سر قول إبراهيم عليه السلام:
«حسبي من سؤالي علمه بحالي»(*)
فائدة جليلة أيضًا: وذلك أن جبرائيل عليه السلام لما قال لإبراهيم: «ألك حاجة؟»، قال: «أما إليك فلا، وأما إلى الله فبلى»، قيل: علم جبريل عليه السلام أنه لا يستغيث به، وأن قلبه لا يشهد إلا الله عز وجل وحده، فقال له حينئذ: «سله».
أي إن لم تستغث بي التزامًا منك عدم التمسك بالوسائط؛ فسل ربك فإنه أقرب إليك مني؛ فقال إبراهيم عليه السلام مجيبًا له: «حسبي من سؤالي علمه بحالي»؛ أي: إني نظرت فرأيته أقرب إِلَيَّ من سؤالي، ورأيت سؤالي من الوسائط وأنا لا أريد أن أتمسك([1]) بشيء دونه، ولأني علمت أن الحق -سبحانه وتعالى- عالم فلا يحتاج أن يذكر بسؤال، ولا يجوز عليه الإهمال، فاكتفيت بعلم الله عن السؤال، وعلمت أنه لا يدعني من لطفه في كل حال([2])، وهذا هو الاكتفاء بالله تعالى والقيام بحقوق حسبي الله.
وكان شيخنا أبو العباس رضى الله عنه يقول في قوله تعالى: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى﴾ [النجم: 30]، قال: «وَفَّى بمقتضى قوله: حسبي الله»، وقال بعضهم: «سلم طعامه للضيفان، وولده للقربان، وجسده للنيران، فأثنى الحق([3]) عليه بقوله: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى﴾».