أبو تراب عسكر بن حصين النخشبي
صحب حاتماً الأصم وأبا حاتم العطار البصري .
مات سنة خمس وأربعين ومئتين ، قيل : مات بالبادية ، نهشته السباع (1)
قال ابن الجلا : ( صحبت ست مئة شيخ ، ما لقيت فيهم مثل أربعة ، أولهم : أبو تراب التخشبي )(2)
قال أبو تراب : ( الفقير قوته ما وجد ، ولباسه ما ستر، ومسكنه حيث نزل )(3)
وقال أبو تراب : ( إذا صدق العبد في العمل.. وجد حلاوته قبل أن يعمله ، فإذا أخلص فيه .. وجد حلاوته وقت مباشرة العمل )(4)
سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي يقول : سمعت جدي إسماعيل بن نجيد يقول : كان أبو تراب إذا رأى من أصحابه ما يكره .. زاد في اجتهاده وجدة توبته ، ويقول : بشؤمي دفعوا إلى ما دفعوا إليه ؛ لأن الله عز وجل يقول : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )(5)
قال : وسمعته يقول لأصحابه : ( من لبس منكم مرقعة .. فقد سأل ، ومن قعد في خانقاه أو مسجد .. فقد سأل ، ومن قرأ القرآن من مصحف أو كيما يسمع الناس .. فقد سأل الناس )(6)
قال : وسمعته يقول : كان أبو تراب يقول : ( بيني وبين الله تعالى عهد ألا أمد يدي إلى حرام إلا قصرت يدي عنه )(7)
ونظر أبو تراب يوماً إلى صوفي من تلامذته مد يده إلى قشر بطبخ وقد طوى ثلاثة أيام ، فقال له أبو تراب : تمد يدك إلى قشر بطيخ ؟! أنت لا يصلح لك التصوف ، الزم السوق (8)
سمعت محمد بن الحسين يقول : سمعت أبا العباس البغدادي يقول : سمعت أبا عبد الله بن الفارسي يقول : سمعت أبا الحسين الرازي يقول : سمعت يوسف بن الحسين يقول : سمعت أبا تراب النخشبي يقول : ما تمنت نفسي علي قط إلا مرة واحدة ؛ تمنت على خبزاً وبيضاً وأنا في سفري ، فعدلت عن الطريق إلى قرية، فوثب رجل وتعلق بي وقال : كان هذا مع اللصوص ، فبطحوني وضربوني سبعين خشبة، فوقف علينا رجل فصرخ وقال : هذا أبو تراب النخشبي ! فخلوني واعتذروا إلي، وأدخلني الرجل منزلة وقدم إلى خبزاً وبيضاً ، فقلت : كلها بعد سبعين جلدة (9)
وحكى ابن الجلا قال : دخل أبو تراب مكة طيب النفس ، فقلت : أين أكلت أيها الأستاذ ؟ فقال : أكلة بالبصرة ، وأكلة بالنباج ، وأكلة ها هنا (10)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) روي أبو نعيم في ( الحلية ) (10/49) عن إبراهيم الخواص قال : ( مات أبو تراب بين مكة والمدينة ، نهشته السباع ) ، وفي (ج ) : (فنهشته) .
(۲) رواه السلمي في ( طبقاته ) ( ص ١٤٧ ) .
(۳) رواه السلمي في ( طبقاته ) ( ص ١٤٩).
(4) رواه السلمي في ( طبقاته ) (ص ۱٤9 ) بنحوه مجتزءا .
(5) رواه أبو نعيم في ( الحلية ) ( 10/46 ) ، والآية من سورة الرعد : (١١) .
(6) ورواه أبو نعيم في ( الحلية ) ( 10/ 46 ) ، والخانقاه - وفی (أ) : ( خانكه )-: معرب ( خانة كاه ) بالفارسية ،
بقعة يسكنها أهل الصلاح والخير والصوفية ، حدثت في حدود الأربع مئة . انظر ( تاج العروس ) ( خ ن ق ، خ ن ق ه ) ، وهي مصروفة لعدم العلمية ، وفي ( أ ، ب ، ج ، ل ) : ( أو كما يسمع الناس ) .
(7) ورواه أبو نعيم في ( الحلية ) (10/47) ، وقصرت بفتح عينه : عجزت ، ويضمها : خلاف طالت .
(8) ورواه أبو نعيم في ( الحلية ) ( 10/49) .
(9) ورواه أبو نعيم في ( الحلية ) (10/47) ، والخطيب في ( تاريخه ) (۱۲/312) ، وفي (ي) : ( فوقف علينا رجل صوفي فصرخ وقال : ويحكم ! هذ ...) ، وفي (أ) : (كليها ) بدل ( كلها ) .
(10) رواه أبو نعيم في ( الحلية ) ( 10/49) ، والنباج منزل لحجاج البصرة ، وقيل : بين مكة والبصرة.