسان)
(فصل) ومنها حديث عمر -رضي اللّٰه عنه- في سؤال جبريل -عليه السلام- عن الإحسان، قال رسول اللّٰه -صلىٰ اللّٰه عليه وسلم-: «أَنْ تَعْبُدَ اللّٰهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» (أخرجه الشيخان)([1]).
قال الهروي في (منازل السائرين): هذا الحديث إشارة جامعة لمذهب هذه الطائفة.
قال شارحه: لأن أصل هذه الطريق الخاصة كمال المعرفة ودوام المراقبة للحق سبحانه في الحركات والسكنات، بل في الأنفاس واللحظات، حتى يستولي سلطان الحق على القلوب، فيضمحل ما تعلقت به أو سكنت إليه من الأحوال والخطوب.
([1]) كذا قال المؤلف، مع أن الحديث لم يخرِّجه إلا مسلم، وقد وافقه البخاري علىٰ روايته من حديث أبي هريرة، ورواه البخاري في خلق أفعال العباد، والبزَّار عن أنس بإسناده حسَّنه الحافظ، ورواه أحمد عن ابن عباس وأبي عامر الأشعري بإسناد حسن، ورواه الطبراني بإسناد رجاله موثقون عن ابن عمر، وأبو عوانة في صحيحه عن جرير بن عبد اللّٰه البجلي، وفيه خالد بن يزيد العمري، قال الحافظ: لا يصلح للصحيح.