ينبغي للفقير إذا رجع من السفر أن يستعيذ بالله تعالى من آفات المقام، كما يستعيذ به من وعثاء السفر.
ومن الدعاء المأثور: «اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال والولد»، وإذا أشرف على بلدٍ يريد المقام بها يشير بالسلام على من بها من الأحياء والأموات، ويقرأ من القرآن ما تيسر، ويجعله هدية للأحياء والأموات، ويكبر.
فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قَفَل من غزو أو حج يكبر على كل شَرَفٍ من الأرض ثلاث مرات، ويقول: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ، عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ».
ويقول إذا رأى البلد: «اللهم اجعل لنا بها قرارًا، ورزقا حسنًا». ولو اغتسل كان حسنًا اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث اغتسل لدخول مكة.
(ورُوِي) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا رجع من طلب الأحزاب ونزل المدينة نزع لأمته واغتسل واستحم وإلا فليجدد الوضوء، ويتنظف ويتطيب، ويستعد للقاء الإخوان بذلك، وينوي التبرك بمن هنالك من الأحياء والأموات ويزورهم.
(رَوَى) أبو هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خَرَجَ رَجُلٌ يَزُورُ أَخًا لَهُ فِي اللهِ، فَأَرْصَدَ اللهُ بِمَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، وَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أزور فُلَانًا، قال: لِقَرَابَةٍ؟ قَالَ: لَا، قال: لِنِعْمَةٍ لَهُ عِنْدَكَ تشكرها؟ قَالَ: لَا، قال: فِيمَ تزوره؟ قَالَ: إِنِّي أُحِبُّهُ فِي اللهِ، قال: فَإِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكَ بِأَنَّهُ يُحِبُّكَ بِحُبِّكَ إِيَّاهُ».
وروى أبو هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِذَا عَادَ الرجل أَخَاهُ أَوْ زَارَهُ في الله قَالَ اللهُ له: طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ، ويتبوأ من الْجَنَّةِ مَنْزِلًا».
(ورُوِي) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كنت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا؛ فَإِنَّها تذكر الآخرة». فيحصل للفقير فائدة الأحياء والأموات بذلك، فإذا دخل البلد يبتدئ بمسجد من المساجد يصلي فيه ركعتين، فإن قصد الجامع كان أكمل وأفضل، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم دخل المسجد أولًا، وصلى ركعتين ثم دخل البيت. والرباط للفقير بمنزلة البيت، ثم يقصد الرباط، فقصده الرباط من السنة على ما رويناه عن طلحة رضى الله عنه، قال: «كان الرجل إذا قدم المدينة وكان له بها عريف ينزل على عريفه، وإن لم يكن له بها عريف نزل الصُّفَّة، فكنت ممن أنزل الصُّفَّة»، فإذا دخل الرباط يمضي إلى الموضع الذي يريد نزع الخف فيه، فيحل وسطه، وهو قائم، ثم يخرج الخريطة بيساره من كمه اليسار، ويحل رأس الخريطة باليمين، ويخرج المداس باليسار، ثم يضع المداس على الأرض، ويأخذ الميانبند ويلقيها في وسط الخريطة، ثم ينزع خفه اليسار، فإن كان على الوضوء يغسل قدميه بعد نزع الخف من تراب الطريق والعرق، وإذا قدم على السجادة يطوي السجادة من جانب اليسار، ويمسح قدميه بما انطوى، ثم يستقبل القبلة ويصلي ركعتين ثم يسلم، ويحفظ القدم أن يطأ بها موضع السجود من السجادة، وهذه الرسوم الظاهرة التي استحسنها بعض الصوفية لا يُنْكَر على من يتقيد بها؛ لأنه من استحسان الشيوخ، ونيتهم الظاهرة في ذلك تقييد المريد في كل شيء بهيئة مخصوصة؛ ليكون أبدًا متفقدًا لحركاته غير قادم على حركة بغير قصد وعزيمة وأدب، ومن أخل من الفقراء بشيء من ذلك لا يُنْكَر عليه ما لم يخل بواجب أو مندوب؛ لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تقيدوا بكثير من رسوم المتصوفة.
وكون الشبان يطالبون الوارد عليهم بهذه الرسوم -من غير نظر لهم إلى النية في الأشياء- غلط، فلعل الفقير يدخل الرباط غير مشمر أكمامه، وقد كان في السفر لم يشمر الأكمام، فينبه ألَّا يتعاطى ذلك لنظر الخلق؛ حيث لم يخل بمندوب إليه شرعًا، وكون الآخر يشمر الأكمام يقيس ذلك على شد الوسط، وشد الوسط من السنة، كما ذكرنا من شد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أوساطهم في سفرهم بين المدينة ومكة، فتشمير الأكمام في معناه من الخفة والارتفاق به في المشي، فمن كان مشدود الوسط مشمرًا يدخل الرباط كذلك، ومن لم يكن في السفر مشدود الوسط أو كان راكبًا لم يشد وسطه، فمن الصدق أن يدخل كذلك، ولا يتعمد شد الوسط وتشمير الأكمام لنظر الخلق؛ فإنه تكلف ونظر إلى الخلق، ومبنى التصوف على الصدق وسقوط نظر الخلق، ومما يُنْكَر على المتصوفة أنهم إذا دخلوا الرباط لا يبتدءون بالسلام، ويقول المنكر: هذا خلاف المندوب، ولا ينبغي للمنكر أن يبادر إلى الإنكار دون أن يعلم مقاصدهم فيما اعتمدوه، وتركهم السلام يحتمل وجوهًا؛ أحدها أن السلام اسم من أسماء الله تعالى.
وقد روى عبد الله بن عمر قال: مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى كاد الرجل أن يتوارى، فضرب يده على الحائط ومسح بها وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى فمسح بها ذراعيه، ثم رد على الرجل السلام وقال: «إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ إِلَّا أَنِّي لَمْ أَكُنْ عَلَى طُهْرٍ». وروي أنه لم يَرُدَّ عليه حتى توضأ ثم اعتذر إليه، وقال: «إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللهَ تعالى إِلَّا عَلَى طُهْرٍ».
وقد يكون جمع من الفقراء مصطحبين في السفر، وقد يتفق لأحدهم حَدَثٌ فلو سلم المتوضئ، وأمسك المحدث ظهر حاله فيترك السلام حتى يتوضأ من يتوضأ، ويغسل قدمه من يغسل سترًا للحال على من أحدث حتى يكون سلامهم على الطهارة اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد يكون بعض المقيمين أيضًا على غير طهارة، فيستعد لجواب السلام -أيضًا- بالطهارة؛ لأن السلام اسم من أسماء الله تعالى، وهذا من أحسن ما يذكر من الوجوه في ذلك، ومنها أنه إذا قدم يعانقه الإخوان، وقد يكون معه من آثار السفر والطريق ما يكره، فيستعد بالوضوء والنظافة، ثم يسلم ويعانقهم، ومنها أن جمع الرباط أرباب مراقبة وأحوال، فلو هجم عليهم بالسلام قد ينزعج منه مراقب، ويتشوش محافظ، والسلام يتقدمه استئناس بدخوله، واشتغاله بغسل القدم والوضوء وصلاة ركعتين، فيتأهب الجمع له كما يتأهب لهم بعد مسابقة الاستئناس، وقد قال الله تعالى: ﴿حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ [النور: 27]، واستئناسُ كل قوم على ما يليق بحالهم.
ومنها أنه لم يدخل على غير بيته، ولا هو بغريب منهم، بل هم إخوانه، والألفة بالنسبة المعنوية الجامعة لهم في طريق واحد، والمنزل منزلُه، والموضع موضُعه، فيرى البركة في استفتاح المنزل بمعاملة الله قبل معاملة الخلق، وكما يُمَهِّد عذرهم في ترك السلامِ ينبغي لهم ألَّا ينكروا على من يدخل ويبتدئ بالسلام، فكما أن من ترك السلام له نية، فالذي سَلَّم له أيضًا نية.
وللقوم آداب ورد بها الشرع، ومنها آداب استحسنها شيوخهم، فمما ورد به الشرع ما ذكرنا من شد الوسط، والعصا، والرِّكوة، والابتداء باليمين في لبس الخُفِّ وفي نزعه باليسار.
(روى) أبو هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا انتعلتم فابدءوا باليمين، وإذا خلعتم فابدءوا باليسار، أو اخلعهما جميعًا، أو انعلهما جميعًا».
(روى) جابر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخلع اليسرى قبل اليمنى، ويلبس اليمنى قبل اليسرى.
وبسط السجادة وردت به السنة -وقد ذكرناه- وكون أحدهم لا يقعد على سجادة الآخر مشروع ومسنون، وقد ورد في حديث طويل: «لا يُؤَمُّ الرجل في سلطانه ولا في أهله، ولا يُجْلَس على تكرمته إلا بإذنه»، وإذا سلم على الإخوان يعانقهم ويعانقونه، فقد روى جابر بن عبد الله قال: لما قدم جعفرٌ من أرض الحبشة عانقه النبي صلى الله عليه وسلم، وإن قَبَّلَهم فلا بأس بذلك.
(روي) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم جعفر قَبَّل بين عينيه، وقال: «ما أنا بفتح خيبر أَسَر مني بقدوم جعفر». ويصافح إخوانه، فقد قال عليه السلام: «قُبْلَةُ المسلم أخاه المصافحة». (وروى) أنس بن مالك قال: قيل: يا رسول الله، الرجل يلقى صديقه وأخاه ينحني له؟ قال: «لا». قيل: يلزمه ويُقَبِّله؟ قال: «لا». قيل: فيصافحه؟ قال:«نعم». ويستحب للفقراء المقيمين في الرباط أن يَتَلَقَّوُا الفقراء بالترحيب.
(روى) عكرمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جئته: «مرحبًا بالراكب المهاجر». مرتين. وإن قاموا إليه فلا بأس وهو مسنون.
(رُوي) عنه عليه السلام أنه قام لجعفر يوم قدومه.
ويستحب للخادم أن يقدم له الطعام، (روى) لَقِيط بن صُبْرة قال: وَفَدْنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نصادفه في منزله، وصادفنا عائشة -رضي الله عنها- فأمرت لنا بالحريرة، فصُنِعت لنا، وأُتِينا بقِنَاعٍ فيه تمر -والقناع: الطبق- فأكلنا، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أصبتم شيئًا؟». قلنا: نعم، يا رسول الله.
ويستحب للقادم أن يقدم للفقراء شيئًا لحق القدوم، (ورد) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة نحر جزورًا، وكراهيتهم لقدوم القادم بعد العصر وجْهُه من السنة منعُ النبي صلى الله عليه وسلم عن طروق الليل، والصوفية بعد العصر يستعدون لاستقبال الليل بالطهارة والانكباب على الأذكار والاستغفار.
(روى) جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قدم أحدكم من سفر فلا يَطْرُقنَّ أهله ليلًا».
(وروى) كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقدم من السفر إلا نهارًا في الضحى، فيستحبون القدوم في أول النهار، فإن فات من أول النهار، فقد يتفق تعويقُ من ضَعُفَ بعضهم في المشي أو غير ذلك، فيعذر الفقير بقية النهار إلى العصر لاحتمال التعويق، فإذا صار العصر ينسب إلى تقصيره في الاهتمام بالسنة وقدوم أول النهار؛ فإنهم يكرهون الدخول بعد العصر، والله أعلم.
فإذا صار العصر يؤخر القدوم إلى الغد؛ ليكون عاملًا بالسنة للقدوم ضحوةً، وأيضًا فيه معنى آخر وهو أن الصلاة بعد العصر مكروهةٌ.
ومن الأدب أن يصلي القادم ركعتين، فلذلك يكرهون القدوم بعد صلاة العصر، وقد يكون من الفقراء القادمين من يكون قليل الدراية بدخول الرباط، ويناله دهشةٌ، فمن السنة التقرب إليه والتودد وطلاقة الوجه حتى ينبسط، وتذهب عنه الدهشة ففي ذلك فضل كثير.
(روى) أبو رفاعة قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب، فقلت: يا رسول الله، رجل غريب جاء يسأل عن دينه، لا يدري ما دينُه، قال: فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم عَلَيَّ وترك خطبته، ثم أُتِي بكرسي قوائمه من حديد فقعد رسول الله، ثم جعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته وأتم آخرها، فأحسنُ أخلاق الفقراء الرفقُ بالمسلمين، واحتمالُ المكروه من المسموع والمرئي، وقد يدخل فقيرٌ بعض الربط ويخل بشيء من مراسم المتصوفة، فيُنْهَر ويُخْرج، وهذا خطأ كبير، فقد يكون خلقًا من الصالحين والأولياء لا يعرفون هذا الترسم الظاهر، ويقصدون الرباط بنية صالحة، فإذا استقبلوه بالمكروه يخشى أن تتشوش بواطنهم من الأذى، ويدخل على المنكر عليه ضرر في دينه ودنياه، فليحذر ذلك، وينظر إلى أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان يعتمده مع الخلق من المداراة والرفق.
وقد صح أن أعرابيًّا دخل المسجد وبال، فأمر النبي عليه السلام حتى أُتِيَ بِذَنُوبٍ فَصُبَّ على ذلك، ولم ينهر الأعرابي، بل رَفَقَ به، وعرفه الواجب بالرفق واللين، والفظاظة والتغليظ والتسلط على المسلمين بالقول والفعل من النفوس الخبيثة، وهو ضد حال المتصوفة.
ومن دخل الرباط ممن لا يصلح للمقام به رأسًا يُصْرَف من الموضع على ألطف وجه، بعد أن يُقَدَّم له طعامٌ، ويُحَسَّن له الكلام، فهذا الذي يليق بسكان الرباط، وما يعتمده الفقراء من تغميز القادم فخلقٌ حسنٌ ومعاملةٌ صالحةٌ وردت به السنةُ.
روى عمر رضى الله عنه قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغلام له حبشي يغمز ظهره، فقلت: يا رسول الله، ما شأنك؟ فقال: «إن الناقة اقتحمت بي». فقد يحسن الرضا بذلك ممن يُغْمَزُ في وقت تَعَبِه وقدومه من السفر، فأما من يتخذ ذلك عادة ويحب التغميز، ويستجلب به النوم ويساكنه حتى لا يفوته، فلا يليق بحال الفقراء، وإن كان في الشرع جائزًا، وكان بعض الفقراء إذا استرسل في الغمز واستلذه واستدعاه يحتلم، فيرى ذلك الاحتلام عقوبةَ استرساله في التغميز، ولأرباب العزائم أمور لا يسعهم فيها الركون إلى الرخص.
ومن آداب الفقير إذا استقر وقعد بعد قدومه ألَّا يبتدئ بالكلام دون أن يُسْأَل، ويستحب أن يمكث ثلاثة أيام لا يقصد زيارةً ومشهدًا أو غير ذلك مما هو مقصوده من المدينة حتى يُذْهِبَ عنه وعثاءَ السفر، ويعود باطنه إلى هيئته، فقد يكون بالسفر وعوارضه تغير باطنه وتكدر حتى تجتمع في الثلاثة الأيام همتُه، وينصلح باطنُه، ويستعد للقاء المشايخ والزيارات بتنوير الباطن؛ فإن باطنه إذا كان منورًا يستوفي حظه من الخير من كل شيخ وأخٍ يزورُه، (وقد) كنت أسمع شيخنا يوصي الأصحاب، ويقول: لا تكلموا أهل هذا الطريق إلا في أصفى أوقاتكم، وهذا فيه فائدةٌ كبيرة؛ فإن نور الكلام على قدر نور القلب، ونور السمع على قدر نور القلب، فإذا دخل على شيخ أو أخ وزاره ينبغي أن يستأذنه إذا أراد الانصراف، فقد روى عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا زار أحدكم أخاه فجلس عنده فلا يقومن حتى يستأذنه».
وإن نوى أن يقيم أيامًا وفي وقته سعة ولنفسه إلى البطالة وترك العمل تشوفٌ بطلب خدمة يقوم بها، وإن كان دائم العمل لربه فكفى بالعبادة شغلًا؛ لأن الخدمة لأهل العبادة تقوم مقام العبادة، ولا يخرج من الرباط إلا بإذن المتقدِّم فيه، ولا يفعل شيئًا دون أن يأخذ رأيه فيه، فهذه جملُ أعمالٍ يعتمدها الصوفية وأرباب الربط، والله تعالى بفضله يزيدهم توفيقًا وتأديبًا.