تفضيل الآدمي على غيره(*)
ومِمَّا يوضح لك كرامة الآدمي على غيره من المكنونات: أن المكنونات مخلوقات من أجله، وهو مخلوق من أجل حضرة الله تعالى، سمعت شيخنا أبا العباس رحمه الله تعالى يقول: «قال الله سبحانه: يا ابن آدم، خلقت الأشياء كلها من أجلك، وخلقتك من أجلي؛ فلا تشتغل بما هو لك عما أنت له»، وقال -سبحانه وتعالى-: ﴿وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ﴾([1])، وقال تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾([2]). اهـ.
وسمعت الشيخ رحمه الله يقول: «الأكوان كلها عبيد سخرها لك، وأنت عبيد الحضرة»، وقال تعالى: ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾([3])؛ فقد بين لك أن السماوات والأرض مخلوقة من أجل أن تعلم أيها الآدمي، فإذا علمت أن الأكوان مخلوقة من أجلك إما انتفاعًا وإما اعتبارًا وهو نفع أيضًا.
فينبغي لك أن تعلم أنَّ الله تعالى إذا رزق من مخلوق من أجلك، كيف لا يكون لك رازقًا!.
ألم تسمع كيف قال تعالى: ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾([4])، وقوله تعالى: ﴿وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا﴾([5]) تأكيد لأنه المتكفل بها؛ أي: لا يخفى عليه مكانها، ولا ينبهم عليه شأنها، بل يعلم مكانها فيوصل إليها ما قسم لها.