وإتمامًا للفائدة نذكر هنا أنَّ أستاذنا الإمام السيِّد إبراهيم الخليل بن عليّ الشَّاذليّ رضى الله عنه قد كتب بحوثًا في جريدة الإخوان المسلمين، لعهدها الأول: (حول الرُّقى والتمائم)، وقد عَلَّق عليها بعضهم، ورَدَّ عليه الشيخ، ونحن هنا ننشر التعليق والرد عليه لما فيه من فوائد.
جاء في جريدة الإخوان المسلمين تعليقًا على ما كتبه الإمام السيد إبراهيم الخليل رحمه الله ما يلي:
حضرة المحترم الأخ الأستاذ إبراهيم الخليل الشَّاذلي:
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فقد اطلعتُ على ما كتبتم فضيلتكم في جريدة الإخوان المسلمين تحت عنوان: (الرُّقى والتمائم). فجزاكم الله عن الدِّين والمسلمين خير الجزاء فقد وفقتم لإصابة الحق، وإيراد ما صَحَّ عن المصطفى صلى الله عليه وسلم في الموضوع، ولا شَكَّ أنَّ كُلَّ مَنْ قرأه أثنى عليكم ثناءً حسنًا، ولكن شيء واحد أوقف نظري في الموضوع، وأريد أن ألفت نظر فضيلتكم عليه، وهو قولكم: «ولا فرق عند ابن المسيِّب وغيره من الأئمة في جواز الرقية الشَّرعية بين أن تكون قراءة أو حملًا أو شربًا أو دهنًا أو بخورًا، أو غير ذلك من أنواع التطبيب، وشروط حمل الرقية أن تغلف بما يمنع عنها القاذورات والنجس، احترامًا لما فيها من كلام الله»، وفي موضع آخر: «كما يجوز تعليق الرُّقى والحروز للبهائم بشرائطها الشَّرعية».
فنقول وبالله التوفيق: إنَّه لم يرد شيء مطلقًا عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم على ما صَحَّ من كتابة القرآن وحمله، وإنَّما جميع الأحاديث التي جاءت تدلُّ على الرَّقي بالتلاوة، فمنها الحديث الذي رواه الصحيحين أنَّ نفرًا من أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم رقوا سيد القوم بقراءة الفاتحة، وأقرهم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم على ذلك، وقال لهم: «اضربوا لي بسهم»، والحديث الذي يقول: «إنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان عندما ينام يقرأ المعوِّذتين، ويتفل في يديه، ويدلك بهما سائر جسده»، وأمَّا في الحمل فلم يرد شيء عن المصطفى عليه السَّلام سوى ما روي في أبي داود، والترمذي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا فزع أحدكم في النَّوْم فليقل: أعوذُ بكلمات الله التَّامات من غضبه وعقابه وشَرِّ عباده، ومن همزات الشَّياطين وأن يحضرون، فإِنَّها لن تضره»، وقال: فكان عبد الله يلقنها مَنْ عَقَل من ولده، ومن لم يَعْقِل كتبها في صك، ثُمَّ علقها في عنقه. رواه الترمذي، وأبو داود، وقال الترمذي: حسن غريب. (كتاب الترغيب والترهيب للمنذري).
فالجزء الأول من الحديث يدلُّ على مجرد الدعاء، وهذا موافق لما كان يفعله النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ، ويأمر به، ويعلمه لأصحابه.
وأمَّا قول: وكان عبد الله يكتبها في صك ويعلقها لمن لم يعقل من ولده فلم يؤثر عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يفعل هذا، ولم يُعَلِّم أحدًا من أصحابه، ولم يجمع الصحابة على فعله، وخصوصًا كان عليه السَّلام حريصا كل الحرص على ما ينفع المسلمين في دينهم ودنياهم، ولو كان هذا جائزًا لأمرهم به عليه السَّلام لتعم الفائدة، أو عمل هو ليقتدوا به، وهذا لم يحصل.
ولا دليل لمن يقول: إنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لم ينه الصحابي عن عمله هذا ؛ فلا إثبات عندنا بأنَّ هذا بلغ النَّبيَّ وعلم به، وعلى فرض جوازها، فإنَّنَا إن أبحنا للنَّاس التعليق بشروطها بأن تغلف، وتمنع من القاذورات والنجس؛ فإنَّ هذه الشروط إذا حافظ عليها بعض الناس فلا يحافظ عليها البعض الآخر.
وغير هذا وذاك لا يخفى على فضيلتكم بأنَّ هذا ذريعة إلى ما هو أكبر منه، وهو الشِّرْك بالله سبحانه وتعالى بتعليق ما يكتبه الدجالون من أنواع التمائم، ويعلقونه من الفسوخ والخرز ورجل الفرخة، وقطعة من حبرة الكاشاني، وغيرها، مما يتفتت منه قلب المؤمن العارف بالله حق المعرفة، والتي إذا أمعن فيها الإنسان، وقاس عمل الناس هذا بما كان يفعل في الجاهلية، حين استحوذ عليهم الشيطان، وأنساهم ذكر الله، وصرفهم إلى عبادته، إذا قورن هذا بعمل أولئك؛ لتبيَّن أنَّهم سواء، ولتبين أنَّ النَّاس رجعوا إلى الجاهلية الأولى من حيث لا يشعرون، هذا رغم أنف أشباه العامة ممن ينسبون إلى العلم ويزينون للنَّاس الباطل في صورة الحق.
فجدير بالمؤمن الحق، وبمَنْ يدعو إلى السُّنَّة، ويكرس نفسه على الدعوة بالتمسك بالقرآن وسنة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وخصوصًا فضيلة الأستاذ الشَّاذلي، الذي ظهر من مقامه هذا أنَّه ممن يدعون إلى السُّنَّة، وبمجلة الإخوان المسلمين، وبأعضائها الكرام، الذين يبذلون جهد المستطاع في نشر السُّنَّة، وأن تكون كلمة الله هي العليا، وما دونها السفلى. فحري بنا جميعًا ألا نفتح للنَّاس أبواب الذرائع، ويجب علينا أن نصرفهم على الدوام إلى ما صَحَّ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بسند صحيح، لا عوج فيه ولا خلاف.
م. ع. القاضي
بجماعة أنصار السنة المحمدية
وقد أجاب فضيلة الأستاذ الشيخ إبراهيم الخليل بما يأتي:
أطلعني أخي في الله تعالى فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين على ما رَدَّ به علينا الأستاذ القاضي من جماعة أنصار السنة.
وأنا لا أعرف في المسلمين جميعًا واحدًا عدوًا للسنة، يخذلها بلسانه وقلبه معًا، وإنِّي أشكر للأستاذ القاضي حُسْن الظن بنا، على ما أضفى علينا من عبارات تقدير وإقرار، فإنَّمَا أسأل الله لي وله التسديد والتوفيق لصالح العمل .
وقد كنتُ أتمنى من قلبي أن يقول أخي شيئًا جديدًا يحملني على كتابة شيء جديد إليه ؛ فإنِّي لأقرأ له -أثابه الله- فلا أجد غير ما كتبتُ أنا أولًا فأتهم نفسي وأقرأ، عسى أن يكون قد دلَّ على ناحية لم نصرِّح فيها، أو يحتملها ويشملها التلويح، فلم أظفر إلا بنقاط عَجَّل أخي الأستاذ، فزعم أنَّنِي لم أشر إليها، أو كأنَّه اشتبه عليه رأيي فيها، وهو لذلك يستحق الشكر مرة أخرى على إخلاصه وغيرته.
فأمَّا رأي ابن المسيِّب الذي سقته في مقالي ولم يرق الأستاذ، فإنِّي أحب أن أنبه أخي إلى أنَّ سعيدًا هذا كان سابع سبعة الأئمة الأعلام بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأنَّ عبد الله بن عمر رضى الله عنه أحال عليه الفتوى، وشهد له بالثقة، وأنَّ سعيدًا فيما وصل إلينا من تاريخه: ثقةٌ، ثبتٌ، منيبٌ إلى الله، حبيبٌ إلى رسوله، قريب عهد بنضرة الملة، ونضارة الإسلام، فلم يكن صاحب كل تلك الخلال بنزَّاع إلى الهوى، ولا بمؤسس في الابتداع، فهو من ناحية نشأته وخلقه إذن ثقة، ومن ناحية استنتاجه فعمل صحيح، لمن كان له بعلم الأصول دراية وتحقيق، ولا أعرف من أهل الظاهر ولا طوائف الإشارة من اختلف على قواعد الاستنتاج في أصلها، بعد توفيتها شرائطها، مما يحتمله السياق، ولم يخالف أصلًا مقررًا، ولم ينسخ بتشريع جديد، والأقيسة في الدين على ذلك جمة، يطول الإتيان عليها في مثل هذا المقام الصغير.
ولقد نبهتُ في إيرادي حديث جابر، من رواية مسلم، في إباحة الرُّقْية، أنَّ النَّبيَّ ص لم يقيد النفع، ولا فعله بقيد على حين قال: «مَنْ استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل».
قلنا: والإطلاق يفيد جواز ما يحتمله السِّياق، مما لم يدفع أو ينسخ.
ثُمَّ أليس ما جاء في الصحاح من أنَّه ص كان يتلو ويتفل ويمسح نفسه؛ معناه أنَّ الدهان بالرقى جائزة؟!، إذن ما الفرق المعنوي بين المسح والدهن!! أليس هما شيئًا يُجرى به على الجسد ؟!.
وأليس ما رواه الترمذي، وأبو داود، عن عمرو بن شعيب من أنَّه كان يكتب ما عَلَّمَه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بها لبعض بنيه، وتعليقه عليه، أليس هو تشريع في جواز تعليق التمائم ؟!.
ولا يدفع هذا بأنَّه لم يؤثر فيه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قول أو فعل، فالسُّنَّة الإقرارية كالسُّنَّة القولية والفعلية سواء بسواء، ولم يرد أنَّ النَّبيَّ نهاه، ولا أنَّ صحابيًا واحدًا أنكر عليه، وأنتم تعلمون أنَّ الصحابة كانوا من الحرص على السُّنَّة بالمقام الأول، وكانت تتراءى بينهم أخبار بعض، فما احتملته السُّنَّة حملوه، أو لا تحتمله يسألون فيه.
وإذا قلنا: إنه عمل فردي فسكوت الصحابة عليه إجماع إقراري، لا محيص منه، ووصوله إلينا بدون إنكار إمام أو جماعة من أهل الثقة عليه دليل آخر من الجواز، وإلا فقد كان هذا الصحابي مبتدعًا مستبدًا، ونحن نعوذ بالله أن نظن ذلك به، وإنما نأخذ عمله نهجًا طيبًا، كما نأخذ عمل غيره من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم .
وأمَّا إنَّها ذريعة: فإنَّا إذا جرَّدنا الحقائق من العواطف وجدنا في كل منها ذريعة تكبر أو تصغر([1])، وإنَّما تدفع الذرائع أبدًا بالتحديد في التشريع، وقد حدَّدْنَا فلا بأس علينا، والإثم على من اصطنع وحده، أمَّا نحن فقد كتبنا بإحكام ودقة، وخوف من الله ورسوله، وكشفنا النَّاس على الحقائق، كما كشفنا الحقائق على النَّاس، بشروطها وحدودها، ولم نشأ أن نقبر سُنَّة في سد ذريعة موهومة، بل وضعنا الحد الفاصل بين الحق والباطل، وقلنا: (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، فهذا شرك عظيم، وهذا شرع كريم !! .
قلنا: وقد نقل القاضي عياض الإجماع على جواز الرَّقْي بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فهل الإجماع وهو أصل في الدين أصبح لا يعمل به؟ أم يعمل به فقط إذا وافق هوى ؟!.
وهذه كتب الفروع (متونًا، وشروحًا، وحواشي، وتقارير) في المذاهب الأربعة، مجمعة على جواز الرقى بكل أنواعها إلا أن تكون كفرًا أو سحرًا، وبشرائطها التي ألمعنا إليها.
وفي المدخل لابن الحاج: أنَّه لا بأس بكتابة الحروز لصغار المسلمين وكبارهم، وكذا ... إلخ.
وقال في موضع آخر: «ولا بأس بالتداوي بالنُّشرة: تكتب في ورق أو إناء نظيف سورة، أو سور، مثل آيات الشِّفَاء»، ثُمَّ قال: «وما زال الأشياخ من الأكابر رحمة الله عليهم يكتبون الآيات من القرآن والأدعية ؛ فيسقونها لمرضاهم، ويجدون العافية عليها».
وقد أشار خليل([2]) في مختصره لجواز حمل الحروز الشَّرعية فقال: «وحرز بساتر وإن لحائض».
والقاعدة عند الإمام سعيد : «أنَّ ما ينفع لم ينه عنه» ، وفي «رد
المحتار» لابن عابدين: جواز حمل الحروز وكتابتها، وأنَّ حديث أحمد والحاكم محمول على تمائم الجاهلية، بخرزات تُعلَّق، كانوا يتقون بها العين بزعمهم، وذلك فعل أهل الشرك، وليس من فعلهم كتابة آيات الله، ولا أسمائه، ولا أدعيته، فالقياس مع الفارق البعيد.
وفي «الفتح» للشنقيطي: أن حامل الحروز الشَّرعية لم يخالف الأكمل، قال: «والاستدلال على منعها باطل، لا يتجرأ عليه إلا الجاهل بمحامل الأحاديث، لقصور باعه، وعدم اطلاعه».
وقال في موضع آخر منه: «وظاهر الأحاديث دالًا بالصراحة على الجواز مطلقًا، سواء كان ذلك كتابة للحمل، أو الشرب، أو الغسل، أو مسح البدن بالغسالة...» إلخ.
قلنا : وعليه شُرِبَ من بول المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ودمه ، وغسل بماء وضوئه... إلخ([3]) (وكل ذلك ثابت بصحيح الحديث).
قال صاحب «الفتح»: «وحمل الأحاديث الواردة فيها -أي أنواع الرقية الجاهلية- على الرَّقْي بكتاب الله وأسمائه قريب من الردَّة» إلى أن قال: «وهذا كفر واضح، وجهل فاحش فاضح، وكُلُّ مَنْ أجاز ممن ذكرنا ومَنْ لم نذكر حمل الحروز الشَّرعية للإنسان أجازها للحيوان».
وبعد:
فإنَّا كتبنا لأخينا السيد القاضي ما كتبنا هنا ابتداءً أو تعليقًا، أو نقلًا، وليس في أنفسنا إلا الوصول إلى الحق من أيِّ طريق نبيل، ويحسن بنا أن ننبه أخانا السني الصالح إلى أنَّنَا ما عمدنا إلى نقل من النقول عليه خلاف، وقد كان في محامل الأحاديث النبوية غنية لنا عن اللجوء إلى سواها، لولا أنَّنَا رغبنا في اطلاع أخانا على بعض نصوص الأئمة، وإن كنت أرى أنه ليس بعد قول الرسول صلى الله عليه وسلم مقال.
وفي الموضوع أحاديث قلتُ: إنَّها كثيرة، وقد يظن فيها التضارب، ولا تضارب أبدًا.
ويلحق بهذا الموضوع موضوع «العين» وما جاء فيها، ونرجو أن نوفيه حَقَّه إن شاء الله.
غير أنَّه يسرني أن أظهر أخي السيد القاضي على أنَّ في البلد شرورًا هَدَّامة، ومصائب تتقطع من أجلها النياط، وتخجل لها الرجولة والحمية، تلك أحق بالجهاد، وأولى بالحرب والمقاتلة، أمَّا شئون من الدِّين لها وجهها، نختلف عليها، وندع المقتل للعدو المستيقظ، فذلك شين معيب.
هذه فصول تُعَالَج بسهولة -يا سيدي الأخ الصالح-، وهي في طبقة على جهلها أثبت في اليقين مما فوقها من الطبقات التي يفترض أن تعلن عليها الحرب في أول الفرص، لقد صرفتنا الخلافات في الفروع إلى التناحر والحقد والتفريق، وحسبنا على قلتنا بلاءً أن نذهب أحزابًا وشيعًا، كُلٌّ بما لديهم فرحون، في توافه لا تمس العقيدة.
أقول هذا، وأستغفر الله وأتوب إليه.
إبراهيم الخليل بقايتباي([4])
([1]) فزراعة العنب باب للخمر، والتجاور في البيوت باب للزنا، والتجارة باب لنقل الكيل والميزان ... إلخ.
([3]) كما تبركوا بحمل شعره، وثوبه، كما هو ثابت في الصحاح، ونقله الشاطبي في «الاعتصام»، وهذه لا محالة حروز لم ينههم الرسول عنها، فهل كفى أخانا السني الصالح ذلك؟، وقد نقل الشعراني في الطبقات عن الربيع أنَّ الشافعي كان يتبرك بغسالة ثوب الإمام أحمد فماذا بقي علينا من اعتراض؟!.
([4]) الإمام العارف بالله، القطب المكتوم، والوارث المحمدي المحجب، الشيخ إبراهيم الخليل ابن علي الشاذلي، ومن ألقابه (خليل الله)، هو والد فضيلة الإمام الشيخ محمد زكي
الدين بن إبراهيم الخليل بن علي الشاذلي مؤلف هذه الرسالة ولد في يوم عاشورا من المحرم 1299هـ، وتوفي في طريقه إلى صلاة ضحى ثاني يوم أحد من جمادى الأولى الموافق 12 من سنة 1365هـ .
وقد كان رحمه الله صوفيًا حقيقيًا، زاهدًا عابدًا داعيًا إلى الله بكل ما يملك من مال وصحة، وعلم وخلق رفيع في تواضع جم وحياء بالغ وزهد حقيقي واقعي فيما كان يستميت عليه غيره من رجال الأزهر ومشايخ الطرق، وقد قصده الناس من أطراف مصر والبلاد العربية والإسلامية، أفرادًا وجماعات ليروا بقية السَّلف الصالح، بكل ما يتصوره أهل العلم والعرفان.
وكان يخفي كراماته، ويمنع تلاميذه من الحديث عما منحه الله من الأسرار والغيوب، ودقائق العلم والمعرفة.
وكان شاعرًا قليل الشعر، كثير الفائدة، وكتابه الباقي الآن هو (المرجع) الذي شرح فيه بغاية التركيز والاختصار مذهبه في التصوف الحق الواعي الراشد، وبعض ما كتبه في صحف ومجلات عصره.
وكان قليل الكلام، كثير تلاوة القرآن، ما رؤي إلا مصليًا أو ذاكرًا أو تاليًا للقرآن أو معلمًا للإخوان، أو خادمًا لزواره، كما كانت داره نزلًا لكل غريب، وبيتًا لطلاب العلم، وملجأ لذوي الحاجات، بما أكرمه الله من مال وجاه عن مريديه، رغم أنه كان ملازمًا معتكفه، بملحق مسج المشايخ بقايتباي، نفع الله به العباد والبلاد، ورضي الله عنه وأرضاه. «وترجمته كاملة في كتاب البيت المحمدي».