[13]
سيدي أحمد الرفاعي([1])
(...- 570)
صاحبُ الكرامات الظاهرة، والأسرار الباطنة، والبوارق الناشرة، من جعله الله أولَ الأربعة، فنزل إلى الدنيا قبل الأربعة، ووهبه سرًّا لم يهبه لغيره من الأولياء، وانتهت إليه الرياسة في علوم الطريق، وشرح أحوال القوم، وله كلامٌ عالٍ على لسان أهل الحقائق، وهو أحدُ من قهرَ أحواله، وملك أسراره، وكشفَ مشكلاتِ القوم.
وتتلمذَ له خلائقُ لا يُحصون، حتى أنه رضى الله عنه كان مسكنُه بالمشرق، وله أتباع بالمغرب.
وعرفته أهلُ العراق بأنه الرفاعي وهو ابن عام، وملأ الأرضَ وهو ابن أربع سنوات، وفاض سرُّه على الخلق وهو ابن سبع سنوات، وأتقنَ علومَ القرآن وأسراره.
وله كراماتُ ظاهرة، وشهرتُه تُغني عن التعريف، ولكن نذكرُ جملةً منها تبرُّكًا، فنقول:
من كراماته قدّس الله سره العالي أنه كان يَمشي إلى المجذوبين والزَّمْنى([2]) يغسل ثيابهم، ويحملُ إليهم الطعامَ، ويأكل معهم، ويُجالسهم ويسألهم الدعاء. ويقول قدّس الله سره: الزيارةُ لمثلِ هؤلاء واجبةٌ لا مستحبّة.
ومنها: أنه قدّس الله سره وجدَ كلبًا أجربَ، أخرجه أهلُ أم عَبيدة([3]) إلى محلِّ بعيد، فتبعه إلى البرية، وضرب عليه مظلَّة، وصار يطليه بالدهن، ويحكُّ منه الجرب بخرقةٍ، ويُطعمه، ويسقيه، حتى عُوفي، ولمّا برئ صارَ يحملُ له الماءَ الساخن، ويغسله.
ومنها: قدّس الله سره أنه كان إذا طلبَ منه أحدٌ أن يكتبَ له عوذة([4])، ولم يكن عنده مدادٌ، يأخذُ الورقةَ، ثم غابَ مدَّةً، وجاء بها، ودفعها إليه ليكتب له فيها ممتحنًا له، فلمَّا نظر إليها، قال: أَيْ ولدي، هذه مكتوبة. وردَّها إليه من غير ضجرٍ.
وكراماته قدّس الله سره مشهورة.
توفي يوم الخميس وقت الظهر ثاني عشر جمادى الأولى سنة سبعين وخمس مئة، وكان يومًا مشهودًا لم يُر مثله قطُّ في سائر العالم، ودُفن رضى الله عنه في قبرِ الشيخ يحيى البخاري، بأم عبيدة بأرض البطائح.
بلغ قدّس الله سره أنَّه ما تصدَّرَ قطُّ في مجلسٍ، ولا جلس على سجَّادة، وكان قدّس الله سره يقول: أتيتُ الأبوابَ كلَّها فوجدتها مزدحمةً بالعباد ما عدا باب التواضع، فإني وجدته خاليًا، فسلكته لوحدي.
وفضائله قدّس الله سره كثيرة، اللهم أمدَّنا بمدده، وأنفعنا بأسراره. آمين.