والصلاة شأنها عظيم، وأمرها عند الله جسيم؛ ولذلك قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ﴾([1]).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل أي الأعمال أفضل؟ قال: «الصلاة لوقتها»([2])، وقال صلى الله عليه وسلم: «المصلي يناجي ربه»([3]).
وقال صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه في السجود»([4])، ورأينا أن الصلاة اجتمع فيها من العبادات ما لم يجتمع في غيرها، منها: الطهارة، والصمت، واستقبال القبلة، واستفتاح بالتكبير، والقراءة، والقيام، والركوع، والسجود، والتسبيح في الركوع والسجود، والدعاء في السجود، إلى غير ذلك؛ فهي مجموع عبادات عديدة؛ لأن الذكر بمجرده عبادة، والقراءة بمجردها عبادة، وكذلك التسبيح والدعاء والركوع والسجود والقيام؛ فكل واحد منها بمجرده عبادة، ولولا خشية الإطالة لبسطنا الكلام في أسرارها وشوارق أنوارها، وهذه اللمعة ها هنا كافية، والحمد لله.
([2]) رواه مسلم بسنده عن ابن مسعود رضى الله عنه ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الأعمال الصلاة لوقتها، وبر الوالدين» وفيما أخرجه أبو داود والترمذي والحاكم في «المستدرك» عن أم فروة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها»، وفيما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود رضى الله عنه قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أحب إلى الله تعالى؟ قال: «الصلاة على وقتها»، ثم أي؟ قال: «بر الوالدين»، قلت: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله»، قال: حدثني بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو استزدته لزادني». اهـ.
وفي رواية أخرى تَفَرَّدَ بها البخاري في صحيحه: أن أبا عمر الشيباني يقول: حدثنا صاحب هذه الدار -وأشار إلى دار عبد الله- قال: «سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: «الصلاة على وقتها»، قال: ثم أي؟ قال: «بر الوالدين» قال: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله»، قال: حدثني بهن (ولو استزدته لزادني)». اهـ. [انظر «صحيح البخاري» جـ1، ص140].
([3]) ويشرح هذا الحديث ويؤكده ما رواه ابن الجوزي في «شرح القلوب» عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: «قال لي جبريل: إن الله تعالى يقرئك السلام ويقول: إذا وقف العبد بين يدي للصلاة، وقال: الله أكبر -أرفع الحجاب الذي بيني وبينه، وإذا قال: «الحمد لله» يقول: لمن الحمد؟ فيقول: «لله» فيقول: ومن الله؟ فيقول: «رب العالمين»، فيقول: ومن رب العالمين؟ فيقول: «الرحمن الرحيم»، فيقول: ومن الرحمن الرحيم؟ فيقول: «مالك يوم الدين»، فيقول: يا عبدي أنا مالك يوم الدين، فيقول العبد: «إياك نعبد، وإياك نستعين»، فيقول: يا عبدي أنا إياي تعبد، وإياي تستعين، سل تعط. فيقول: «اهدنا»، فيقول: أي الهدى تريد؟ فيقول: «الصراط المستقيم»، فيقول: أي: الصراط تريد؟ فيقول: «صراط الذين أنعمت عليهم»، فيقول: يا ملائكتي اشهدوا أني قد جعلت عبدي من الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، فيقول العبد: «غير المغضوب علهيم ولا الضالين، فيقول الله تعالى: اشهدوا أني جعلته من الذين أنعمت عليهم، ولم أجعله من المغضوب عليهم ولا الضالين، فيقول العبد: «آمين»، فتقول الملائكة: آمين». اهـ.
([4]) هذا الحديث رواه الإمام مسلم وأبو داود والنسائي، ولفظه عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا فيه الدعاء». اهـ.
وقريب منه ومناسب لمعناه: ما رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، والحاكم في «المستدرك» عن عمرو بن عميسة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن». اهـ.