[2]
سيدي عبد السلام بن مشيش([1])
(... – 622)
قطبُ دائرة المحققين، أستاذُ أهل المشارق والمغارب، وسندُ الواصلين إلى أنجح المطالب، سيدنا ومولانا عبد السلام ابن سيدنا مَشيش ابن سيدنا أبي بكر الحسني الإدريسي.
كان رضى الله عنه قطبَ الوجود، وبقية أهل الشهود، الغوث الفرد، الجامع لأسرار المعاني، غوث الأمة، وسراج الملّة، صاحب العلوم اللدنية، والمعارف الربانية، الجامع بين علم الشريعة والحقيقة، لم تطلع الشمسُ على مثله في زمنه.
له كراماتٌ وخوارق لا تدخل تحت حصرٍ، منها: أنه يوم ولادته سمع سيدي عبدُ القادر الجيلاني رضي الله عنه ونفعنا به آمين، هاتفًا يقول: يا عبد القادر، ارفع رجلك عن أهل المغرب، فإنَّ قطبَ المغرب قد ولد في هذا اليوم، فتمشى الأستاذ عبد القادر إلى جبل الأعلام بالمغرب، حيث مولد سيدي عبد السلام، وأتى إلى أبيه سيدي مَشيش، وقال له: أخرجِ لي ولدك. فخرّجَ له أحدَ أولاده، فقال له: ما هذا أريد. فأخرج له أولادَه كلهم، وقال له: ما بقي إلا ولدٌ واحد ولد في هذا اليوم. فقال له سيدي عبد القادر: عليَّ به؛ فهو الذي أُريده. فأخرجه سيدي مَشيش، فأخذه سيدي عبد القادر، ومسحَ عليه، ودعا له.
وكان رضى الله عنه إذا أهلَّ هلال رمضان يمتنعُ عن ثدي أمه، فإذا أذن المغربُ قاربه، وارتضع منه.
ويكفيك في فضله أنَه أستاذُ الأقطاب الثلاثة: سيدي إبراهيم الدُّسوقي، وسيدي أحمد البدوي، وسيدي أبي الحسن الشاذلي رحمهم الله.
توفي رضى الله عنه شهيدًا قتله ابن أبي الطواجن، ودفن بموضعه بجبل الأعلام بثغر تطوان، وبُني عليه مقامٌ، وضريحٌ، وقبة قصيرة.
ومقامُه من الأماكن التي يُستجاب عندها الدعاء، وهذا ممَّا لا شكَّ فيه، وقد جرَّب ذلك غيرُ واحدٍ، ومقامه في أرضِ المغرب، كمقام الشافعيِّ بمصر، وفيه يقول القائل:
اطلب بسرِّ ابن مَشيش ما تُريد |
* | تَنَلْه وإن كان عنكَ بعيد |
وكان رضى الله عنه يقول: من زارَ قبري حرَّم الله جسده على النار.
اللهم انفعنا بمحبَّته، وأمتنا على حبّه وأثره آمين.
([1]) عبد السلام بن مشيش بن أبي بكر (منصور) بن علي (أو إبراهيم) الإدريسي الحسني، أبو محمد: ناسك مغربي، اشتهر برسالة له تدعى «الصلاة المشيشية» شرحها كثيرون، ولد في جبل العلم بثغر تطوان، وقتل فيه شهيدًا سنة 622هـ. قتلته جماعة بعثهم رجل يدعى ابن أبي الطواجين الكتامي (ساحر متنبئ) ودفن بقبة الجبل المذكور. [«الأعلام» (4/9)].