أرسل المرحوم الشيخ محمد عبد الحامد البدايوني رئيس جماعة علماء باكستان إلى المرحوم الداعية الكبير الشيخ محمود ربيع عضو العشيرة المحمدية سؤالًا حول أحكام القبور، وأجاب عليه بما لخصناه فيما يأتي، ونحن ننصح بإلحاح أن يعود القارئ إلى رسالتنا (الإفهام والإفحام) في أحكام قضايا الوسيلة والقبور، ففيها التحقيق العلمي الشامل. قال الشيخ رضى الله عنه:
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحابته وبعد،
فقد ورد أسئلة على السيد العالم الفاضل الشيخ عبد الحامد البدايوني رئيس جمعية العلماء بباكستان هذا نصها:
ما قول سادتنا العلماء في بناء الضرائح والقبب، وتعليق الستور، ووضع السرج على قبور الصحابة الكرام، وأهل بيت الرسول العظام، وأولياء هذه الأمة الفخام، وأيضًا زيارتهم، والسلام عليهم.
فأجابهم حفظه الله بما يثلج الصدور مما يطمئن له القلب ويرتاح له العقل، وقد طلب مني أن أسبق فتياه بمقدمة، فشكرت فضيلته على حسن ثقته، ورأيت أن أكتب الآتي فضلا عما أكتبه في مؤلفاتي وتعاليقي خصوصًا كتابنا (كشف الشبهات عن إهداء القراءة وسائر القرب للأموات).
البناء على القبور:
سُئِلَ العلامة نجم الدين الغيطي عن التحويط على بعض القبور المملوكة فقال: إنه إذا كان المراد بالتحويط البناء حوله كبيت أو قبة أو نحو ذلك فمكروه تنزيهًا إذا كان البناء في ملكه. فروى مسلم عَنْ جَابِرٍ رضى الله عنه قَالَ: نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ([1]).
وفي رواية: ونهى أن يبنى القبر. لكن حيث خشي على القبر من آدمي أو نحو ضبع أو خاف من السيل أن يغرقه فيجوز البناء بلا كراهة.
أما البناء في المقبرة المُسَبَّلَة فيحرم -والمراد بالمسبلة التي عُيِّنَت لدفن عموم الناس دون وقف- إذ الموقوفة يحرم البناء فيها قطعًا. انتهى.
فأنت ترى المسألة لا تعدو الحرمة في الموقوفة، وخلافية في غيرها، فلا يصح الجزم بالإنكار على أحد يفعل هذا.
وأما تغالي هؤلاء بجعل القبور والقباب أوثانًا، وزوارها مشركين فهذا من التلبيس الذي أراده أولياء الشياطين.
ففي (بغية المسترشدين) أن الحافظ العراقي قد قال: إن تقيبل الأماكن الشريفة على قصد التبرك، وأيدي الصالحين وأرجلهم حسن محمود باعتبار القصد والنية.