الفصل الثالث في الروحانيات وما يتعلق بها:
الروح: يؤوله الناسك بالنية لأنها روح العمل ويؤوله السالك بالمحاسبة لأنها روح المقامات ويؤوله المحب بالمحبوب ويؤوله المجذوب بذات الله تعالى وقد ورد يا روح الأرواح.
العقل: قد يؤوله الناسك بالوقوف والانحصار والإنعقال عن إتيان الأعمال فإن العمل مانع عن مهاوى الأرواح ويؤوله السالك بالرجوع إلى البشريات وموافقة النفس فإن العقل محصور ويؤوله المحب بالعزول الذى يمنع الحبيب عن محبه ويؤوله المجذوب بعالم الملكوت والوقوف معها عن عوالم الجبروت كل هذا إذا كان مقام ذم للعقل فأما إذا كان مقام مدح فإن الناسك يؤول العقل بالصبر على الأعمال وعقلها عن الرجوع من العبادة والسالك يؤول العقل بالأمور الروحانية القامعة للأمور الشهوانية لأن العقل والشهوة ضدان والمحب يؤول العقل بحضرة المحبوب أذ بالعقل يكون أدراك الشيء والمجذوب يؤول العقل بالعلم الإلهي لشمول المدارك كلها فأفهم.
القلب: قد يؤوله الناسك بالفرائض لأنها قلب الأعمال البدنية وأصلها ويؤوله السالك بمراقبة الله تعالى لأنها قلب سائر أفعاله ويؤوله المحب بمكان المحبوب لنزوله وسكونه فيه ويؤوله المجذوب بالوجه الخاص الإلهي الظاهر من غير حلول على صفحات الموجودات كلها.
الفكر: قد يؤوله الناسك بالعبرة بالآلاء والنعماء ويؤوله السالك بالصور الروحانيات التي تناجى الصادقين من سرائرهم بأنواع العلوم والمشاركات ويؤوله المحب بطلعة المحبوب لتنوع محاسنه صورة بعد صورة في الصورة الواحدة ويؤوله المجذوب بالصفة القادرية الإلهية التي تخترع الموجودات لأن الفكر يخترع صور المسائل.
الهمة: قد يؤولها الناسك بالإقبال ويؤولها السالك بالجذبات الإلهية التي تحمل العبد على خوض المهالك ويؤولها المحب بجمع الهمم في المحبة على تخيل صور المحبوب ويؤولها المجذوب بصفة الإرادة لأن الهمة إذا استقامت انفعلت لها الأشياء وكذلك الإرادة الإلهية ويسوغ حمل القدرة عليها تأويلاً.