(فصل) أخرج الفريابي في تفسيره([1]): عن الحسن قال: قال رسول اللّٰه -صلىٰ اللّٰه عليه وسلم-: «لكل آية ظهر وبطنِ»، قال ابن النقيب: ظهر الآية ما ظهر من معانيها لأهل العلم بالظاهر، وبطنها ما تضمنته من الأسرار التي أَطْلَعَ اللّٰه عليها أرباب الحقائق([2]).
([1]) قال ثنا سفيان عن يونس بن عبيد عن الحسن مرفوعًا: «لكل آية ظهر وبطن، ولكل حرف حد، ولكل حد مطلع»، ورواه أبو عبيد قال ثنا حجاج عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن يرفعه إلىٰ النبي -صلى اللّٰه عليه وعلىٰ آله- قال: «ما نزل من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن» الحديث إسناده الأول علىٰ شرط الصحيح، والثاني علىٰ شرط الحسن، غير أنه مرسل، وقد وصل صده أبويعلى في الكبير بإسناد رجاله ثقات عن ابن مسعود قال: قال رسول اللّٰه –صلىٰ اللّٰه عليه وسلم-: «أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَىٰ سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، لِكُلِّ آَيَةٍ مِنْهَا ظَهْرٌ وَبَطْن».
وروى الديلمي في مسند الفردوس من حديث عبد الرحمن بن عوف مرفوعًا: «القرآن تحت العرش له ظهر وبطن يحاج العبد»، وروى الطبراني والبزار عن ابن مسعود موقوفًا: «إن هذا القرآن ليس منه حرف إلا له حد، ولكل حد مطلع».
([2]) هذا أحد الأقوال في معنى الظهر والبطن، والثاني أن الظهر اللفظ، والبطن التأويل، والثالث أن الظهر صورة القصة مما أخبر اللّٰه عن غضبه علىٰ قوم وعقابه إياهم، والبطن التنبيه لمن يقرأ ويسمع من الأمة وتحذيرهم أن يفعلوا مثل فعلهم، وارتضىٰ هذا أبوعبيد مع كونه خاصًا بالقصص والحديث عام، والرابع أن الظهر تنزيله الذي يجب الإيمان به، والبطن وجوب العمل به، والخاس أن الظهر تلاوته كما أنزل، والبطن التدبر والتفكُّر فيه، وقد يستأنس لهذا بما رواه محمد بن نصر عن عمير بن هانئ أن الصحابة قالوا: يا رسول اللّٰه إنا لنجد للقرآن منك ما لا نجده لأنفسنا إذا نحن خلونا. قال: «أجل، أنا أقرأه لبطن، وأنتم تقرؤنه لظهر»، قالوا: يا رسول اللّٰه ما البطن؟ قال: «أقرأ أتدبره وأعمل بما فيه، وتقرؤونه أنتم هكذا» -وأشار بيده فأمرها. وبَقِيَت أقوال أُخَر أضربنا عنها الذكر صفحًا لضعفها. وأما الحد فقيل إنه الغامض من المعاني، وأن المطلع ما يتوصل به إلىٰ معرفته، وقيل الحد أحكام الحلال والحرام، والمطلع الإشراف علىٰ الوعد والوعيد، وقيل غير ذلك.