[15]
سيدي إبراهيم الدسوقي([1])
(...- 676)
القرشي الحسيني الهاشمي الشاذلي ابن سيدي أبي المجد، أُلِّفتْ في مناقبه مؤلفات بلغت حدَّ التواتر، ذكرت من فضائله ما لا تحصره العقول، والحقُّ أن ما ذُكر فهو نقطةٌ في بحر زاخرٍ تلاطمت أمواجه، وتكفينا شهرتُه في العالم الإسلامي بأسره.
كان قدّس الله سرَّه من صدور المقربين، وكان صاحب كراماتٍ ظاهرة، ومقامات فاخرة، ومآثر ظاهرة، وبصائر باهرة، وأحوالٍ خارقة، وأنفاسٍ صادقة، وهممٍ علية، ورتبٍ سنية، وإشاراتٍ سنية، ونفحاتٍ أقدسية، ومحاضرات قدسية، ونفحات روحانية، وأسرار ملكوتية.
له المقامُ العالي، والقدمُ الراسخ، والمعراج الأعلى، والمنهاج الأسنى([2])، والطود([3]) الأرفع، واليدُ البيضاء، والباع الطويل، والكشفُ الخارق.
وهو أحد من أظهره الله عزّ وجلّ إلى الوجود، وأبرزه رحمةً للخلق، وأوقع له القبولَ التام عند الخاص والعام، وصرّفه في العالم، ومكنه في أحكام الولاية، وقلبَ له الأعيان، وخرقَ له العادات، وأنطقه بالمغيَّبات، وأظهر على يديه العجائب، وصومه في المهد، قدّس الله سره العالي.
ومن كلامه قدّس الله سره: أنا موسى في مناجاته، أنا عليٌّ في حملاته، أنا كلُّ وليٍّ في الأراضي، جميعُهم بيدي، أنا بيدي أبواب النار غلقتها، أنا بيدي جنة الفردوس فتحتها، أنا تجلى عليَّ ربِّي ليلةَ ولادتي، وقال: غدًا أول الشهر صم يا إبراهيم. فصمت وأنا ابن ليلةٍ واحدة، أنا فككت طلاسم([4]) سورة الأنعام التي لم يقدر على فكِّها الشاذلي خالي.
وكلامه رضى الله عنه كله من هذا القبيل على لسان الحال نفعنا الله به.
ومناقبه كثيرة ذكرنا منها جملةً بقصد التبرك. كان قدّس سره لم يغفل قط عن المجاهدة، وكان إذا مرّ في الأسواق له هيبةٌ عظيمةٌ لكل من رآه، وكانت الناس تهاب أباه سيدي أبا المجد القرشي وذلك لما في ظهره، وبشَّرته الأولياء قبل مولده، وقيل له: سيولدُ لك ولدٌ يكون له شأنٌ عظيم.
توفي رحمه الله سنة ست وسبعين وست مئة، وله الشهرةُ التَّامة عند أهل مصر من مشرقها لمغربها، وتظهرُ كراماتٌ كثيرة لزائريه، ومن أرادَ الوقوف على حقيقته فعليه بـ «الجوهرة المصونة» له، فقد تكلّم فيها قدّس سره بأسرار لم تخطر على بال، وأباحَ فيها مشاهداته في حضرة الجلال وحضرة الكمال ما يبهر عقول الرجال، أمدنا الله بمدده، وأماتنا على حبِّه، ومتّعنا بأنواره، والنزول بأعتابه. آمين.