مع إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وجعل الجنة مثواه، نعيش مع الربع الأول ربع العبادات، والذي بدأه بالعلم، بكتاب العلم، بدأ الإمام بالعلم لأنه مفتاح لما بعده، وشرف العلم فوق كل شرف والعلم له أركان، وأركان العلم أولها: الأستاذ فلا بد من أستاذ فإذا لم يتعلم هذا الإنسان من أستاذ فقد حصل بعض المعلومات، وثانيها: الكتاب فلا بد من قراءة كتاب في ذلك العلم؛ ولذلك اهتم المسلمون بتأليف الكتب، وبتدوينها، وتصنيفها، وأشاعوها، وجعلوا الكتاب يدخل بسببه الجنة عشرة كاتبه، ومؤلفه، وبائعه، وشاريه، وحامله، وهكذا. وتفننوا في الكتب لأن الكتاب ركن من أركان العلم، وثالث ذلك هو المنهج ويشتمل على علوم مساعدة لكل علم تريد أن تتخصص فيه، فإذا أردت أن تتخصص في علم الفقه فلا بد عليك أن تقرأ في النحو والصرف. وكان مشايخنا يقولون: إذا أردت أن تتبحر في الفقه فعليك بقراءة التاريخ، وإذا أردت أن تتبحر في التاريخ فعليك بقراءة الفقه، فالمؤرخ لا بد عليه أن يقرأ الفقه، والفقيه لا بد عليه أن يقرأ التاريخ، وأن يجعل كل هذه العلوم يخدم بعضها بعضًا.